مع قدوم صباح يوم الخميس ٢ يناير ٢٠١٩، في الهواء البارد والمظلم، وبعد انتشار خبر نفوق الحرسي قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، خرج الشعب العراقي إلى الشوارع، وانتشرت موجة من الفرح والسرور في جميع أنحاء العراق. وحظيت مقاطع الفيديو وصور الاحتفال والسرور الظاهرة على وجوه المعتصمين العراقيين في ميدان التحرير اهتمام وسائل الإعلام الإخبارية. في إيران أيضاً، عمت الاحتفالات جميع أنحاء البلاد بعد انتشار خبر مقتل سليماني، لكن حدة القمع والكبت كانت شديدة للغاية لدرجة لم يستطع الشعب التعبير حتى عن سعادتهم وسرورهم للأسف. ورغم ذلك، ملأ الشبان الإيرانيون والنشطاء، الفضاء الافتراضي بالتباريك والتهنئة والسرور، واحتفل كذلك الشعب في المدن المختلفة بمقتل الجلاد سليماني، ووزعوا الحلوى سراً، ونشروا فعالياتهم على شبكات التواصل الاجتماعي. وعلى وجه السرعة، تدفق الإيرانيون المقيمون خارج البلاد خلال أيام الجمعة والسبت إلى شوارع المدن المختلفة، بما في ذلك، باريس، وبرلين، لندن، استوكهولم، يتوبري، أمستردام، أوتاوا، تورنتو، والعديد من المدن الأوروبية، وتجمعوا في مراكز المدن المزدحمة مهللين ومحتفلين، وتم التعبير أيضاً عن هذا السرور والفرح في بعض المدن من خلال إشعال أضواء السيارات، والتزمير والتجول في شوارع هذه المدن. بالإضافة لذلك، قدم الأهالي في مختلف المدن السورية ذبائح وقرابين كثيرة فرحاً واحتفالاً بهلاك قاسم سليماني، وقاموا بتوزيع الحلوى، وفي حالة مثيرة للاهتمام قام مواطن سوري بتوزيع الحلوى في شارع الشانزيليزيه الفرنسي بين المارة بهذه المناسبة. في سورية كما في بقية بلدان المنطقة، تحول موت هذا الجلاد، لموضع سخرية وضحك بين الشبان والمراهقين على الفضاء الافتراضي. كان السؤال: ماذا فعل قاسم سليماني، ليتحول موته لموضع فرح واحتفال وتهليل في إيران ودول الجوار؟
قاسم سليماني قبل ثورة عام 1979
ترك قاسم سليماني ذو الثلاثة عشر عاماً قرية رابر في كرمان بعد انتهاء مرحلة الخمس سنوات من المدرسة الابتدائية، وفي عام ١٩٧٤، بدأ عمله كمقاول في منظمة ماء كرمان. في البداية، لم يكن له أي تاريخ نضالي ضد نظام الشاه، وخلافاً للدعايات والأكاذيب التي كان يروجها الملالي عن تاريخه النضالي، لم يناضل قاسم سليماني البته ضد دكتاتورية الشاه.
بدء جرائم الجلاد
مع انتصار الثورة المناهضة للنظام الملكي، سرعان ما علم قاسم سليماني الحركة باتجاه هبوب الرياح، وانضم لقوات الحرس الإجرامية، وسعى لتعويض موضوع عدم وجود سجل نضالي لديه من خلال قمع المجاهدين الشبان والمناضلين في مدينة كرمان، وكانت ثورة كرمان خطوته الأولى على طريق “التقدم” في ارتداء ملابس قوات الحرس المشينة. من ثم نُقل إلى طهران، وقام على نطاق أوسع بقمع الشباب والثوريين في السنوات الأولى بعد الثورة، ثم أرسل إلى مهاباد لقتل وذبح المواطنين الأكراد.
من تجارة المخدرات إلى تجارة الدماء
مع انتهاء الحرب الإيرانية العراقية في عام 1988، نقل قاسم سليماني لقسم مكافحة المخدرات. وكما تقول وسائل الاعلام، حتى عام 1998، تولى سليماني عملية إنتاج وتوزيع المخدرات من أفغانستان حتى دول المنطقة وأفريقيا حتى أوروبا وأمريكا. كتبت صحيفة التايمز في عددها ١٧- ١١-٢٠١١، نقلاً عن مسؤولين استخباريين ودبلوماسيين سابقين في النظام، عن الدور المركزي لقوات الحرس في تهريب المخدرات: “الاتجار بالمخدرات يدر مليارات الدولارات سنويا لقوات الحرس”. تولت قوات الحرس عملية تهريب المخدرات، وفي تواطئ لها مع تاجر مخدرات كبير في المكسيك، سعوا لاغتيال السفير السعودي في واشنطن”. في عام ١٩٩٧، وفي أعقاب سقوط الحرسي وحيدي متزعم قوة القدس، فتح المجال على مصراعيه لقاسم سليماني، ووصل حينها لقيادة قوة القدس الإرهابية. منذ ذلك الحين، تلطخت يداه بشكل مباشر بدماء شعوب المنطقة، وبدأ بالتجارة في دماء الشبان والأطفال في العراق وسوريا ولبنان.
قتل الأطفال والجرائم في سوريا
إن إلقاء نظرة على صور الأطفال السوريين المذبوحين، الذين قتلوا على يد قوات حرس خامنئي وتحت إشراف وقيادة مباشرة من قاسم سليماني، مؤلم لدرجة لا يمكن تحملها وتصديقها بسهولة. صور أظهرت مستوى جديداً من الجرائم، وهزت العالم لفظاعتها. لقد أجرم قاسم سليماني، بأمر من خامنئي، بالثورة الديمقراطية للشعب السوري، بالتعاون مع بشار اسد المجرم، وذلك لحماية وإنشاء حكومة خامنئي العميلة في سوريا. قام قاسم سليماني بقتل مئات الآلاف من الشعب السوري الأعزل والأطفال الأبرياء، وشرد ملايين السوريين الآخرين، بغية حماية بشار اسد وحفظ العمق الاستراتيجي للنظام. كتبت صحيفة اللوموند في ٢٦ أبريل / نيسان ٢٠١١، واصفةً ما حدث في سوريا: “لقد أصبح القمع الآن مجزرةً ومذبحةً”.
قاسم سليماني – قتل الأطفال السوريين بالبراميل المتفجرة
قاتل الشبان العراقيين
بالتزامن مع ثورة وانتفاضة الشعب العراقي ضد النظام الفاسد والتدخلات الإرهابية لمرتزقة قاسم سليماني في العراق، هرع جلاد الشعب السوري إلى بغداد لتقديم خدماته في التدريب على القمع وقتل الشبان. كتبت وكالة أنباء أسوشيتيد برس في تقرير نشر لها يوم الأربعاء ٣٠ اكتوبر، أن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإرهابي، وصل للعراق بعد يوم واحد فقط من بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العراق. وكانت رؤية قاسم سليماني أمراً غير متوقعٍ بالنسبة للمسؤولين الأمنيين في العراق، الذين شاركوا في اجتماع أمني عقد بتمثيل من عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء العراقي. وقال مسؤولين أمنيين عراقيين اثنين، ممن شاركوا في الاجتماع مع قاسم سليماني، ورفضوا الكشف عن اسميهما، لوكالة أنباء أسوشيتد برس، أن قاسم سليماني قدم طريقة وأسلوب قمع الاحتجاجات للمسؤولين الأمنيين العراقيين المشاركين، في إشارة منه لأسلوب وطريقة قمع الاحتجاجات في إيران، وقال: “نحن نعلم ما هو الأسلوب الذي يجب أن نتبعه مع المحتجين في إيران. هذا الأمر حدث في إيران، وقد استطعنا السيطرة عليه”.
قاسم سليماني – إطلاق القنابل المسيلة للدموع المصنوعة في إيران على رأس الشبان العراقيين
منذ ذاك اليوم سالت فيه دماء مئات الشبان والأطفال العراقيين بأمر من قاسم سليماني، واستهدف الشبان الثوريون بشعاراتهم قاسم سليماني وخامنئي، ومراكز الفساد والقمع في العراق. هذه زاوية واحدة فقط من جرائم هذا الشخص البغيض. لذلك لم يكن من المستغرب انتشار هذه الأمواج من الفرح والسرور في جميع أنحاء إيران والعالم العربي، تزامناً مع وصول خبر نفوق قاسم سليماني. هذا انعكاس طبيعي للشعب الذي أُطلق هذا المجرم الرصاص على شبانهم، وذبح الآلاف والآلاف من أطفالهم.