تُعدَ الطاقة هي المحرك الأساسيوالعنصرالفعّال لكل نمو وتنمية، فهي العنصر الرئيسي لكافة قطاعات الاقتصاد، بينما يظهر أمام المدقق أن معظم الطاقة المستخدمة فيالعالم أجمع هي طاقة تقليدية وغير مستدامة. وعلى العكس من ذلك، فإن استهلاك الطاقة المتجددةكمصدر للطاقة يمكن أن يخفف من حِدّة المخاوف وتزايدها بشأن انبعاثات الغازاتالدفيئة، وارتفاع أسعار الطاقة.
وانطلاقًا من الدور الهام الذي تلعبه الطاقة الشمسية في مختلف المجالات بصفة عامة، والمجال الاقتصادي بصفة خاصة، ركّزتُاهتماميعلى دراستها وإعطائها الاهتمام والأولوية التي تليق بها كعمود من أعمدة الاقتصاد. وقد تطور هذا الاهتمام بما يكفي لوضع لون خاص بها يميزها عن غيرها من فروع علم الاقتصاد يُطلق عليه «الاقتصاد الأصفر» ، وللتعرف على جوانب هذا الفرع أو اللون الجديد من الاقتصاد، فإنه يمكن أن نتطرق إليه في عدة محاور يمكن توضيحها كالآتي:
مفهوم الاقتصاد الأصفر:
يمكن تعريف «الاقتصاد الأصفر» بأنه (الاقتصاد الذي يهتم بدراسة الطاقة الشمسية وكيفية الاستفادة منها لتحقيق التنمية المستدامة) لكونها تمثل «المصدرالرئيسي لمعظم مصادر الطاقة»، كما أنها مصدر مجاني وغير محدود للطاقة، علاوةًعلى أنها طاقة مأمونة المصدر ويمكن وصولها إلى المناطق النائية التي لا يمكن لأي مصدر آخر من مصادر الطاقة الأخرى الوصول إليه.
ولا يمكن احتكارها والسيطرة عليها كالوقود الأحفوري وعدم مساهمتها بأي شكل من الأشكال في حدوث التلوث البيئي، وذلك بهدف الحفاظ على حق الأجيال الحالية والقادمة في مجالات الطاقة غير المتجددة كالفحم، والبترول، والغاز الطبيعي، وجعل فترة الاستفادة من هذه الثروات طويلة الأمد وبطريقة مستدامة.
أهمية الاقتصاد الأصفر:
تتميز الطاقة الشمسية بخصائص عديدة تجعلها الأفضل مقارنة بجميع أنواع الطاقة الأخرى؛ فهي طاقة نظيفة وغير ملوِّثة للبيئة، بخلاف مصادر الطاقة الأخرى التي تُحدث انبعاثات ملوِّثة للبيئة، هذا بالإضافة إلى أنها تعتبر مصدرًا مجانيًّا للحصول على الطاقة التي لا تنضب.
ويتجلى الدور الأساسي للاقتصاد الأصفر المعتمد على الطاقة الشمسية في ضمان إمداد نظام التنميةالحالي بمصدر موثوق ومستدام للطاقة من خلال الاعتماد على قاعدة اقتصاديةمتنوعة تتيح إطالة أمد الاستثمارات القائمة على موارد كالنفط والغازوزيادة مساهمات القطاعات المتجددة في الناتج المحلي الإجمالي، والحفاظ على مكانة الدول في أسواق الطاقة العالمية وتعزيز نمو الاقتصاد الوطني.
تحديث رؤية مصر 2030 وتضمين الاقتصاد الأصفر في استراتيجية التنمية المستدامة 2030 :
تمثل اسراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030 ركيزة أساسية في مسيرة التنمية الشاملة لمصر، وتأتي أهمية هذه الاسراتيجية خاصةً في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها مصر بأبعادها المحلية والإقليمية والعالمية ، والتي تتطلب إعادة النظر في الرؤية التنموية والتحديث من وقت لآخر، لذلك فإن استخدام الطاقة الشمسية يحقق العديد من الأهداف التي هي أساس كلتنمية،وخاصةً التنمية المستدامة، وهو الاتجاه الذي يجب أن يتبناهالعديد من دول العالم المتقدمة والنامية على السواء، والمؤسسات الدولية المعنية بالتنميةالمستدامة؛ لذا من الضروري إلقاء الضوء على كيفية الاستفادة من الطاقةالشمسية في تحقيق استراتيجية التنمية المستدامة 2030.
وفيما يلي، سنتناول الأهداف التي يحققها الاقتصاد الأصفر «الطاقة الشمسية»في سبيل التنمية المستدامة كما يلي:
– مضاعفة الإنتاج الزراعي:
يتضح من علم فسيولوجيا النبات أن «الطاقة الشمسية» هي المحدد الرئيسي للإنتاج الزراعي. ومن ثَم، فإنه يمكن تكثيف المحاصيل وتحميلها على بعضها بما يتيح لكل محصول منها الحصول على حقه من الطاقة الشمسية متمثلةً في عدد الساعات الضوئية التي يحتاجها كل محصول؛ مما يفتح المجال الآن لعمل الأبحاث اللازمة للتكثيف والتحميل لأنواع متعددة من المحاصيل لتحقيق أقصى استفادة من الطاقة الشمسية.
– تطوير الميزة التنافسية للطاقة الشمسية:
تستمر تكلفة الطاقة الشمسية في الانخفاض بفضل التطور التكنولوجي، كما أنه إذا استمرت أنماط التكلفة على نحو هذا الانخفاض التاريخي، فإنه يمكن توقع انخفاض تكاليفتركيب الألواح الضوئية ما بين معدل (3 – 7% سنويًّا) خلال الأعوام المقبلة. وبذلك،يمكن أن تصبح تكلفة الطاقة الشمسية عبر الألواح الضوئية غير المدعومة فيمنطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا أكثر تنافسية مع تكلفة إنتاج الكهرباءباستخدام الغاز الطبيعي في الفترة بين 2015 – 2025.
– المحافظة على البيئة:
يساعد استخدام الطاقة الشمسية على خفضنسبة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومواجهة التغير المناخي، وتساعد على حل مشاكل البيئة؛ فمناطق العالم المختلفة تواجه ارتفاعًا كبيرًا وسريعًا لمستويات التلوث المختلفة، وترافقهتكاليف عالية وتدهور لنوعية الحياة. وعند مقارنة مصادر الطاقة المختلفة، ينبغي أيضًا الأخذ في الاعتبار تكلفة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون؛ حيث يمكن الاستفادةماليًّا من تبنِّي آلية التنمية النظيفة التابعة للأمم المتحددة.
– توفير فرص عمل جديدة:
إن توجه الدول نحو بناء محطات طاقة شمسية جاء من واقع جدواها الاقتصادية، مدفوعةً بتوقعات بارتفاع الطلب على الكهرباء عالميًّا مع تطور النمط المعيشي الذي بات يعتمد بشكل كبير على الطاقة، إضافةً إلى حاجتها إلى مراكز تدريبية وبحوث تطبيقية؛ مما يعني توليدها للعديد من الوظائف.
– تحقيق التوازن بين الأجيال الحالية والقادمة:
يُعد الاقتصاد الأصفر «الطاقة الشمسية» هو الوسيلة المثالية لتوليد طاقة نظيفة على مستوى العالم، يمكن عن طريقها تحقيق المساواة بين الأجيال الحالية والقادمة؛ فاستخدام الطاقة الشمسية اليوم لن يقلل من نصيب الأجيال القادمة، بل إن الاعتماد على الطاقة الشمسيةسيجعل مستقبل الأجيال القادمة أكثر أمانًا.
وفي الختام أوجه الدعوة لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية للعمل على التوجه نحو الاقتصاد الأصفر والأخذ به ووضعه كأحد الأهداف الاستراتيجية ضمن استراتيجية التنمية المستدامة لمصر 2030 التي يتم تحديثها لمواكبة التغيرات الجديدة وضمان اتساق رؤية مصر مع الأهداف الأممية ومع أجندة إفريقيا 2063 خاصةً وأن الهدف السابع من الأهداف الأممية 2030 الممثل في “طاقة نظيفة وبأسعار معقولة” ينطبق على الاقتصاد الأصفر القائم على طاقة الشمس النظيفة التي يمكن توفيرها بسعر معقول .
* كاتب المقال: خـــبير اقــتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي