كل مهاجر يشده الحنين إلى بلده الأم، لكن أن تجعل منك الهجرة مراوغا تضع ساق هنا و ساق هناك مشيدا ببلاد المهجر و منتقدا البلد الأم من باب المصلحة أولى، و حينما تعصف مصيبة ببلد الاستقبال تكون اخر أمانيك أن توارى الثرى في بلدك الأم، مختزلا مفهوم الوطن في مقبرة تحوى رفاتك ، هذا يعني أنك لا تعي مفهوم المواطنة و أنك جاحد لكل ما أسداه لك بلد الاستقبال و بلدك الأم أيضا.
عار ان تؤدي القسم و تحمل جواز سفر بلد و في النهاية تتخلى عنه في الشدائد فارًا منه باحثًا عن ملجأ يضمن لك الدفء و الأمان ، و مخز أن تقدم نفسك على انك فاعل جمعوي ببلاد المهجر و يقتصر دورك في إحصاء عدد الإصابات و الوفيات في الجالية المهاجرة ، و كأن من قضوا نحبهم من غير بني جلدتك لا يعنوك في شيء.
اليوم أجد نفسي ابنة هذا الشعب و ما يسري على الشعب التونسي يسري علي و بأننا كلنا في مركب واحدة ، فبالرغم من أن الأبواب مقفلة علينا لكن في الجهة المقابلة من جدار منازلنا هناك مواطن من هذا البلد ، و عليه سيتوجب علينا ان نعيد صياغة مفاهيم حملتنا معها قبل ان نحملها معنا في علاقتنا بالمجتمع ككل.
حمى الله هذا البلد الصغير لكنه كبير بحجم الأمل الذي يسكنه منذ ألاف السنين، إنها تونس التي تؤنس وحدة كل مغترب على أراضيها.