جددت الولايات المتحدة وفرنسا موقفهما الرافض لدعم لبنان في أزمته المالية والاقتصادية ما لم يترافق ذلك بخطة إصلاحية تعكف حكومة حسان دياب على إعدادها.
وتزامنت هذه المواقف مع تفجر الأوضاع في لبنان، حيث تشهد مدن ومناطق لبنانية احتجاجات صاخبة تندد بتدهور الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، وتطالب برحيل كل الطبقة السياسية عن السلطة، محملة إياها المسؤولية عما آل إليه وضع البلاد.
وحث مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر الأربعاء لبنان على إثبات التزامه بالإصلاحات كي يتلقى مساعدات دولية. ونقلت قناة العربية عن شينكر قوله إن أسباب أزمة لبنان هي تراكم القرارات المالية الخاطئة والتراخي إضافة إلى الفساد والمحسوبية المترسخين.
وأضاف في مقابلة مع القناة أن لبنان لكي يكون “في موقع يسمح له بتلقي مساعدة مؤسسات مالية دولية، عليه أن يثبت أنه مستعد لاتخاذ خيارات صعبة وقرارات تثبت مئة في المئة التزامه بالإصلاح”. وخص شينكر بالذكر إصلاحات في قطاعات الطاقة والجمارك والاتصالات والضرائب.
ويشهد لبنان أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975 – 1990)، وقد تفاقمت مع فرض تدابير العزل لمحاولة احتواء تفشي فايروس كورونا المستجدّ. وعاد المتظاهرون الاثنين إلى الساحات اللبنانية بعد هدنة فرضتها خطة التعبئة العامة لاحتواء خطر تفشي جائحة كورونا، وجاءت هذه العودة ردا على الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الاستهلاكية وخسارة قدرتهم الشرائية مع تدهور قيمة الليرة. ويشكو كثيرون من عجزهم عن تأمين لقمة عيشهم خصوصا خلال شهر رمضان.
جان إيف لودريان: يجب اتخاذ إجراءات ملموسة تستجيب لتطلعات اللبنانيين جان إيف لودريان: يجب اتخاذ إجراءات ملموسة تستجيب لتطلعات اللبنانيين ويهدد الاضطراب المتنامي بانزلاق البلاد إلى صراع أشد خطورة، لاسيما وأن الأزمة تتجاوز بعدها الاقتصادي إلى السياسي في ظل هيمنة فريق يقوده حزب الله المصنف إرهابيا لدى العديد من الدول، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان الحصول على مساعدات خارجية.
ودعت فرنسا الحكومة اللبنانية مجددا إلى أن تبدأ “بسرعة” في إصلاحات لمواجهة الأزمة التي تهز البلاد، وأكدت استعدادها “لمواكبتها” في هذا المجال، لكن دون أن تقدم أي تعهدات مالية.
وقال بيان لوزارة الخارجية الفرنسية إن الوزير جان إيف لودريان وخلال اتصال مع رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب الثلاثاء “ذكر، بأنه على أساس العمل الذي بدأته السلطات اللبنانية، يجب اتخاذ إجراءات ملموسة وذات صدقية بسرعة للاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني وإعادة الثقة في الاقتصاد اللبناني”.
وأضاف البيان أن لودريان “أكد أن فرنسا مستعدة على هذا الأساس، لمواكبة لبنان والحكومة اللبنانية في الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ردا على الأزمة التي تشهدها البلاد، لمصلحة كل اللبنانيين”.
وبحسب الوزارة، تحدث أيضا وزير المال برونو لومير لأول مرة مع نظيره اللبناني غازي وزني بهذا الشأن، وذكرت مصادر أنه بناء على ما كشفه الوزير اللبناني فإن باريس أبدت نوعا من الارتياح لخطة الإصلاح التي تتطلع إليها الحكومة اللبنانية معتبرة أنها “تسير في الاتجاه الصحيح” بحسب لومير الذي “شجع على اعتمادها بشكل سريع لمساعدة البلاد على الخروج من الأزمة”.
وأعلن رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، الأربعاء، أن “الخطة الاقتصادية والمالية للحكومة سيدرسها مجلس الوزراء الأسبوع الجاري”، وقال في بيان صادر عن رئاسة الحكومة إن الخطة الاقتصادية ستطلع عليها جمعية المصارف، بعد إقرارها من جانب مجلس الوزراء.
وسبق وأن اشترطت مجموعة الدعم الدولية للبنان التي تقودها فرنسا وتضم عددا من الدول الأوروبية والعربية، لتقديم مساعدات مالية لهذا البلد، تشكيل حكومة “فعالة وذات مصداقية” قادرة على تنفيذ إصلاحات “عاجلة” قامت الحكومات السابقة بتأجيلها مرارا.
وتسعى الحكومة اللبنانية، التي تشكلت في يناير بدعم من حزب الله، لتنفيذ إصلاحات اقتصادية يطالب بها المانحون الأجانب. بيد أنها تجد صعوبة في التوصل إلى توليفة ناجعة في غياب التوافق بين مكونات ظهيرها السياسي بشأنها، وتحفظات من المصارف التي تحملها بعض الخيارات الحكومية العبء الأكبر في معالجة الأزمة المالية.
وأورد بيان لرئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير، أن الجمعية ستقدم للحكومة خطتها للحلول الاقتصادية والمالية، خلال 15 يوما كحد أقصى من تاريخ تسلم الخطة.
وشجب صفير “التعديات المستمرة على الأملاك الخاصة والعامة لاسيما مقرات وفروع المصارف.. هذه التصرفات غير مقبولة وغير مبررة بكل المقاييس“.
والثلاثاء، أضرم محتجون غاضبون النيران في عدد من فروع المصارف بطرابلس شمال البلاد، فيما عملت عناصر الجيش على تفريق المتظاهرين الذين توزعوا داخل أحياء عدة وسط المدينة.