يضفي مطعم في الأردن لمسة عصرية على الطبق الوطني الشهير في البلاد، فبعد أن كان “المنسف” يقدم في طبق كبير ليتجمع حوله العديد من الأشخاص، أصبح يتم تقديمه الآن في أكواب صغيرة للزبائن على شكل وجبة سريعة يأخذونها ويمضون.
وقال محمد داود، الذي افتتح مؤخرا مطعم “منسف بالكاسة” (وتعني “المنسف في كوب”)، إنه يريد أن يجعل الوجبة الشهيرة “متاحة في جميع الأوقات” وبأسعار معقولة.
ويؤكل المنسف باتباع الطريقة التقليدية حيث يلتف أشخاص حول طبق كبير واضعين أيديهم اليسرى خلف ظهورهم ويأكلون بأيديهم اليمنى دون استعمال الملاعق، إذ يعتبر استخدام الملعقة في أكل المنسف غير مقبول حسب التقاليد.
وأوضح داود “عملنا يتمثل في توفير المنسف في كل الأوقات دون شقاء، فتحضيره يتطلب الكثير من الوقت والجهد، أما الآن فصار بإمكان الراغبين في تناول هذه الأكلة أن يقصدوا المحل ويشتروا ما لذ وطاب يحملونه في أكواب ويمضون لأكله حتى في سياراتهم، لكن هذا لا يعني أننا تخلينا عن عادة التجمع حول الطبق الكبير فنحن نحرص على أن نستمتع بهذا الطقس المتغلغل في عاداتنا في بيوتنا”.
والمنسف هو ثريد يطهى بلحم الضأن والجميد (من منتجات الألبان المجففة التي تصنع من فصل الزبدة عن اللبن)، أو اللبن المخمر المالح والمر. ويُقدم بعد ذلك مع الأرز أو البرغل والخبز، تعلوه المكسرات. وهو أشهر وجبات الأردن، ويمتد ليشمل منطقة بادية الشام الواقعة بين سوريا والعراق وفلسطين وجنوب سوريا وشمال السعودية.
ويكتسي الطبق أهمية ثقافية خاصة في الأردن، حتى أن الكثيرين يعتبرونه وسيلة لإبداء الاحترام لضيوفهم.
ويعتبر المنسف الطبق الرسمي في الأردن ويرتبط بالثقافة الأردنية القائمة على الرعي والزراعة، ومكوناته متوفرة باستمرار. وتعدّ هذه الأكلة جزءا من التقاليد الأردنية؛ إذ تقدم في المناسبات المختلفة كولائم الأعراس والعقائق ومناسبات التخرج أو يقدم للترحيب بالضيوف، وفي الأعياد الرسمية مثل عيد الأضحى وعيد الفطر وعيد الميلاد.
وأبدى العديد من الزبائن إعجابهم بفكرة تحويل المنسف إلى وجبة سريعة في الشوارع.
وقالت زبونة تدعى نادية القيسي “الفكرة رائعة فنحن نتحدث عن مسألة تحويل أكلة شعبية إلى وجبة من وجبات الأكل السريع التي تباع في الشوارع ومتواجدة بكل سهولة بدل طقوس إعدادها في البيوت، حقا من الجيد أن يتمكن أي شخص من شراء أكلة محلية معتاد على أكلها في منزله، بدل الشطائر”.
وتابعت القيسي “من الممتع أنه صار بمقدورنا التجول بالمنسف وأكله أينما كنا وبأسعار مناسبة جدا لمصروف الجيب”.
ويباع الكوب بدينار أردني (ما يعادل 1.4 دولار) ويحتوي على 500 جرام من الأرز بالإضافة إلى الجميد وقطع لحم الضأن الصغيرة بطبقة من المكسرات.
وأكد داود أن الطبق الكبير العادي من المنسف يشتمل على ما يعادل 25 كوبا. ولم يتقبل بعض البدو الأردنيين فكرة المنسف في كوب.
وقال أحدهم، يدعى حمدان المذيان، وهو جالس مع بعض الضيوف حول طبق منسف تقليدي، “كوب المنسف هذا لا يخرج باعتقادي عن كونه محاولة لسد رغبة طارئة للاستمتاع بهذه الأكلة، لكن المنسف الحقيقي له هيبة مختلفة، فلكل ضيف وجبة تنطق بما يكونه المضياف من احترام وتقدير لضيفه، لأن هذه الأكلة من أفضل الوجبات التي يمكن أن يتم تقديمها للضيوف”.
وعلى الرغم من تسارع الحياة وانتشار الوجبات السريعة في الشوارع الأردنية وانشغال المرأة بالعمل خارج البيت، إلا أن عشاق المنسف لا يتوقعون أن ينزل من عرش المائدة وخاصة يوم الجمعة وفي المناسبات.