> التخدير عبارة عن إيقاف الإحساس والألم والحركة لخلق أجواء مناسبة للمريض والجراح لإجراء جراحة ناجحة
> في حال أن تتخصص الطبيبة في التخدير يلزم أن تتحمل مشقته وذات أعصاب قوية
>> طبيب التخدير هو من يدير غرف العنايات المركزة الجراحية بعد العمليات وكذلك المهام الحرجة
>> مسؤولية طبيب التخدير تبدأ منذ إقراره بصلاحية المريض للتخدير وأثناء العملية ولحين إفاقته
وخروجه إلى قسم الإقامة.. وقد يتحمل مسؤولية غيره من الفريق المعاون.
>> طبيب التخدير هو طبيب استثنائي وأكثر الأطباء إلماما بالتخصصات الطبية المختلفة
>> للتخدير أنواع كثيرة ويتم تحديد النوع المناسب لكل مريض حسب حالته الصحية وعمره ونوع الجراحة
>> جرعة المخدر يحددها طبيب التخدير طبقا للوقت التقريبي للجراحة ووزن المريض وحالته الصحية
>> الحكمة والصبر والثبات الانفعالي والدقة والتركيز.. أهم صفات طبيب التخدير
>> التخصص في طب التخدير يبدأ بعد فترة الامتياز ولا يمارس الطبيب المهنة بمفرده إلا بعد مرور
ثلاث سنوات من التخصص في الحالات البسيطة.. وهناك حالات يلزم لتخديرها حضور “أستاذ”
>> الإقبال على تخصص التخدير ضعيف في مصر نظرا لصعوبته ودقته وقلة عائده المادي
>> غالبا لا يسلط الضوء على دور أطباء التخدير عند نجاح الجراحة.. ودوما ما يطلب استدعائهم فقط عند حدوث المضاعفات والأزمات
>> المريض يعرف إسم الجراح الذي أجرى له الجراحة و نادرا ما يعرف إسم من قام بتخديره
>> الأخطاء نادرة وغير مقصودة.. وليس لطبيب التخدير ترك غرفة العمليات ولو للحظة واحدة.
طب التخدير واحد من أهم أنواع الطب وأصعب تخصصاته، لما له من دور محوري في العمليات الجراحية والتي تتطلب دقة ويقظة ومهارة صاحب هذا التخصص الذي يرجع إليه الفضل الكبير في نجاح الجراحة المطلوبة. ولأننا في مصر لدينا قصور كبير في معرفتنا بثقافة طب التخدير والقائمين عليه، فلا نعرف شيئا عن هذا التخصص الفريد الذي تتوقف عليه حياة المرضى إلا عند وقوع خطأ طبي ناتج عن قصور طبيب التخدير.. لكن عند نجاح العملية الجراحية المطلوبة ينسب كامل الفضل للجراح متناسين بقية الفريق المعاون وطبيب التخدير الذي يعرف بـ”مايسترو غرفة العمليات”، ومن هنا كان طبيب التخدير هو الجندي المجهول الذي لعب دورا رئيسا لإنجاح الجراحة وإنقاذ حياة المريض.
ولما كان دور طبيب التخدير حيويا ويمثل العمود الفقري للجراحة المطلوبة للمريض، فيبدأ دوره منذ أن يخصص إجراء الجراحة للمريض، فيتم عرضه على طبيب التخدير الذي يستعرض كافة الفحوصات الطبية من أشعة وتحاليل والتاريخ المرضي وكذلك الحالة الصحية والنفسية للمريض ووزنه.. كل هذه العوامل هي التي تدفع طبيب التخدير ليقرر مع الجراح نوع التخدير المطلوب للمريض. ولما كانت هناك أخطاء وقعت ونتج عنها ضحايا بسبب أطباء التخدير سواء كانت نتاج خطأ مهني (غير مقصود) أو نتيجة إهمال توجهت “العربي الأفريقي” إلى الدكتورة منى جاد، أستاذ التخدير المساعد بمركز الكلى والمسالك البولية بجامعة المنصورة، لنتعرف من خلالها بصورة تفصيلية عن أهم سمات والمتطلبات الواجب توافرها في طبيب التخدير، حيث أكدت أن طبيب التخدير يجب أن يتمتع بالحكمة والصبر والدقة المتناهية في عمله، كذلك فهو متميز بين زملائه من التخصصات الأخرى؛ نظرا لإلمامه ودرايته ببقية التخصصات الطبية المختلفة. حول دور طبيب التخدير وأهميته والوظائف المنوط بها ننتقل إلى تفاصيل الحوار في السطور التالية:
* بداية، ما هو التخدير، وما يقوم به طبيب التخدير في العمليات الجراحية؟
التخدير من أسمى المهن الإنسانية على الإطلاق وهو أن تقوم بإيقاف الإحساس والحركة عن المريض الذي سيخضع لإجراء عملية جراحية، لمنع الألم وخلق أجواء مناسبة له وللجراح لإجراء عملية ناجحة بإذن الله. وطبيب التخدير هو مايسترو حجرة العمليات، والمسؤول عن كل صغيرة وكبيرة بها، فهو ليس مسؤول عن تخدير المريض وحسب بل مسئول أيضا عن كل ما يخص المريض من وطائف حيوية كضغط ونبض، وأيضا مسئول عن تعويض فقد الدم والمحاليل، فأي عقار يتم إعطائه داخل حجرة العمليات حتى المضاد الحيوي يكون من خلال طبيب التخدير.
*هل يقتصر دور طبيب التخدير على العمليات الجراحية فقط؟
لا يقتصر دور طبيب التخدير فقط على العمليات الجراحية فهو مسئول عن العناية المركزة الجراحية، وأيضا له دور المنقذ لأي مريض بالمستشفى، فلو حدث أي طارئ لأي مريض بأي قسم أو تخصص من حيث الهبوط الحاد بالضغط أو توقف عضلة القلب أو أي نوع من الاختناق أو ضيق التنفس يستدعى طبيب التخدير فورا. أيضا طبيب التخدير هو المنوط بتركيب الكانيولات وخاصة الصعبة منها والقسطرات الوريدية والشريانية لمرضى المستشفيات. باختصار طبيب التخدير صمام الأمان في أي مستشفى الذي بغيابه يتوقف العمل فعليا بها.
* من الأفضل لتخصص التخدير طبيب أم طبيبة؟
تخصص التخدير يضم النوعين (طبيب أو طبيبة)، ولكن من خلال تجربتي الخاصة كأستاذ تخدير وبعد سنوات طويلة من العمل مهنة التخدير كونها تحتاج لساعات طويلة متواصلة من العمل وفى أي وقت ليل أو نهار وطوارئها اكتر من حالاتها الهادئة. أيضا هي مهنة تحتاج لأعصاب قوية ومجهود عضلي كبير كما في أوقات إنعاش القلب ومثل هذه الأجواء في حال الطبيبة لا تتناسب إلا مع الشخصية القوية منهن اللاتي تتقبل وتتحمل تلك المشقة.
* نلاحظ دائما اقتران تخصص التخدير بالعناية المركزة.. لماذا؟
تخصص التخدير فعلا جزء أصيل منه هو العناية المركزة الجراحية، فطبيب التخدير هو من يدير العنايات المركزة الجراحية ما بعد العمليات، فتخصصه ودراسته وخبراته تشمل الدورين، على نقيض زملاء العناية والطب الحرج؛ بمعنى أن طبيب التخدير يقوم بالتخدير في العمليات وأيضا يدير العناية ويقوم بالمهام الحرجة فهو تخصص أوسع وأشمل. أما تخصص العناية والطب الحرج قاصر عليهم وليس له علاقة بالتخدير مطلقا.
* متى تبدأ مسئولية طبيب التخدير ومتى تنتهي؟
طبيب التخدير مسؤول عن الحالة التي سيقوم بتخديرها من بداية عرضها عليه حال اطلع على كافة فحوصاتها وتحاليلها وأقر أنها مناسبة لان تخضع للتخدير ووافق على أن يقوم بتخديرها وخلال فترة تخديرها وإفاقتها إلى خروجها إلى إفاقة ما بعد العمليات، فيطمئن على كافة علاماتها الحيوية من ضغط ونبض وتنفس.. وخلوها من الألم فيأمر بخروجها إلى قسم الإقامة وهنا تنتهي مسؤوليته عنها.
* ما هي الحالات التي يتحمل فيها طبيب التخدير مسؤولية الخطأ أو الإهمال، وما نسبة ذلك؟
مهنة التخدير دائما هي مهنة حساسة جدا، ومهنة تتحمل أخطاء الغير أيضا مع أخطائها شاءت أم أبت بوازع طبيعة العمل؛ بمعنى أن العمل يكون كفريق ولكن لو أخطا أي طرف فيه من الفريق المعاون مثلا لتحضير عقارات التخدير أو تجهيز الدم يتحمل الخطأ طبيب التخدير لأنه المايسترو الذي يدير الأمور . لذا وجب عليه بنفسه مراجعة كل شئ بنفسه.
* ما هي أهم المهارات التي يكتسبها طبيب التخدير خلال رحلته المهنية؟
طبيب التخدير، وليس تحيزا لتخصصي وإنما هو واقع يعلمه الوسط الطبي تماما، هو طبيب استثنائي من امهر الأطباء وأكثرهم ثقافة طبية والماما بكافة النواحي الطبية، وذلك لطبيعة عمله التي تحتم عليه التعامل مع جميع التخصصات مثل: جراحة النساء والتوليد والعيون وجراحات العظام والمخ والأعصاب والقلب والباطنية والصدرية وأحيانا النفسية.. وجميع أنواع المرضى المولود والمسن الرجل والمرأة بكافة حالاتهم بسيطة أم معقدة حادة طارئة أم مزمنة.
* ما هي أنواع التخدير، والنوع الملائم لكل عملية؟
التخدير علم واسع وبحر كبير غير مفهوم للعامة، وله أنواع عدة، ويندرج تحته تخصصات.. ولكن للتبسيط لنا أن نوجز التخدير في تخدير عام كلى فيه يتم تخدير المريض كليا أو تخدير جزئي يتم فيه تخدير الجزء المراد تنفيذ العملية الجراحية به. أما عن النوع الملائم لكل عمليه فهو موضوع متغير غير ثابت تحكمه عوامل عده منها المريض نفسه وحالته الصحية ومنها نوع العملية والجراح. فكمثال التخدير الجزئي كالنصفي مثلا في عمليه معينة ممكن أن يكون الأنسب والأفضل لمريض ولكن ليس هو الأنسب لمريض آخر سيخضع لذات العملية، فهو ليس موضوع مطلق ولكنه متغير تماما، لذا انصح المرضى بان يمنحوا الفرصة كاملة لطبيب التخدير لاختيار النوع المناسب والتخلي عن المعتقدات الخاطئة لأنها دوما مشكلة تواجه الزملاء أن يتشبث المريض وأهله بنوع تخدير معين لمجرد قناعات شخصية.
* كيف يتم تحديد جرعة التخدير المطلوبة لكل عملية، وهل يحددها طبيب التخدير منفردا أم بالاشتراك مع الجراح؟
التخدير ليس جرعة أو دواء واحد أيضا كفهم الكثير الخاطئ، بل هي منظومة متكاملة من عدة أدوية وأحيانا غازات أيضا حال التخدير الكلى تكمل بعضها البعض.وتحديد الجرعات يخص طبيب التخدير بناء على وقت تقريبي للعملية من الجراح وخبرة طبيب التخدير. وهو أيضا مرتبط بوزن المريض وعمره وحالته الصحية.
* ما هي الصفات المطلوب توافرها في طبيب التخدير؟
طبيب التخدير إنسان صبور بالمقام الأول، وحكيم، وثابت انفعاليا جدا، وقوى الشخصية وعالي التركيز ودقيق جدا وسريع البديهة والتصرف، وفي نفس الوقت رحيم وحنون خاصة مع الأطفال.
* متى يبدأ تخصص التخدير لخريجي كليات الطب، وكم تبلغ عدد سنوات دراسة هذا التخصص؟
بعد فترة الامتياز كأي تخصص، أما عن عدد سنوات الدراسة فهي مفتوحة على حسب الدرجة العلمية التي سيصل لها، ولكن كبداية ليس اقل من ثلاث سنوات حتى يكون قادرا على مزاولة المهنة بمفرده وذلك في الحالات البسيطة أما ما صعب عن ذلك فيحتاج لخبرة أكثر فهناك حالات لا يمكن تخديرها إلا في حضور أستاذ.
* إلى أي مدى الإقبال على تخصص التخدير، وهل نسبته أعلى في الذكور أم الإناث ولماذا؟
ليس عليه إقبال كبير في مصر لصعوبته ودقته، فهو يحتاج طبيب من نوع خاص ومهارة خاصة وحياة اجتماعية تتقبل ذلك. في بدايات عملي من سنوات كانت نسبة الذكور أعلى بكثير وكنا نحن الإناث نعد على الإصبع.. ولكن حاليا زادت نسبة الإناث وزاد إقبالهن على التخصص.
* ما أهم الإيجابيات و السلبيات لتخصص التخدير في سوق العمل الطبي؟
للأسف، السلبيات من ناحية السوق الطبي تفوق الإيجابيات، فبالرغم من أهمية التخصص فهو يعد من وجهة نظري شريان حياة المستشفيات الرئيسي، إلا انه تخصص مهضوم الحق من ناحية التقدير المادي الملائم له، أو من ناحية ثقافة الجمهور عن طبيعة عمله ودوره الكبير، فهو دائما جندي مجهول وراء الستار لا يظهر حال نجاح العملية، ويظهر فقط عند ظهور المضاعفات والأزمات وغالبا تجد المريض يعرف جيدا اسم الجراح ولكن نادرا ما يعرف اسم من قام بتخديره.
* حدثت بعض الوقائع المؤسفة نتج عنها وفاة أصحابها أو إصابتهم بعجز دائم بسبب أخطاء التخدير.. برأيك ما السبب الحقيقي في ذلك، وهل المتسبب فعلا طبيب التخدير؟
الحمد لله، هذه الوقائع فعلا نادرة جدا ومنها ما هو غير مقصود وخارج عن الإرادة، ولكن ببساطة ما يلام عليه طبيب التخدير وليس له فيه أي عذر كأن يترك حجرة العمليات ولو للحظة يمكن فيها أن يحدث مالا يحمد وان يفقد مريضه بسبب تلك اللحظة.. فلطالما تواجد طبيب التخدير بجوار المريض منتبها غير منشغلا لا بأفكار ولا بأي شئ غيره فأي مضاعفات بإذن الله سيتم علاجها إلا أن يترك مريضه لا عذر له في ذلك، كحال مثلا انفصال أنبوب التخدير ونقص الأكسجين مما يعرض المريض لمضاعفات قد تدوم معه العمر أو قد تصل حد الوفاة.
* هل هناك امتيازات لطبيب التخدير عن بقية زملاءه في التخصصات الأخرى؟
الامتيازات هي ما طبعته عليه المهنة بالأيام والسنوات، فمهنة التخدير تعيد تشكيل صاحبها وتنحت صفاته حقا. فطبيب التخدير مميز ومرجع لزملائه من كافة التخصصات، كما ذكرت سلفا، فهو مثقف طبيا لأقصى درجة وحكيم وماهر وصبور ودقيق وموضع احترام من الجميع لحساسية وأهمية الأدوار المنوط بها. وأخيرا، حقا أنا فخورة كوني أستاذ تخدير وعناية مركزة جراحية وأحب عملي بكل متاعبه ولو عاد بي الزمان لاخترت أن أكون طبيبة تخدير.