>> زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي تؤكد أن تصدير الثورة والأسلحة النووية والقمع الداخلي توفر ضمانة استراتيجية لبقاء النظام
تجرى الانتخابات الرئاسية في إيران، اليوم الجمعة، لاختيار خلف للرئيس حسن روحاني وسط لامبالاة شعبية عارمة، ويجمع المتابعون على أن الفائز بكرسي الرئاسة سيسير على خطى المرشد الأعلى ويعزز قبضة النظام المحافظ والمتشدد، وفي حوارها مع الـ”العرب” أكدت زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي أن كل المرشحين للرئاسة متفقون على تصدير الإرهاب، والتدخل في شؤون دول المنطقة، والسعي لامتلاك أسلحة نووية، في الوقت الذي يشهد فيه الشارع حالة من الغضب والغليان التي تنبئ بأن المجتمع الإيراني على عتبة الانفجار وأن القمع الوحشي لم يعد قادرا على منع الانتفاضات.
يعتمد على هذه المرأة الكثير. ليس لأنها زعيمة أكبر حركة معارضة في إيران فحسب، بل لأنها تمثل مشروع التغيير الأكثر جذرية في مناهضة سلطة “الولي الفقيه” منذ قيام جمهورية الخميني في العام 1979 حتى الآن.
المهندسة التي ولدت في الرابع من ديسمبر عام 1953، كانت من بين أبرز القيادات التي أسهمت في بناء ما سوف يتحول الى حركة طلابية ما تزال آثارها قائمة إلى اليوم. الحركة من أجل الحرية بدأت من الجامعات. والصراع من أجل المستقبل بدأ من هناك أيضا. والانقسام بين مشروعين مختلفين بدأ من هناك كذلك.
الأقدار هي التي وضعت أخت نرجس (التي أعدمها سافاك شاه إيران) ومعصومة (التي أعدمها الخميني) في المكان الذي هي فيه: أي في مواجهة الطغيان بصورتيه.
الطلاب يساريون تحرريون من دون حاجةٍ إلى دفعٍ مسبق. ذلك لأنهم، ببساطة الطبيعة نفسها، النوافذ التي تطل على ما يتحرك ويتجدد في العالم. نشأت مريم رجوي في هذه البيئة، ساعة كانت تغلي وتضطرم بالبحث عن سبيل آخر للحياة.
ولدت في خضم بيئة صنعتها حركة محمد مصدق والانقلاب عليه عام 1953، وصنعت مريم لنفسها اسما في انقلاب آخر عندما استولى الخمينيون على الثورة التي أطاحت بنظام الشاه، بعد أن كانت “حركة مجاهدي خلق” هي عصب تلك الثورة.
قادت رجوي الاحتجاجات في أول “ربيع” تعرفه طهران في يونيو عام 1981، وترشحت في الانتخابات التشريعية لتفوز بمقعد في البرلمان عن طهران، وكان من الطبيعي أن يحرمها منه نظام الخميني ليبدأ في مهاجمة “حركة مجاهدي خلق” والتنكيل بعشرات الآلاف من أعضائها، سجنا وتعذيبا وإعدامات.
أفلتت رجوي من العديد من محاولات الاعتقال أو الاغتيال، قبل أن تجد طريقا إلى فرنسا، وبعده أيضا. سعيتُ إليها، حاملا ليس أعباء 42 عاما من بؤس ما انتهت إليه إيران، وإنما أعباء الأمل بغد آخر.
وقيّمت رجوي في حوارها مع “العرب” المشهد الإيراني في خضم استعداده لانتخابات رئاسية الجمعة، وأكدت أن السياسة الإيرانية ماضية في طريق التشدد الذي يرعاه المرشد الأعلى، حيث يتفق جميع المرشحين للرئاسة على تصدير الإرهاب، والتدخل في شؤون دول المنطقة، وهي سياسة توفر ضمانة استراتيجية لبقاء النظام.
• هناك جهود تبذل الآن من أجل إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، وهو ما قد يعني الإفراج عن العشرات من المليارات من الدولارات لكي تعود الى خزانة نظام الولي الفقيه. ماذا يعني هذا الأمر بالنسبة إليكم؟
◙ لقد أظهرت تجربة الأربعين سنة الماضية أن أيّ امتياز سياسي واقتصادي للفاشية الدينية الحاكمة في إيران سيشجعها على زيادة قمع الشعب الإيراني، وتكثيف عدم الاستقرار ونشر الحروب في المنطقة، وتطوير برامجه الصاروخية الباليستية والنووية.
إن إلغاء قرارات مجلس الأمن بعد الاتفاق النووي مع مجموعة 5 + 1 وتخفيف العقوبات ودفع المليارات من الدولارات من الممتلكات الإيرانية لنظام الملالي أثبت هذه التجربة. حيث استخدم الملالي الأموال الطائلة؛ إما لتقديم المساعدة المالية والتسليحية لميليشياتهم الإرهابية والمرتزقة في العراق ولبنان واليمن، ولدعم دكتاتور سوريا الدموي، أو ملأوا جيوب أبناء الذوات وقادة الحرس وجلاوزة النظام الآخرين، أو تم استخدامها لتوسيع برنامجهم الصاروخي والنووي.
• لو نجحت مفاوضات العودة الى الاتفاق النووي، هل تتوقعون أن يكف النظام الإيراني عن أعماله العدوانية في دول المنطقة؟ هل يمكن أن يكف عن سياسات التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى؟
◙ لن يغير أيّ قدر من الامتيازات السياسية والاقتصادية سياسات النظام، داخليًا وخارجيًا. التدخل وعدم الاستقرار والتحريض على الحرب في المنطقة يشكل جزءا من استراتيجية الاستبداد الديني الحاكم في إيران وضرورة بقائه في الحكم. أكد مسؤولون في النظام، من خامنئي إلى روحاني، مرارًا وتكرارًا أن توسيع “الثورة” وتصديرها إلى جانب القمع الداخلي والأسلحة النووية هي التي من شأنها أن توفر ضمانة لبقاء النظام. لقد قال خامنئي نفسه مرارًا وتكرارًا، “الشخص الذي ينهض من هنا ويذهب إلى العراق أو إلى سوريا، إنما يدافع في الواقع عن مدنه”.
• هل يريد نظام الولي الفقيه أن يبني قنابل نووية بالفعل؟ ومن أجل ماذا؟
◙ إن إخفاء النظام الإيراني على مدى 30 عامًا برنامج أسلحته النووية هو دليل لا جدال فيه على أن النظام يعتزم صنع قنبلة ذرية. وذلك على الرغم من أن ما كشفت عنه المقاومة الإيرانية منذ التسعينات، وخاصة في عام 2002، والذي أثار رد فعل المجتمع الدولي وفرض عقوبات وتفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أخّر حصول النظام على القنبلة الذرية.
انظروا إلى أحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فهو لا يترك مجالًا للشك في أهداف النظام، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقف هذه العملية هو حملات المقاومة للكشف عما يخفيه النظام، وفي الوقت نفسه تبنّي سياسة حاسمة في التعامل معه.
في كتابه “الدبلوماسية النووية”، كتب روحاني أنه كان من المقرر تركيب ما لا يقل عن 50000 جهاز طرد مركزي في نطنز بحلول عام 2003، لكن المؤتمر الصحافي لمجاهدي خلق في واشنطن في أغسطس 2002 عطّل كل شيء.
بسبب طبيعته المعادية للتاريخ فإن النظام الإيراني لا يريد ولا يستطيع أن يقدم حلاً لأبسط مشاكل المجتمع الإيراني. عمل هذا النظام هو السرقة والنهب والابتزاز والتدخل في شؤون دول المنطقة من أجل الحفاظ على حكمه الكهنوتي.
• ولكن هناك اعتقاد يقول إن النظام الإيراني يستخدم المشروع النووي لأغراض الابتزاز، من أجل مقايضته بمصالح أخرى. أليست هذه المصالح أهم بالنسبة إليه من بناء قنبلة نووية؟
◙ الهمّ الأول والأخير لهذا النظام هو الحفاظ على سلطته وبقائها، خاصة في مواجهة أزمات داخلية مستعصية وسلسلة من الانتفاضات الوطنية، التي تشكل أهم تهديد لوجوده. ونتيجة لذلك، فإن إيران تحاول إجبار المجتمع الدولي على تقديم تنازلات اقتصادية من خلال الابتزاز والتنازلات النووية، والذي سيكون بمثابة خشبة نجاة من الغرق. لا تنسوا أن نفس القدر من العقوبات وتقليص الموارد المالية للنظام جعلا من الصعب للغاية على النظام تقديم المساعدة لمرتزقته الإقليميين.
• ماذا سيكون مصير الدعم الذي يقدمه النظام الإيراني للميليشيات الموالية له في العراق وسوريا ولبنان واليمن؟ هل تتوقعون أنه سوف يكف عن دعمها بالمال والسلاح؟ وهل تتوقف نشاطات الإرهاب التي تمارسها هذه الميليشيات؟
◙ كلما بقي النظام في السلطة، فإنه لن يتوقف عن إنشاء الميليشيات ودعمها في العراق وسوريا ولبنان واليمن ودول أخرى في المنطقة. نظام الملالي لا يكتفي بهذه البلدان وقد درّب وجنّد مرتزقة في بلدان أخرى، بما في ذلك البلدان الأفريقية.
لنتذكر أن خامنئي وقادة الحرس، بمن فيهم قاسم سليماني الهالك، أكدوا مرارًا وتكرارًا أن دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء هي العمق الاستراتيجي للنظام. هم يعرفون أنهم إذا لم يسفكوا الدماء في هذه العواصم، فعليهم مواجهة انتفاضة الشعب في طهران، والأهواز ومشهد وغيرها من المدن الإيرانية.
إن ما جعل هذه السياسة مفيدة للنظام هو صمت المجتمع الدولي وتقاعسه عن مواجهة هذا الانتهاك الصارخ للمعاهدات والأعراف الدولية. لو كان النظام الإيراني قد أُجبر على دفع ثمن هذه التدخلات، لكان نطاق هذه الاستفزازات أكثر محدودية بلا شك.
• ما هو السبب الذي يجعل نظام الولي الفقيه يخوض حروبه ضد الدول المجاورة من خلال الميليشيات وليس من خلال الجيش والقوى العسكرية الأخرى؟ وما هو الدور الذي تلعبه الجمعيات الطائفية التي يسعى إلى إقامتها في الدول الإسلامية؟
◙ لأن هذا المسار أرخص بكثير للتدخل والتحريض على الحرب. يؤسس نظام الملالي جيوش المرتزقة في هذه البلدان، مستفيدًا من مختلف الميول الدينية أو العرقية. أي أن التكلفة البشرية وفي كثير من الحالات التكلفة المالية لهذه الجيوش المرتزقة تأتي من جيوب شعوب البلدان التي هي ضحية للنظام. أحد أقدم الأمثلة هو حزب الشيطان، الذي يقوم بالعمل القذر لنظام الملالي باسم الشيعة العرب، بينما على الأقل في المئات من السنين الماضية لم يقتل أيّ حاكم في العالم الإسلامي من المسلمين أو الشيعة مثل نظام الملالي.
بطبيعة الحال، بالنسبة إلى سوريا، أرسل نظام الملالي الآلاف من الحرس والجيش الخاضع لقيادته إلى البلاد، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، قُتل الآلاف منهم، بمن فيهم ما لا يقل عن 40 عميداً وعقيداً، بمن فيهم العميد حسين همداني نائب قاسم سليماني في سوريا. وفي الأيام الأخيرة، قتل عميدان آخران بالحرس وهما العميد سعيد مجيدي والعميد حسن عبد الله زاده، في تدمر.
علاوة على ذلك، لا يملك النظام القوة البشرية والمالية والجيش لغزو هذا العدد من البلدان. تحطمت أسس النظام الاقتصادية، وخلافا للعقود السابقة، فإن الحرس ليس جيشا متطوعا وهو فاسد من الداخل. كان معظم الحرس الذي قاد الحرب ضد الشعب السوري ضباطًا بقوا من الحرب الإيرانية العراقية.
في بلدان أخرى، يلعب الحرس دورًا مباشرًا ونشطًا في تدريب المرتزقة والقوات المحلية وتسليحهم وتمويلهم، وقد تم تدريب العديد منهم في إيران.
◙ إن الوضع الاقتصادي المتدهور في إيران، قبل أن تكون هناك عقوبات دولية، يرجع سببه إلى عدم الكفاءة وسوء الإدارة والسرقة والمحسوبية ونهب الحكام، والتي بدأت منذ اليوم الأول. بلغت عائدات النظام من مبيعات النفط خلال سنوات أحمدي نجاد الثماني حوالي 800 مليار دولار. لكن لم يتم إنفاق دولار واحد على الاستثمار الإنتاجي والبنى التحتية الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية للشعب، وبدلاً من ذلك تم استخدام الأموال لتدريب مرتزقة النظام وتسليحهم في المنطقة وبرامج الأسلحة النووية والصاروخية وقمع المواطنين. بعد رفع العقوبات في عام 2015 حتى عام 2018، حيث ألغيت معظم العقوبات، لم يكن هناك أي تحسن في حياة المواطن الإيراني.
• الأوضاع الاقتصادية في إيران ظلت تتدهور منذ قيام جمهورية الخميني إلى يومنا هذا. هل يمكن لهذه الأوضاع أن تتحسن إذا تم رفع العقوبات عن إيران؟
تغيير هذا النظام وإقامة جمهورية ديمقراطية تقوم على أصوات الشعب، الذي يعيش في سلام وتعايش مع جيرانه والمجتمع الدولي، هو وحده الذي يمكن أن يحسن الوضع البائس الحالي.
• لماذا فشل نظام الولي الفقيه في معالجة أزمة تفشي وباء كورونا؟ أين يكمن السبب الرئيسي للفشل؟
◙ خامنئي، المرشد الأعلى للنظام، وجد كورونا منذ البداية فرصة ذهبية يمكن الاعتماد عليها في جعل الشعب طريح الوباء. وتبنى سياسة إلحاق الخسائر واسعة النطاق في صفوف الشعب لدرء الانتفاضات الوطنية المماثلة لتلك التي حدثت في نوفمبر 2019 ويناير 2020.
ولهذا السبب لعب هذا النظام دورًا مدمرًا للغاية في توسع كورونا، وحتى الآن وبتقييم حذر توفي 310 آلاف شخص بسبب كورونا في إيران التي تحتل المرتبة الأولى في العالم بتفاوت كبير مقارنة بعدد السكان. وحتى وفقًا للإحصاءات الحكومية المتلاعب بها، فإن إيران لديها أكبر عدد من الوفيات بين دول المنطقة.
في البداية، أخفى النظام انتشار كورونا في إيران لمدة شهر أو شهرين، ما أدى إلى انتشار واسع للمرض. ورفض خامنئي تخصيص جزء من رأس مال التريليون دولار من المؤسسات الخاضعة لسيطرته، والتي تعد جميعها ممتلكات مسروقة للشعب الإيراني، لمكافحة كورونا. كما رفض خامنئي دفع مساعدات مالية للعمال والكادحين في خضم انتشار الوباء. حتى أنه رفض دفع رواتب الممرضات والطاقم الطبي وتوظيف ممرضات جدد، مما أضعف بشدة أسس النظام الصحي في البلاد.
والأسوأ من ذلك، فقد حظر خامنئي، في إيعاز إجرامي، استيراد اللقاحات البريطانية والأميركية والفرنسية إلى البلاد، مما جعل التطعيم في إيران متخلفًا عن معظم دول العالم.
• ما هي أحوال المعارضة الإيرانية في الداخل، والكل يعلم أن النظام يمارس أقسى أشكال التنكيل ضدها؟ ما هي الأسس التي تجعلكم تثقون بإمكانية حصول التغيير؟
◙ إن النظام لن يتوقف عن القتل ما دام قائما على السلطة. بناءً على التقارير الواردة من داخل البلاد، أعلنّا في نوفمبر 2019 أن عدد الشهداء ربما كان أكثر من 1500 شهيد، والآن وبعد 18 شهرًا، أصبح من الواضح أن عدد المتوفين كان أكثر من الشهر الذي قبله والشهر الذي يليه بما يتراوح بين أربعة وخمسة آلاف، وكان أكثر من الشهر نفسه من العام الماضي.
ومع ذلك، فإن المجتمع الإيراني على عتبة الانفجار لدرجة أن القمع الوحشي لم يعد قادرا على منع الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية. إن انتفاضتي 2018 و2019 والاحتجاجات المستمرة خير دليل على هذه الحقيقة. في السنوات الأربع الماضية، انتشرت معاقل الانتفاضة ومجالس المقاومة كمًّا ونوعًا في جميع أنحاء إيران، مما حرم النظام من نوم هادئ، ويعبّر كل من خامنئي وروحاني ووزير المخابرات وسكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي وقادة الحرس عن خوفهم وقلقهم البالغ من الترحيب العام، وخاصة من جيل الشباب في إيران، بمعاقل الانتفاضة والانضمام إليها. خاصة وأن هذه المعاقل لعبت ولا تزال تلعب دورًا رياديًا متزايدًا في الانتفاضات والاحتجاجات الاجتماعية.
• حركة مجاهدي خلق خسرت الكثير من نشطائها على امتداد السنوات الأربعين الماضية. هل ما زالت هذه الحركة قوية بما يكفي لكي تشكل تحديا للنظام القائم؟
◙ صحيح أنه خلال 42 عامًا من النضال ضد هذا النظام اللاإنساني، فقدنا أكثر من 100000 عضو ومتعاطف مع المنظمة. وتعرض أعضاء المقاومة للهجوم في الأراضي العراقية من قبل نظام الملالي وحكومة نوري المالكي العميلة، لمدة ثماني سنوات، مما أسفر عن مقتل أكثر من 141 منهم في سبع هجمات إجرامية عسكرية والقصف بالصواريخ، وفقد 27 آخرون حياتهم بسبب الحصار الشديد والأمراض الناجمة عنه وأصيب أكثر من 1300 شخص جراء الهجمات.
• أنصار مجاهدي خلق وغيرهم من معارضي النظام الإيراني يواجهون تهديدات إرهابية كثيرة في الخارج. وهذا النظام يراهن على أنه يستطيع أن يحصل على صفقة لتبادل السجناء من أجل أن يُطلق سراح الإرهابيين (مثل أسدالله أسدي المحكوم في بلجيكا). ماذا تقولون في صفقات من هذا النوع لو أنها حصلت بالفعل؟
بالطبع هذا ثمن باهظ للغاية دفعته مقاومتنا، لكن دماء هؤلاء الشهداء قد أعطت ثمارها اليوم في الانتفاضات التي اندلعت في أنحاء متفرقة من البلاد. واصل كثيرون آخرون، وخاصة جيل الشباب في إيران، طريق هؤلاء الشهداء ونضالهم وانضموا إلى صفوف هذه الحركة. أصبحت المنظمة كتنظيم، قوة رائدة، تمضي قدما وأكثر تماسكًا وتلاحمًا من أي وقت مضى. يكفيكم أن تلقوا نظرة على خوف النظام الدائم من الدور الحاسم والمتنامي لمجاهدي خلق في توجيه التطورات الداخلية، وكذلك حملات النظام المكثفة والمكلفة لشيطنة المنظمة، حتى تطلعوا على قدرات المقاومة وفاعليتها في استمرار الانتفاضة وروح المقاومة والنضال ضد النظام. يعتقد الأصدقاء والأعداء على حد سواء أن نظام الملالي يرى منظمة مجاهدي خلق بأنها التهديد الوحيد لكيانه.
◙ لقد قلنا دائمًا، وأقول مرة أخرى، إن أخذ الرهائن والابتزاز هما أداتان لا غنى عنهما للنظام لتعزيز سياسته الخارجية. الطريقة الوحيدة لإحباط فاعلية هذه الصناعة المربحة للنظام هي تبني الحسم والحزم. إن رسالة التعامل مع هذا النظام وتبادل الأسرى هي نقطة ضعف ليس إلا، وتجعل النظام أكثر جرأة في أخذ الرهائن واختطاف الأجانب والمواطنين المزدوجين.
إن حقيقة قيام نظام الملالي بتعيين دبلوماسي كبير لتنفيذ مثل المؤامرة الإجرامية ضد المؤتمر السنوي للمقاومة تظهر أولاً خوف النظام من التقدم السياسي والدولي للمقاومة الإيرانية. وقد حاول الملالي، الذين تلقوا ضربات قوية من المقاومة على مدى سنوات، خاصة أثناء انتفاضة يناير 2018، توجيه ضربة قوية للمقاومة الإيرانية، لكنهم فشلوا. هذا النظام لن يوقف مؤامراته الإرهابية ضد المقاومة الإيرانية ما دام في السلطة. الملالي يعتبرون المقاومة الإيرانية تهديدًا لوجودهم. لذلك لن يتخلوا عن أيّ محاولة لضربها. في شهادتي حول هذه الخطة الإرهابية في باريس، قلت إن هذه الخطة تم إقرارها في مجلس الأمن الأعلى للنظام ووافق عليها خامنئي نفسه. ومؤخرا أكد روحاني هذه المسألة وقال إنه عندما نريد تنفيذ عملية في الخارج يتخذ مجلس الأمن الأعلى قرارا ويوافق عليه خامنئي.
نحن ندعو الدول الأوروبية إلى تحديد مرتزقة النظام واعتقالهم ومعاقبتهم وطردهم تحت أيّ عنوان كانوا من أوروبا، وإغلاق سفاراته وممثلياته التي هي في الواقع مراكز تجسس وتجنيد للإرهابيين والتخطيط ضد المعارضة الإيرانية.
• ماذا تقولون للدول العربية التي تتعرض لتهديدات من جانب إيران؟ ماذا تقولون للعراقيين الذين يتظاهرون ضد ميليشيات إيران؟ وماذا تقولون لغيرهم من ضحايا الميليشيات التي تدعمها إيران في سوريا ولبنان واليمن؟
◙ الرد على تدخلات النظام في دول المنطقة هو الحسم فقط. نحن نحيّي الأخوة العراقيين الذين نشهد تظاهراتهم ضد نظام الملالي ومرتزقتهم في العراق. نضالهم هو نضالنا، والطريقة الوحيدة لإنهاء الاغتيالات والقتل والطائفية في العراق، كما أوضحوا حتى الآن، هي قطع أذرع النظام الإيراني وطرد حرس النظام الإيراني من بلدهم. وهذا ما تبلور في هتافات المتظاهرين العراقيين الشجعان والأبطال. يجب أن يكون الشعب العراقي والشباب قدوة حسنة لشعوب الدول الأخرى وشبابها في المنطقة. لقد شهدنا ونشهد انتفاضات متكررة لشعب لبنان وشبابه الأبطال. إن تقليم أظافر النظام الإيراني وطرد الحرس ومرتزقته خطوة ضرورية، بل إنه أهم خطوة لإعادة السلام والطمأنينة إلى المنطقة.
• ماذا تقولون عن الانتخابات الرئاسية الوشيكة في إيران؟
◙ الحديث عن انتخابات في ظل فاشية دينية يكون فيها المرشد الأعلى هو صاحب القرار النهائي لا محل له من الإعراب. لأن في هذا النظام يتوجّب على جميع المرشحين التعبير عن خضوعهم الكامل وإيمانهم القلبي والعملي بالمرشد الأعلى، وهيئة غير منتخبة، باسم مجلس صيانة الدستور، الذي يضم ستة أعضاء يعينهم المرشد الأعلى وستة أعضاء آخرين يختارهم رئيس السلطة القضائية، الذي هو نفسه يتم تعيينه أيضًا من قبل المرشد الأعلى، يجب أن توافق على مؤهلات هؤلاء المرشحين. كل المرشحين في هذا النظام لديهم تاريخ طويل من القتل والجريمة والإبادة البشرية والإرهاب والسرقة والنهب على مدى الأربعين سنة الماضية. ويتفق جميع المرشحين في انتخابات هذا النظام على قضايا أساسية واستراتيجية، وهي انتهاكات حقوق الإنسان، وتصدير الإرهاب، والتحريض على الحرب والتدخل في دول المنطقة، والسعي لامتلاك أسلحة نووية.
إجراء انتخابات حقيقية ستقام فقط غداة إسقاط هذا النظام. انتخابات حرة ونزيهة مع كل الضمانات اللازمة وسيكون لجميع أفراد الأمة الإيرانية، الحق في المشاركة فيها، بغض النظر عن الجنس والعرق والانتماء القومي والديني. نحن نناضل لاستعادة هذا الحق للانتخاب الحر المسلوب من أمتنا على مدى القرن الماضي. ومن الطبيعي أن تشارك المقاومة الإيرانية في مثل هذه الانتخابات.
الهمّ الأول والأخير لهذا النظام هو الحفاظ على سلطته وبقائها، خاصة في مواجهة أزمات داخلية مستعصية وسلسلة من الانتفاضات الوطنية، التي تشكل أهم تهديد لوجوده
• أخيرا، كيف تنظرون الى مستقبل إيران؟ ما نوع نظام الحكم الذي تعتقدون أن الإيرانيين يتوقون إليه؟ وكيف ستكون علاقاته مع دول المنطقة؟
◙ أرى مستقبلًا مشرقًا وديمقراطيًا وحرًا ومزدهرًا لبلدي في منظور قريب جدًا. عبّر الشعب الإيراني عن مطالبه في هتافاته خلال سلسلة الانتفاضات الوطنية الأربع، لاسيما في انتفاضتي يناير 2017 ويناير 2020، بشعارات “إصلاحي، أصولي انتهى كل شيء”، و”الموت للظالم سواء كان الشاه أو زعيما (الولي الفقيه)”. إنهم يرفضون كلاً من دكتاتورية الشاه والفاشية الدينية ويدعون إلى إقامة جمهورية ديمقراطية تقوم على فصل الدين عن الدولة، وغير نووية. إيران التي يتم فيها ضمان حقوق جميع أفراد الأمة الإيرانية، وتتمتع النساء والأقليات العرقية والدينية بحقوق متساوية. إيران حيث لا يوجد فيها القمع والتعذيب والرقابة والإعدام والإكراه والفرض من أي نوع كان. ستبشر إيران الغد بضمانة للسلام والتعايش مع جيرانها.