أعلن الرئيس الأمريكي (جو بايدن) انسحاب قواته من افغانستان في الموعد النهائي المحدد للانسحاب في 11 سبتمبر المقبل تزامنا مع ذكري حادثة (تفجير البرجين)
قرار الانسحاب بدأ العام الماضي بتوقيع الرئيس الأميركي السابق، (دونالد ترامب)، الاتفاق التاريخي بين واشنطن وطالبان بعد 18 شهرا من المحادثات، لتنفيذ خريطة طريق لانسحاب جميع القوات الأميركية، وقوات حلف الناتو، من أفغانستان.
في سياق متصل صرح رئيس الأركان الأفغانية (ياسين ضياء) لوكالات أنباء عالميةأن انسحاب القوات الأجنبية بدأ بالفعل،وتم تسليم قاعدة هلمند لنا.
وبحسب تصريحات المسؤلين العسكريين بأفغانستان بدأت القوات الأمريكية بالفعل بتسليم قواعدها العسكرية في البلاد إلى الحكومة الأفغانية بالتزامن مع مفاوضات بين الأفغان بالعاصمة القطرية الدوحة للتوصل إلى تسوية للوضع في بلادهم.
الموقف الأمريكي من الانسحاب
في تصريحات له قال رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال (مارك ميلي)أنه من المستحيل التنبؤ بمستقبل أفغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية، وأضاف في مؤتمر صحفي له الاسبوع الماضي أن هناك نتائج محتملة بعضها سيء للغاية.
كما صرح أيضا وزير الخارجية الأمريكي، (أنتوني بلينكن) أن الانسحاب الشامل من أفغانستان قد تكون له تداعيات خطيرة من هيمنة حركة طالبان على الأراضي الأفغانية بعد الانسحاب الأميركي المحتمل.
وفي مؤتمره الصحفي قال وزير الدفاع الأميركي (لويد أوستن) عقب اجتماع وزراء دفاع الناتو ، أن القوات الأميركية “لن تنسحب من البلاد على عجل أو بطريقة تعرض القوات للخطر وتؤدي إلى تشويه سمعة الناتو”.
كما أبدى زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ السيناتور (ميتش ماكونيل)في بياناً له تخوفا من قرار بايدن الانسحاب من أفغانستان واصفا القرار (بالخطأ الجسيم )واوضح أن القرار لا يحظى بإجماع داخل أروقة صنع القرار سياسياً وعسكرياً.
ماهو السبب الحقيقي وراء الانسحاب الأمريكي
بحسب تقارير صحفية امريكية تشير الي دراسة أميركية لجامعة براون جاء فيها : (الحرب المستمرة منذ عقدين في أفغانستان أسفرت عن مقتل 241 ألف شخص، من بينهم أميركيون، وكلفت الولايات المتحدة 2.26 تريليون دولار).
فالكثير من الأمريكيين يري ان التواجد مرهق عسكريا واقتصاديا، ولكن هذا الطرح ليس بجديد ولا بالمؤثر علي سياسة امريكا الخارجية وممارستها التدخل في شؤون البلدان الأخرى.
ربما يكون للانسحاب جوانب اخري استراتيجية تتناسب مع وجهة النظر التي لا تري في الانسحاب الامريكي الا خطة تكتيكية بحتة ،وربما ترتبط بالصراع الامريكي الصيني.
وهنا نتوقف امام تصريحات وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) التي جاءت على لسان (جون كيربي) المتحدث باسمها ان الانسحاب من أفغانستان ربما يحقق لحركة طالبان مكاسب على الأرض. لكن (كيربي) أكد أن ذلك لن يؤثر بحال على الموعد النهائي المحدد سلفا للانسحاب في 11 سبتمبر المقبل.
التصريحات تطرح تساؤولا مهما هل قررت امريكا إحياء طالبان والقاعدة لاعدادهما لمواجهة الصين كما نجحت سابقا في ذلك مع روسيا، خاصة وان امريكا كانت حاضنة لطالبان بشكل غير مباشر اثناء الاحتلال السوفيتي لأفغانستان ولكنها انقلبت عليها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
الدور الصيني
وهنا نتطرق للحديث عن علاقة الصين بأفغانستان ، وهي علاقة يصفها البعض بالجيدة اقتصاديا حيث حصلت الصين على حق الانتفاع من ثلاثة حقول نفطية منفصلة في ولايتي سار بول وفاريات،واستثمرت بقوة في استخراج النحاس وخام الحديد من أفغانستان.
أما علي الصعيد السياسي لعبت الصين دورا هاما بمد طالبان بالاسلحة عبر باكستان في مواجهة امريكا، وهو دور يشبه الدور الامريكي الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية مع القاعدة ضد روسيا، فهل يعيد التاريخ نفسه ولكن باختلاف الأدوار.
الانسحاب يعد انتصارا لطالبان وينتج عنه بسط سيطرتها علي الدولة الافغانية في ظل وجود حكومة أفغانية ضعيفة موالية للادارة الامريكية، كما يتجه اخرون الي احتمال نشوب الحروب الاهلية بعد الفراغ الامريكي والذي يمكن أن يرتد اثره علي الدول المجاورة (روسيا ، باكستان ، الصين) ، وهو ما اشار اليه عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني في تصريحه 🙁 أن باكستان ستكون أكثر دولة تعاني إذا نشبت حرب أهلية في أفغانستان وستواجه أزمة لاجئين).
الموقف الباكستاني
وهنا يأتي الحديث عن الموقف الباكستاني والصراع الهندي الباكستاني الحاضر وبقوة في المشهد الافغاني اكدت تصريحات (عمران خان) رئيس وزراء باكستان :أن “هناك الكثير من الخوف حاليا في باكستان، وأنا أؤكد أننا نحاول بكل ما في وسعنا لإيجاد نوع من التسوية السياسية قبل مغادرة الأمريكيين”.
وأضاف : (لن نسمح مطلقا للولايات المتحدة باستخدام أراضينا لتنفيذ مهمات في أفغانستان).
تخوفات باكستان ليست بجديدة فهي موجودة منذ تزايد النفوذ الهندي في أفغانستان اثناء التواجد الامريكي ، ولذلك لعب (خان) دورا مهما في اقناع طالبان وحثهم علي المفاوضات، حيث أن وجود حركة طالبان في حكم أفغانستان مستقبلا يخدم مصالح باكستان لما لها من علاقات طيبة مع طالبان.
الموقف الأوروبي
دائما ما ياتي الموقف الاوروبي تابعا للموقف الامريكي وهذا ما تشير اليه تصريحات وزيرة الدفاع الألمانية(أنغريت كرامب كارنباور) التي حوار تليفزبوني لها تعقيبا علي الاحداث “قلنا دائما: ندخل معا (مع الأمريكيين) ونخرج معا”. وأضافت “أنا مع انسحاب منظم، فيما صرحت بعثة الاتحاد الأوروبي في أفغانستان التزامها بدعم الشعب الافغاني، وهو ما اكده(توماس نيكلاسون) القائم بأعمال المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لأفغانستان الذي قال:”مع انسحاب القوات، نعتزم البقاء، أن سياستنا لم تتغير، ومهمتنا لم تتغير.