في خضم محاولات الحكومة لمواجهة عجز الموازنة، وجه مجلس الوزراء الكويتي كافة الجهات الحكومية بخفض الإنفاق من ميزانية العام المالي الحالي بما لا يقل عن 10%.
وذكر المجلس أن هذه الخطوة تأتي على خلفية قلة السيولة في الاحتياطي العام وضرورة إيجاد حلول جذرية لمواجهة العجز في الموازنة العامة للدولة.
وقال مراقبون إن هناك ضرورة ملحة لوقف الهدر في المؤسسات، ووقف تمويل المشروعات غير المجدية، وخلق برامج اقتصادية محفزة محليًا، تزامنًا مع خطوة خفض الإنفاق.
تحركات كويتية
وقال مجلس الوزراء الكويتي إنه كلف هيئة القوى العاملة بدراسة مدى إمكانية وقف صرف دعم العمالة الوطنية للعاملين بالقطاع الخاص لمن يبلغ إجمالي راتبه 3 آلاف دينار كويتي فما فوق.
كما كلف المجلس الهيئة العامة للصناعة بدراسة إعادة النظر في لائحة أسعار القسائم التجارية والصناعية.
وقرر المجلس تكليف ديوان الخدمة المدنية باتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة النظر في المزايا الممنوحة للقياديين ومن يعادلهم بجميع الجهات الحكومية.
وفي الإطار ذاته، وافق المجلس على إعادة النظر في لائحة أسعار إيجارات وأراضي ومباني أملاك الدولة بعد أن درس توصية لجنة الشؤون الاقتصادية بشأن نقص السيولة في الاحتياطي العام.
فائدة حقيقية
أكد الدكتور محمد خليفة الجيماز، المحلل الاقتصادي السعودي، أن الحكومة الكويتية تسعى من وراء خفض الإنفاق في الميزانية العامة إلى ضبط أي هدر مالي لخزينة الدولة، وتقليل العجز الذي بلغ 10.8 مليارات دينار، بارتفاع قدره 175% عن السنة المالية الماضية.
وبحسب حديثه لـ”سبوتنيك”، تحتاج دولة الكويت إلى ترشيد إنفاقها، خاصة أنها متخلفة في كفاءة الإنفاق الحكومي.
وتابع: “ستبدأ الكويت وفقاً لقرار الحكومة عقب اجتماعها، بتطبيق مجالات ترشيد الإنفاق في عدة قطاعات حكومية، حيث بدأ مجلس الوزراء بتكليف هيئة القوى العاملة بدراسة مدى إمكانية وقف صرف دعم العمالة للعاملين بالقطاع الخاص لمن يبلغ إجمالي راتبه 3 آلاف دينار كويتي فما فوق”.
وأكمل: “كما كلف الهيئة العامة للصناعة بدراسة إعادة النظر في لائحة أسعار القسائم التجارية والصناعية، وكلف ديوان الخدمة المدنية باتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة النظر في المزايا الممنوحة للقياديين ومن يعادلهم بجميع الجهات الحكومية، وكذلك إعادة النظر في لائحة أسعار إيجارات وأراضي ومباني أملاك الدولة وهي توصية لجنة الشؤون الاقتصادية بشأن نقص السيولة في الاحتياطي العام.
ويرى الجيماز أنه بالرغم من هذا كله، يعتبر هذا الإجراء تنظيميا للإدارة المالية على المدى البعيد، أما الفائدة الحقيقية التي تعود على الاقتصاد المحلي، عندما يتزامن هذا الإجراء مع عدد من الحزم الاقتصادية الداعمة للسوق المحلي.
وقف الهدر
بدوره، قال يوسف الملا، خبير إدارة الأزمات والمخاطر الكويتي، إن خطة الحكومة لخفض الإنفاق الحكومي ستأثر على موازنة الدولة لكن بشكل قليل، حيث توجهت الحكومة لخفض الإنفاق في أوجه صرف بسيطة، وتركت أوجه الصرف الكبيرة التي تحتاج لترشيد الاستهلاك لتوفير مئات الملايين.
وبحسب حديثه لـ”سبوتنيك”، هناك هدر كبير في الكويت، تتخطى حواجز الهدر في جميع دول العالم بأضعاف، وهناك مشروعات تنفق عليها الحكومة مبالغ طائلة، دون حاجة لها، ومشروعات أخرى تصرف عليها مبالغ أكثر من المعمول بها في كل العالم.
ويرى الملا أن أوجه الصرف في هذه المشروعات، والهدر الكبير فيها السبب الرئيسي في عجز الميزانية لدولة الكويت، لا سيما في القسائم الصناعية التي تمنحها الدولة للمستأجرين بأرقام زهيدة، رغم إمكانية تأجيرها بمبالغ كبيرة تدر على الدولة مئات الملايين.
وأكد أن الحكومة تعتمد على وقف تأمين عافية الصحي على المتعاقدين البالغ عددهم 110 ألف متقاعد، فيما تعطي منح لبعض الدول بالمليارات على شكل قروض، ولا تستطيع تحصيلها إلى الآن.
ويعتقد الملا أن هناك أكثر من وسيلة للحصول على مبالغ نقدية كبيرة تساهم في تخفيض عجز الموازنة، أهمها وقف الهدر، معتبرًا أن العجز الذي تعلنه الحكومة مصطنعًا بسبب الهدر وعدم التصرف في موارد الدولة بشكل صحيح، وعدم استخدام ما تمنحه الحكومة للتجار والاستفادة من هذه المنح لا سيما الأراضي الصناعية.
وشدد خبير إدارة الأزمات الكويتي على ضرورة وقف المشروعات غير المفيدة، والتي تتخطى أسعارها أضعاف المبالغ فيها في باقي دول العالم، مؤكدًا على ضرورة وقف هذه المشروعات، وبعدها التوجه لخفض الإنفاق بهذه النسب القليلة.
أعلنت وزارة المالية الكويتية، الأسبوع الماضي، تسجيل 10.8 مليار دينار عجزا للسنة المالية 2020-2021، وهو الأكبر في تاريخ البلاد.
وكشفت الوزارة أن إجمالي المصروفات خلال السنة المالية المنصرمة بلغ 21.3 مليار دينار (نحو 70 مليار دولار)، وذلك في مقابل إجمالي إيرادات بلغت 10.5 مليار دينار (34.5 مليار دولار)، ليصبح بذلك إجمالي العجز المالي 10.8 مليار دينار (35.5 مليار دولار).
وارتفع العجز المالي الكويتي للسنة المالية الماضية بنسبة 174.8% عن العجز المالي المحقق في 2019- 2020، بحسب وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا).
وقبل أيام، خفضت وكالة “ستاندرد آند بورز” تصنيف الكويت درجة واحدة بسبب “الافتقار إلى استراتيجية لتمويل عجز ميزانية الحكومة المركزية”، الذي قُدر عند 33% من الناتج المحلي الإجمالي.