قُتل سبعون شخصًا على الأقلّ في غارة على سجن في صعدة في شمال اليمن، واتّهم المتمرّدون الحوثيّون طيران التحالف العسكري العربي بتنفيذه، غير أنّ التحالف نفى ذلك. وكثّف التحالف الذي تقوده السعودية ويدعم القوّات الموالية للحكومة اليمنيّة في نزاعها مع المتمرّدين الحوثيّين، غاراته الجوّية على مناطق سيطرة الحوثيّين منذ الاثنين، بعد الاعتداء الذي تبنّاه المتمرّدون على أبوظبي في الإمارات العضو في التحالف.
ودان مجلس الأمن الدولي الجمعة بالإجماع “الاعتداءات الإرهابيّة” التي ارتكبها الحوثيّون في الإمارات، بينما اعتبرت النروج التي تتولّى الرئاسة الدوريّة لمجلس الأمن في كانون الثاني/يناير، أنّ الضربة الجوّية التي استهدفت السجن في صعدة “غير مقبولة”. ودعت الولايات المتحدة الجمعة إلى “وقف التصعيد” في اليمن، متحدّثةً عن سقوط “أكثر من 100 قتيل في الأيّام الأخيرة”.
ونقل البيان عن وزير الخارجيّة أنتوني بلينكن قوله إنّ “الولايات المتحدة قلقة جدًا من التصعيد في اليمن”، داعيًا “جميع أطراف النزاع إلى وقف التصعيد والامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي والمشاركة الكاملة في عمليّة سلام شاملة بقيادة الأمم المتحدة”. وقال وزير الخارجيّة الأميركي إنّ “الغارة الجوّية تأتي بعد أيّام فقط من هجوم الحوثيّين المتعمّد على مدنيّين في أبوظبي”.
وقال الحوثيّون إنّ ضربات التحالف استهدفت مبنى اتّصالات. والإنترنت مقطوع عن معظم أنحاء اليمن منذ صباح الجمعة.
واتّهم الحوثيون طيران التحالف بمهاجمة السجن في صعدة التي تُعتبر معقلاً لهم. ووزّعوا صوَر فيديو ملتقطة من الجو للمكان المستهدف الذي قالوا إنّه مقرّ “السجن الاحتياطي” في المدينة، بدا فيها مدمّرًا تمامًا.
وأفادت منظمة “أطباء بلا حدود” بأنّ حصيلة الغارة على السجن بلغت 70 قتيلا و138 جريحا. وفي سلسلة تغريدات على تويتر، قال المتحدث باسم “أطباء بلا حدود” إنّ حصيلة السبعين قتيلا و138 جريحا هي من مستشفى “الجمهورية” فقط، مضيفا أنّ أفراد طاقم المستشفى “يعملون فوق طاقتهم وليس بإمكانهم استقبال مزيد من الجرحى”. وتابع “ممّا سمعت من زملائي في صعدة، أنّ هناك العديد من الجثث التي لا تزال في موقع الغارة الجوّية، وكثير من المفقودين”. وكتب “يستحيل معرفة عدد القتلى. يبدو أنّها عمليّة مريعة”. وذكرت سبع منظمات غير حكومية تنشط في المجال الإنساني في اليمن في بيان أنّ بين الضحايا العديد من المهاجرين، مشيرةً الى أنّ السجن كان معدًا لنقل مهاجرين إليه. ونفى التحالف الذي تقوده السعوديّة في اليمن السبت ما تمّ تداوله من تقارير حول استهداف التحالف لمركز احتجاز بمحافظة صعدة اليمنيّة، مشدّدًا على أنّ هذه التقارير “عارية من الصحّة”. وقال المتحدّث باسم قوّات التحالف تركي المالكي، في بيان نقلته وكالة الأنباء السعوديّة الرسميّة (واس)، إنّ “قيادة القوّات المشتركة للتحالف تابعت ما تناقلته بعض الوكالات الإعلاميّة بعد إعلان الميليشيا الحوثيّة الإرهابيّة المدعومة من إيران عن استهداف التحالف لمركز احتجاز بمحافظة صعدة فجر يوم الجمعة (21 كانون الثاني/يناير) وادّعاء وقوع ضحايا من المحتجزين بداخله”، مشدّدًا على أنّ “هذه الادّعاءات التي تبنّتها الميليشيا الحوثيّة غير صحيحة”.
ولم يُشر التحالف العسكري بقيادة السعوديّة الى أيّ قصف على صعدة، لكنّه تحدّث في بيان عن استهداف الحديدة. وأعلن البيان الذي نشرته وكالة الأنباء السعوديّة “بدء ضربات جوّية دقيقة لتدمير قدرات الميليشيا الحوثية بالحديدة” الواقعة تحت سيطرة الحوثيّين، واستهداف “أحد أوكار عناصر القرصنة البحريّة والجريمة المنظّمة بالحديدة”.
في نيويورك، ندّد أعضاء مجلس الأمن الدولي بعد اجتماع عقد بناء على طلب الإمارات، “بأشدّ العبارات بالاعتداءات الإرهابيّة الشائنة” التي نفّذها الحوثيّون في أبوظبي. وصدر بيان التنديد الذي أعدّته الإمارات، بالإجماع، وفق ما أفاد دبلوماسيّون.
وقالت مندوبة الإمارات في الأمم المتحدة لانا زكي نسيبة إنّ التحالف العسكري في اليمن يعتمد “ردًا متكافئًا في كلّ عمليّاته العسكريّة”، وذلك في اجابة على سؤال عن الضربة التي استهدفت السجن.
واستهدف الحوثيّون بصواريخ وطائرات مسيّرة أبوظبي الاثنين، ما تسبّب بسقوط ثلاثة قتلى وإصابة ثلاثة صهاريج محروقات واندلاع حريق قرب المطار. وتعهدت الإمارات والتحالف بالردّ. وكان ذلك الاعتداء الأوّل من نوعه الذي يُنفّذه الحوثيّون المدعومون من إيران على الإمارات. كان الحوثيّون صادروا في الثالث من كانون الثاني/يناير، باخرة في البحر الأحمر ترفع علم الإمارات، وتنقل، وفق التحالف، تجهيزات لمستشفى. وقال الحوثيّون إنّها تنقل أسلحة.