لماذا سمح العالم لباكستان النووية بما لم يسمح به لإيران؟

آخر تحديث : الخميس 10 فبراير 2022 - 9:14 صباحًا
لماذا سمح العالم لباكستان النووية بما لم يسمح به لإيران؟
فاطمة خليفة:

أخذت الأزمة النووية الإيرانية التي يعيشها العالم الآن في فيينا حيزا كبيرا من الاهتمام العالمي, حيث أثار تلك الاهتمام حفيظة البعض للبحث عن تاريخ البرامج النووية للدول الآخرى التي تمتلك سلاحا نوويا وهي عدد من الدول تعد على أصابع اليد وتتمثل في الدول العظمى الخمسة بالإضافة إلى أربعة دول آخرى فقط هي التي استطاعت في غفلة من الزمن تصنيع سلاح نوويا مثل كوريا الشمالية واسرائيل والهند ومثل باكستان التي تتشابه إلى حد ما مع إيران جغرافيا ودينيا, ولكن البرنامج النووي الإيراني شهد صخبا وجدلا واهتماما أمريكيا وأوروبيا لم يشهده أي برنامج نووي آخر, فلماذا اذن سمحت القوى العالمية لباكستان الإسلامية بالنووي بينما تحظره على الجمهوية الإسلامية الإيرانة؟، وما الفرق بين برنامج باكستان وبرنامج إيران النووي؟، وكيف امتلكت باكستان سلاحها النووي, وما علاقة الصين بذلك؟ ، ولماذا اتجهت باكستان لصناعة النووي وما علاقة الهند بذلك؟، وكيف تحدت باكستان العالم لتصنع النووي؟ وكيف كان رد فعل القوى العالمية وهل أثر ذلك على علاقتها بأمريكا ؟

كل تلك الأسئلة تحاول “العربي الأفريقي” الإجابة عنها في هذا التقرير حيث نستعرض معكم تاريخ السلاح النووي الباكستاني والسباق النووي الهندي الباكستاني, والعلاقات الباكستانية مع كل من أمريكا والصين, والتحديات التي واجهت باكستان لامتلاك سلاحها النووي, وردة الفعل الأمريكية والأوروبية.

تعد باكستان الدول الإسلامية الوحيدة التي تمتلك سلاحا نوويا في العالم, تلك السلاح الذي سخرت باكستان كل مجهوداتها السياسية والاقتصادية لامتلاكه وتحملت في سبيله أكل العشب وأوراق الشجر من أجل الحصول على قنبلة نووية أسوة بعدوتها اللدود “الهند”, وهنا نتذكر التصريح الشهير للرئيس “ذو الفقار علي بوتو” رئيس وزاء الهند حينها حيث قال جملته الشهيرة “إذا صنعت الهند القنبلة، فسوف نأكل العشب أو أوراق الشجر، بل وسنجوع، لكننا سنحصل على واحدة تكون ملكنا”.

الصراع الباكستاني الهندي وسباق السلاح النووي

وفق تصريح “ذو الفقار” يعد الصراع الباكستاني الهندي هو السبب الرئيس لتوجه باكستان لتخصيب اليورانيوم ومن ثم تصنيع سلاح نووي وامتلاك قنبلة نووية أسوة بالهند, فمن المعروف أن الهند من الدول المتقدمة عسكريا والتي تمتلك سلاحا متطورا, وهي من أوائل الدول التي صنعت السلاح النووى بعد دول القوى العظمى, حيث أعلنت الهند عن اجراء اختبارها النووي الأول عام 1974, مما دفع باكستان إلى التصميم على عمل برنامجها النووي، لإحداث توازن عسكري بينهما لمواجهة الصراع المسلح طويل الأمد بين الدولتين, وبالفعل استطاعت باكستان اللحاق بركب الهند النووي, لكن بعض التقارير العالمية تكشف عن وجود تقارب كبير في الميزان النووي بين الدولتين, ووفق ما نشرته الوكالة الروسية عن احصائيات صادرة من معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام فإن الهند تمتلك حوالي 156 رأسا نوويا, مقابل حوالي 165 رأسا نوويا لباكستان, ، بينما تتفوق الهند على باكستان في المجال البحري حيث تملك الهند الغواصة النووية “آي إن إس أريهانت”.

تاريخ السلاح النووي الباكستاني

فعليا بدأت باكستان بتخصيب اليورانيوم عام 1974 على يد العالم الباكستاني ” عبد القدير خان” الذي انضم إلى “على بوتو” في مشروع تصنيع القنبلة النووية الباكستانية, وأنشأ هيئة مستقلة للبرنامج النووي الإيراني ومعامل هندسية للبحوث في مدينة روالبندي, واستطاع العالم الشاب الذي يعد بطلا قوميا وشعبيا لدي جموع الشعب الباكستاني من إنشاء مفاعل كاهوتا النووي في ستة أعوام فقط, حيث عادة تأخذ تلك المفاعلات عقودا لإنشائها.

كانت العقبة الوحيدة أمام باكستان هي صعوبة تصنيع المادة الإنشطارية ولكن “خان” اعتمد على أجهزة الطرد المركزي لإنتاج اليورانيوم, واستمر في تجاربه وتجميع اليورانيوم والبلوتونيوم المخصب اللازم لصناعة الأسلحة النووية, حتي تمكن من تجهيز قنبلة اليورانيوم عالي الخصوبة عام 1984, وبالفعل استطاعت باكستان امتلاك أول قنبة نووية عام 1998.

الفرق بين البرنامج النووي الباكستاني والإيراني

نظرا للحظر الذي تفرضه القوى العظمى العالمية على تصنيع السلاح النووي, فقد لجئت بعض الدول لعمل برنامجها النووي سرا, وكثير من البرامج النووية يحيط بها الغموض والسرية ومنها بالطبع البرنامج النووي الباكستاني الذي ترجح بعض التقرير الصادرة عن صحف ومؤسسات أمريكية أنه يمتلك أكثر من 100 قنبلة نووية وأنه ربما يكون البرنامج الأخطر في العالم, مقارنة بالبرنامج النووي الإيراني الذي يتوقع الخبراء اقترابه من تصنيع القنبلة النووية التي يتطلب تصنيعها تخصيب اليورانيوم بنسبة90%, فيما تمتلك إيران مخزون من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%, وهو الأمر الذي ينفيه المسؤولين الإيرانيين.

ففي الوقت الذي تؤكد فيه إيران أن أهداف برنامجها النووي هي لأغراض سلمية فقط وليس لامتلاك سلاح نووي, تشن القوى العالمية بقيادة أمريكا حربا شارسة لوقفه, وهو ما لم يحدث مع برنامج باكستان الصريح في أهدافه لأغراض حربية.

التحديات التي واجهت باكستان لصناعة سلاح نووي

كانت باكستان صريحة في دوافعها ونوياها لخوض تجربتها النووية, فقد صرحت منذ بداية برنامجها النووي أنها تسعي لامتلاك القنبلة النووية وتصنيع سلاح نووي لحمايتها في صراعها الأبدي مع الهند, ورفضت باكستان التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT). أصرت باكستان على المضي قدما في برناجها النووي بالرغم من ردة الفعل العالمية الهجومية والتي كانت أقل حدة من ردة الفعل تجاه إيران, بينما اختفت تماما تلك الردود وتلك الحدة تجاه برنامج الهند النووي.

كانت اسرائيل هي أولى الدول المعارضة لامتلاك باكستان سلاحا نوويا وقامت بالتحريض ضد باكستان في أوروبا والولايات المتحدة التي فرضت عقوبات اقتصادية ضد باكستان في الوقت الذي كانت تساند الهند سياسيا وعسكريا, وبالرغم من تلك العقوبات فقد أغفلت أمريكا أحيانا الطرف عن برنامج باكستان النووي، ولم تأخذ أي مواقف تصعيدية لوقفها فعليا وهو الموقف الذي يثر الغموض.

العلاقات مع أمريكا والصين

يرجع البعض السبب في الموقف الأمريكي المتأرجح تجاه برنامج باكستان النووي إلى احتياج أمريكا لباكستان كموقع استراتيجي في صراعها ضد كل من الصين وأفغانستان وروسيا، فقد ساندت باكستان أمريكا في حربها ضد النظام الشيوعي سابقا، وبالرغم من ذلك ساندت أمريكا الهند في برنامجها النووي ووقفت ضد باكستان, وقامت بقطع معظم المساعدات الاقتصادية والعسكرية عنها عقب تجربتها النووية الأولى, ولذلت تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وباكستان شكلا متقلبا ما بين الجيد أحيانا والمتوتر أحيان آخرى فهي اعلاقات متفاوتة تحكمها الظروف الإقليمية, بينما تظل الاتهامات متبادلة بين الطرفين حيث تتهم أمريكا باكستان بمساعدة القاعدة وطالبان سرا في أفغانستان, بينما تتهمها باكستان بالتحيز للهند, وهو ما دفع باكستان للتقارب مع الصين التي يشير البعض لدورها القوى في إمداد باكستان بمعدات وأجهزة ساهمت في تحقيق برنامجها النووي.

رابط مختصر
2022-02-10
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر