>> نواب الجماعة مستاؤون من إقصائهم في المحافل الدولية والإقليمية
يعكس استثناء البرلمان الأردني نواب كتلة الإصلاح (الذراع السياسية للإخوان المسلمين) من تمثيله في اجتماعات البرلمان العربي والمحافل الإقليمية والدولية، حزما أردنيا في القطع مع الجماعة رغم مساعي الأخيرة إلى مغازلة السلطة مرارا أملا في إعادة التموقع السياسي.
وأبدى النائب عن كتلة الإصلاح أحمد القطاونة امتعاضه من عدم إشراك نواب كتلته في تمثيل الأردن في الخارج، لاسيما في جلسات البرلمان العربي وبقية المحافل الدولية.
وأضاف القطاونة “هناك تجاهل لعدم إشراك نواب كتلة الإصلاح بالوفود النيابية التي تغادر في سفرات إلى الخارج”.
وبينما يرى مراقبون أن عدم إشراك نواب كتلة الإصلاح في تمثيل الأردن في الخارج يعود إلى ضعف تمثيلتهم داخل البرلمان، يؤكد آخرون أن القرار يمثل رسالة من أعلى هرم السلطات في المملكة مفادها أن لا انفتاح على الجماعة ولا مساعي لإعادة تعويمها سياسيا مثل ما يتم ترويجه.
وعلى إثر إشراك حزب الإصلاح في مناقشات لجنة تحديث المنظومة السياسية في الأردن، روجت الجماعة إلى تراجع السلطة عن مقاطعتها، وأن ذلك يمثل بداية مرحلة جديدة لإعادة تدويرها بناء على رغبة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في الإصلاح السياسي.
واستثمر الإخوان المسلمون ذلك في الدعم غير المشروط لتوصيات تحديث المنظومة السياسية وعدم إبداء أي اعتراض داخل مجلس النواب أو خارجه على بنودها وخياراتها، إلا أن ذلك دعم لن يكون مؤثرا في الصياغة النهائية للتوصيات إذ للجماعة ستة مقاعد نيابية من أصل 130 مقعدا.
ورغم أن السلطة فتحت قنوات تواصل مع الإخوان المسلمين من خلال اللجنة الملكية لتحديث الحياة السياسية، إلا أن محللين يؤكدون أن الأمر لا يعني أن هناك نية لاستيعاب الجماعة مجددا في المشهد السياسي.
وتقول دوائر سياسية إن هذا الانفتاح الرسمي على الإخوان مجددا بعد قطيعة طويلة نسبيا هو تمش تكتيكي في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها المملكة، والتي تفرض تحييد أي أصوات معارضة قد تعمل على تأزيم الأوضاع أكثر.
ولا يعني الانفتاح الرسمي على جميع المكونات السياسية بما في ذلك الجماعة أن هناك مصالحة قد تجري بين التنظيم والدولة، لعدة أسباب أولها الأمر القضائي الصادر في حقها ومناخ الثقة الغائب بين الطرفين.
وفي يوليو 2020 قررت السلطات القضائية الأردنية حلّ جماعة الإخوان المسلمين التي تشكل مع ذراعها السياسية، حزب جبهة العمل الإسلامي، المعارضة الرئيسية في البلاد.
وأصدرت محكمة التمييز، أعلى هيئة قضائية في الأردن، حكما يقضي باعتبار جماعة الإخوان المسلمين منحلة حكما وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية، وذلك لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية وفقا للقوانين الأردنية.
ومنيت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بانتكاسة جديدة حيث فشلت في تسجيل حضورها ضمن أي من اللجان النيابية الخمس عشرة، وبالتالي باتت عمليا خارج المعادلة البرلمانية.
وكانت الجماعة، ممثلة في التحالف الوطني للإصلاح، نجحت في حصد ستة مقاعد فقط في الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجريت في العاشر من نوفمبر الماضي بخسارة نحو ثلثي مقاعدها التي حصلت عليها في الانتخابات التشريعية السابقة (16 مقعدا).
ولم تستطع الجماعة تشكيل تحالفات، وهو ما يفرضه النظام الداخلي للمجلس النيابي الذي يشترط تمثيل 10 في المئة من إجمالي أعضاء المجلس، وآلت معظم اللجان إلى النواب الجدد الذين بلغ عددهم 98 من أصل 130 نائبا.
وجرى اختيار معظم اللجان عن طريق الانتخاب فيما تم تشكيل 5 لجان عن طريق التوافق، في مجلس مختلف عن سابقيه، يرنو إلى كسر الصورة النمطية التي حافظت عليها المجالس السابقة لجهة طريقة العمل والأداء الذي كان دون طموحات الشارع الأردني.
ويرى مراقبون أن عدم نجاح جماعة الإخوان في الانضمام إلى اللجان، سيجعلها على الهامش في المجلس، ولن تكون لها القدرة على التأثير خاصة من الناحية التشريعية.
ويعد البرلمان المنفذ الوحيد لجماعة الإخوان، لكن الوضع تغير، ولم يعد لهذا الحزب اليوم أي تأثير نيابي، في مقابل تلاحق الجماعة قرارات قضائية تطالب بحلها.
وعلى مدار سنوات تعاملت السلطات الأردنية مع جماعة الإخوان المسلمين بحذر ورفضت تطبيق قرارات السلطة القضائية القاضية بحلها في ظل مخاوف من ردود فعل الجماعة وتأثيرها على السلم الأهلي والاستقرار السياسي في المملكة.
ويرى مراقبون أن تلك المخاوف خفّت في ظل إدراك من أصحاب القرار داخل المملكة، بأن الجماعة لم تعد تملك التأثير الكبير، بعد تآكل قاعدتها الشعبية، وهو ما أكدته نسب التصويت لفائدتها في الاستحقاق التشريعي الأخير.
وتعرضت جماعة الإخوان خلال السنوات الأخيرة إلى ضربات قاسمة، لعل أبرزها الانشقاقات التي عصفت بها والتي طالت قيادات من الصف الأول.
وتبدو جماعة الإخوان اليوم مكبّلة، ولم تعد تملك أوراق القوة للمناورة، والضغط على أصحاب القرار في المملكة، وسط توقعات بإمكانية حدوث المزيد من الانشقاقات في صفوفها، لاسيما وأن الكثير من كوادرها وأعضائها كانوا متحفظين على المشاركة في الاستحقاق الانتخابي الأخير.