>> قرار عدم ترشحي كان صعبا.. وأهالي دائرتي مقتنعون بدوري الخدمي والتشريعي
>> عهدي هو الالتزام الحزبي وولائي لتيار المستقبل.. فكنت أول نائب عن “التيار” في البرلمان منذ عام 2000
>> بعض من استقالوا خسروا الانتخابات والتيار معا
>> عزوف “المستقبل” أفسح المجال البعض وخاصة “التغييريين”
>> الناخب اللبناني اختار بدائل جديدة مستقلة اعتبرها تعويضا عن غياب “تيار المستقبل” المعتدل
>> “تيار المستقبل” متأصل في وجدان غالبية اللبنانيين وفي حال عودته ستنقلب الأمور رأسا على عقب
>> “الحريري” يهيء لانطلاقة جديدة لتعزيز الجانب الخدمي والمعيشي للناس
>> عاكفون على التحضير للمؤتمر العام لتيار المستقبل الذي سيشهد إعادة هيكلته تماما
>> أتمنى من البرلمان الجديد تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لتفتح لنا أبواب المجتمع الدولي
بعد أكثر من 20 عاما نائبا في مجلس النواب اللبناني عن دائرة الشوف بمحافظة جبل لبنان، ممثلا لتيار المستقبل، يقرر د. محمد الحجار عدم ترشحه في الانتخابات التشريعية الأخيرة في لبنان؛ احتراما وولاء إلى حزبه السياسي “تيار المستقبل” الذي يتزعمه سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق.
ويعد النائب السابق محمد الحجار أحد أبرز نواب وقياديي “تيار المستقبل، إذ يمثل “الحجار” دائرة الشوف في مجلس النواب اللبناني منذ العام 2000، وكان في كل انتخابات تتزايد الأصوات المنتخبة له، مما أهله ليكون في صدارة الفائزين في الانتخابات الأخيرة، إلا أنه فضل الالتزام الحزبي والولاء لتيار المستقبل، بعد أن دعا “الحريري” أعضاء تياره إلى الاستقالة حال ترشحهم، نظرا لتعليق “المستقبل” نشاطهم السياسي ومشاركتهم في الانتخابات الأخيرة. وبالرغم من قرار “الحريري” إلا أن تياره شهد هوجة من تقديم الاستقالات من أجل الترشح، صاحب ذلك خسارة البعض من هؤلاء للانتخابات فخسر تياره والانتخابات معا.
حول الواضع الراهن في لبنان وما يدور في تيار المستقبل واستعداده لإعادة هيكلته، وكيفية انخراط لبنان في المجتمع الدولي لنجاته من أزمته الراهنة أجرت “العربي الأفريقي” حوارا خاصا مع النائب السابق د. محمد الحجار، والذي تناول فيه عددا من المحطات على الصعيد الداخلي والخارجي للدولة اللبنانية، والذي أكد في حواره أن لبنان بحاجة ماسة إلى تنفيذ برنامجا إصلاحيا، تمنى أن يقرره مجلس النواب الجديد؛ حتى تفتح أبواب المجتمع الدولي أمام لبنان لإنقاذه.. وإلى تفاصيل الحوار:
• بداية، نود توضيح موقف تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري من المشاركة في الحياة السياسية، والتي فسرها الغالبية بأنه اعتزالا وليس تعليقا؟
الجميع يعلم قرار الحريري بتعليق العمل السياسي وليس الاعتزال أو المقاطعة، وهنا يختل المفهوم كليا فتعليق العمل السياسي يعني به عدم مشاركتنا في البرلمان وبالطبع الامتناع عن الترشح في الانتخابات النيابية التي جرت في الشهر الماضي ومن ثما عدم مشاركتنا في أي حكومة مستقبيلة، ولكن أود أن أوضح أن تعليق العمل السياسي لا يعني أننا لن نقوم بواجبتنا الاجتماعية والخدماتية التي نقوم به كتيار شعبي تجاه الناس وأعبائهم المعيشية، فتيار المستقبل كان دائما وسيبقى أبدا في خدمة الناس والبلد.
• البعض ينتقد الحريري لاتخاذه قرار الاعتزال ويعتبره بهذا القرار قد نحر حزبه السياسي ونحر معه الطائفة السنية.. ما رأيك في هذا؟
العكس صحيح، فالرئيس الحريري لم يعتزل، بل علق العمل السياسي لتيار المستقبل لأنه كان على قناعة بأن هذه الطبقة السياسية بأكثريتها الساحقة لا تريد أن تقوم بما هو مطلوب منها للخروج من النفق المظلم الذي نحن فيه الآن، لذلك أراد الحريري أن يوجه رسالة من خلال اعتكاف تيار المستقبل إلى كل المعنيين بأننا لنستطيع استكمال العمل الوطني على هذا النحو، وكذلك رسالة مفادها أننا لن نكون شهود زور على انهيار لبنان.
• كنت نائبا لأكثر من 20 عامل لدائرة من أهم دوائر جبل لبنان، هل كان من السهل عليك اتخاذ قرار بعدم الترشح للانتخابات والتخلي عن مقعدك النيابي؟
بالطبع لم يكن هينا علي اتخاذ هذا القرار، فأنا كنت في هذا الموقع نائبا عن قضاء الشوف بجبل لبنان متبوأ المقعد السني على مدار اثنان وعشرون عاما، والجميع يشهد بأن الأصوات الانتخابية التي كنت أحصل عليها كانت في ازدياد مستمر من دورة إلى أخرى، قناعةً من الناس بدوري الشخصي والتشريعي والخدماتي وكذلك قناعة لما أمثل كنائب عن تيار مستقبل، ومن المعروف أن الانتخابات في لبنان تعتمد بشكل كبير في الدوائر الانتخابية على التمثيل السياسي والحزبي ولكنها أيضا تعتمد على ما تقوم به كشخص من تقديم إقتراحات قوانين وكذلك من الخدمات والمشاريع لصالح الناس ولصالح أهالي الدائرة التي تمثلها.
• هل كان هذا الأمر مجاملة للحريري أم التزاما حزبيا وقناعة سياسية؟
عندما طلب الرئيس الحريري ممن يريد الترشح للانتخابات النيابية من أعضاء التيار أن يستقيلوا من التيار، كنت في حرج شديد تجاه الأهالي في دائرتي الإنتخابية وتجاه كل من كان يطلب مني الإستمرار. ولكن ليس هكذا أحسب الأمور فالانتخابات بالنسبة لي وسيلة وليست غاية بحد ذاتها، وما يحكمنا هو مبادئنا فقط ولذا لم أتردد في إعلان قراري في عدم الترشح.
أنا مع آل الحريري منذ العام 1982 عندما تعرفت على الرئيس رفيق الحريري، وكنت منسقا لتيار المستقبل في قضاء الشوف بجبل لبنان ومنطقة إقليم الخروب لحوالي 10 سنوات، وكنت أول نائب عن تيار المستقبل في البرلمان اللبناني عام 2000 في عهد الحريري الأب؛ وبالتالي فمن الطبيعي كي أكون متصالحا مع نفسي ومع تاريخي أن أرفض ترك تيار المستقبل بعد كل هذه السنوات من أجل مقعد نيابي، وهنا أقولها صراحة فالجميع يعلم أنني في حال ترشحي كنت سأتبوء مقعدي النيابي باقتدار.
• كيف ترى موقف أعضاء تيار المستقبل الذين فضلوا ترك التيار من أجل اانتخابات البرلمانية؟
هناك أطراف فضلوا أن يستقيلوا من تيار المستقبل ليترشحوا إلى الانتخابات ولكنهم لم يتوفقوا في الانتخابات فخسروا الانتخابات وخسروا التيار.
• كيف ترى البرلمان اللبناني الجديد بدون تيار المستقبل؟
لا شك أن عزوف تيار المستقبل عن خوض الانتخابات أفسح في المجال أمام البعض وخاصة مجموعة النواب الذين يطلقون على أنفسهم النواب التغييريين، وأعتقد كما تقول كل التحليلات أننا لو كنا خضنا هذه الانتخابات ما كان لهؤلاء النواب أن يحصلوا على هذا العدد من المقاعد، فالجميع يعلم حجم تيار المستقبل وما يمثله من ثقل انتخابي.
• هل هذا التغيير في صالحكم؟
التغييرات الانتخابية التي حصلت تؤكد، وبما أننا كنا نخوض الانتخابات كتيار وطني لبناني عروبي ديمقراطي مستقل، وعلى هذا الأساس كانت تختارنا وتؤيدنا الناس، أنه عند غيابنا اختارت الناس بدائل جديدة مستقلة إعتبرتها تعويضا عن غياب تيار المستقبل المعتدل ولم تختار أحزابا مناهضة لنا أو خصوم لتيارنا.
• هل يستطيع تيار المستقبل المنافسة فعليا مرة أخرى في أي استحقاقات قادمة أم أنه أصبح مجرد تراث سياسي؟
تيار المستقبل هو تيار متأصل في وجدان الأكثرية من اللبنانيين، وبالطبع في حال عودة “الحريري” وتيار المستقبل إلى الحياة السياسية والمنافسة مرة أخرى أعتقد أن كل هذا الواقع الذي نحياه سينقلب رأسا على عقب. لا يمكن لأحد أن يلغي تيار المستقبل؛ لأن أغلبية الشعب اللبناني على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم هم مؤيدين ومناصرين ليس لأشخاصنا، ولكن للبرنامج الديمقراطي الوطني الذي يمثله تيار المستقبل والذي يهدف لبناء لبنان، السيد العربي الحر المستقل، لبنان الحوار والتسامح، لبنان اللا طائفي.
• ماذا عن مستقبل تيار المستقبل في الوقت الراهن؟
“الحريري” يهيء لانطلاقة جديدة لتعزيز الجانب الخدمي والمعيشي تجاه الناس، خاصة في ظل التحديات المعيشية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد لكي نكون بجانبهم في هذه الظروف المعيشية التي من المتوقع أن تتأزم أكثر، ونحن نحضر اليوم مع الرئيس الحريري للمؤتمر العام لتيار المستقبل الذي سينعقد في الشهور القادمة والمنتظر فيه العمل على إعادة هيكلة التيار والمواقع القيادية والأساسية فيه من خلال عملية تقييم ونقد ذاتي، ذلك لسد الثغرات التي كانت تشكل عائقا أدى في بعض الأحيان إلى تراجع في أداء التيار.
• بعد خروج تيار المستقبل من البرلمان، رأينا الكثير من التجاذبات بين الأحزاب السياسية حول انتزاع الأكثرية النيابية في البرلمان.. كيف ترى ذلك؟
ليس هناك من أكثرية واضحة في المجلس النيابي الجديد، وهذا الأمر تجلى بشكل مباشر في انتخابات رئيس المجلس ونائبه وأعضاء مكتب المجلس، ولكن من المؤكد أن هذه الانتخابات بينت أن دما جديدا قد تم ضخه في المجلس النيابي، ونأمل أن يحسن هؤلاء النواب الاختيار والأداء لتحقيق الهدف المنشود في وقف الإنهيار.
• أخيرا، ماذا تتوقع للبرلمان الجديد والحكومة القادمة؟
نحن نتمنى التوفيق للجميع للقيام بدورهم التشريعي والعمل على إصدار القوانين اللازمة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة والتي تساعدنا في مفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولي، لأنه بدون تلك الإصلاحات لن تفتح لنا أبواب المجتمع الدولي.
كما نتمنى أن ينجح البرلمان في هذا وإن كانت المؤشرات الأولية لا توحي بقدرة المجلس على اتخاذ قرارات. نحن حاولنا ونادينا مرارا وتكرارا بضرورة إنجاز هذه الإصلاحات ولكن الأكثرية النيابية لم تكن تريد إصدراها. في النهاية أتمنى أن أكون مخطئا في توقعاتي وأن ينجح المجلس بالفعل في إصدار الاصلاحات المطلوبة للخروج من هذا النفق المظلم للبلاد.