تحمل زيارة الجنرال مايكل لانجلي، قائد القوات العسكرية الأمريكية بأفريقيا (أفريكوم)، إلى تونس دلالات عميقة تعكس اهتمام الولايات المتحدة بالحفاظ على الشراكة العسكرية مع تونس، والعمل على تعزيزها.
وهذه أول زيارة يقوم بها لانجلي إلى تونس، منذ توليه منصبه في أغسطس الماضي خلفا لستيفان تونساند، وتأتي ضمن جولة قادته أيضا إلى المغرب، الشريك العسكري الوثيق بالنسبة إلى الولايات المتحدة في منطقة شمال أفريقيا.
وأجرى قائد “أفريكوم” خلال الزيارة التي امتدت ليومين لقاءات وصفت بـ”المهمة” و”المثمرة” مع وزير الدفاع التونسي عماد مميش، وعدد من كبار القيادات العسكرية في البلاد.
وقالت وزارة الدفاع التونسية، في بيان لها، إن اللقاء تمحور حول واقع وآفاق التعاون التونسي – الأمريكي في المجال العسكري والسبل الكفيلة بالمزيد من الارتقاء به.
ونقلت السفارة الأمريكية في تونس عن الجنرال لانجلي قوله إن “هذه الزيارة أسفرت عن نقاشات مثمرة حول الفرص المستقبلية للعمل المشترك بين قواتنا البحرية”.
وأضاف قائد “أفريكوم” أن “الزيارة منحتني نظرة ثاقبة إضافية حول كيفية استمرار “أفريكوم” في دعم الحلول التي تقودها أفريقيا لهذه القضايا البحرية العابرة للحدود”.
وشدد على أن “تونس شريك بحري مهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي في البحر الأبيض المتوسط وفي جميع أنحاء أفريقيا”.
وتواجه تونس تحديات كبيرة لاسيما في علاقة بنشاطات شبكات تهريب البشر عبر المتوسط، والوضع الأمني الهش في الجارة ليبيا، الأمر الذي يجعلها في حاجة إلى دعم شركائها الدوليين.
وكجزء من زيارته إلى تونس، قام الجنرال لانجلي بوضع إكليل من الزهور في المقبرة الأميركية بشمال أفريقيا في مدينة قرطاج وهي المثوى الأخير لـ2841 جنديًا أمريكيًا قضوا في الحرب العالمية الثانية.
والتقى قائد “أفريكوم” أيضا بالجنود الأمريكيين على متن السفينة “يو.إس.إن.إس ترينتون” الراسية حاليًا في ميناء مدينة حلق الوادي، الواقعة في الضاحية الشمالية لمحافظة (ولاية) تونس.
وتشهد العلاقات العسكرية بين تونس والولايات المتحدة تطورا لافتا في السنوات الأخيرة، ترجم في زيادة واشنطن حجم الدعم المقدم للجيش التونسي، سواء من حيث العتاد، أو من خلال التدريبات المشتركة التي تجري بشكل دوري بين الجانبين.
وتتمتع تونس برتبة الشريك الرئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ العام 2015، ووفق القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، فقد خصص البنتاجون دعما للجيش التونسي بحوالي مليار دولار منذ ثورة 2011، التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة حريصة على الحفاظ على نسق العلاقات مع تونس، لاسيما في الجانب العسكري، وأن الزيارة التي أجراها لانجلي خلال يومي 18 و19 من الشهر الحالي، هي دليل على أن لا تغير في الموقف الأميركي على خلاف ما تروج له بعض القوى السياسية في تونس.
وكانت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا قد صرحت في وقت سابق بأنه “بعكس السودان.. لا يبدو أن التوترات السياسية بين الرئيس قيس سعيد ومعارضيه قد تركت تأثيرا على نوعية العلاقة العسكرية الأمريكية بتونس”.
وقالت متحدثة باسم القيادة الأمريكية إن تونس كانت ولا تزال نقطة اهتمام لـ”أفريكوم” في شمال أفريقيا، في ظل زيارات وتمارين متبادلة بين الطرفين. ولفتت المتحدثة حينها إلى ما وصفته بالدور الإستراتيجي لتونس في أمن الملاحة في البحر المتوسط، مؤكدة على دعمها لجهود تونس في أن تصبح “مركزا إقليميا للتدريبات”.
وإلى جانب التدريبات المشتركة، يحرص البنتاجون على المشاركة في المعارض التي ينظمها الجيش التونسي، وآخرها المعرض الدولي للطيران والدفاع الذي أقيم مؤخرا في مطار النفيضة – الحمامات بتونس.
وقد أكدت القائمة بالأعمال الأمريكية ناتاشا فرانشيسكي والفريق جون د. لامونتان، مساعد قائد القوات الجوية الأميركية في القوات الجوية الأوروبية في أفريقيا، خلال افتتاح الجناح الأميركي على أهمية العلاقات الأمنية العريقة والتعاون المشترك في مجال الدفاع بين الولايات المتحدة وتونس.
وقد ضم الجناح الأمريكي عددا من شركات طيران ودفاع أمريكية خاصة تتطلع إلى تعزيز العلاقات التجارية مع تونس.
وشكل المعرض الذي شاركت فيه خمسون دولة و110 شركات أجنبية، فرصة للاطلاع على أحدث الابتكارات والتكنولوجيات الحديثة في مجال الطيران ونظم الملاحة الجوية ومنظومات الدفاع الجوي، وهي فرصة مهمة للالتقاء بأهم ممثلي الشركات المصنعة للتعريف بقدراتها في ميدان صناعة الطيران.