>> الموارد الأفريقية تشكل 33% من مجمل الموارد العالمية
>> الفساد، وغياب الحكم الرشيد، واستمرار التبعية الاقتصادية أهم الأسباب
>> 40% من سكان القارة الأفريقية تحت خط الفقر
>> أفريقيا المنتج الأكبر لأكثر من 70% من المعادن المهمة للصناعات العالمية
>> 90 مليار دولار تفقدها دول القارة سنويا في شكل تدفقات مالية وتجارية غير مشروعة
اعتبر خبراء ومراقبون الفساد وغياب الحكم الرشيد وسوء الإدارة واستمرار التبعية الاقتصادية من أبرز الأسباب التي تحول دون استفادة إفريقيا من مواردها الطبيعية الغنية، مشيرين إلى أنه وعلى الرغم من أن تلك الموارد تشكل نحو 33 بالمئة من مجمل الموارد المتوافرة في العالم إلا أن 40 بالمئة من سكان القارة يعيشون تحت خط الفقر.
وتتمتع إفريقيا بمميزات تنافسية كبيرة في مجال الموارد الطبيعية؛ فهي منتج رئيسي لأكثر من 70 بالمئة من المعادن المهمة للصناعات العالمية، مثل اليورانيوم المستخدم في إنتاج الطاقة النووية والبلاتين المستخدم في المجوهرات والتطبيقات الصناعية والنيكل المستخدم في الفولاذ المقاوم للصدأ والمغناطيس والعملات المعدنية والبطاريات القابلة لإعادة الشحن وخام الألمنيوم والكوبالت المستخدم في أصباغ الألوان.
كما تستحوذ “القارة السمراء” على نحو ربع إنتاج العالم من الذهب والأحجار الكريمة العالية القيمة مثل الألماس، إضافة إلى النفط والغاز.
لكن لماذا لم ينعكس وجود هذه الموارد على بلدان القارة الإفريقية التي تعتبر الأفقر والأقل تنمية على المستوى العالمي؟
أين المشكلة؟
يؤكد الخبراء أن أمام بلدان هذه القارة فرصة سانحة للاستفادة من تفوقها الواضح من حيث مكامن مصادر الموارد الطبيعية، إضافة إلى طبيعة التركيبة السكانية التي تصل نسبة الشباب فيها إلى أكثر من 40 بالمئة، لكن الاستفادة من هذه المميزات مرتبط بشكل كبير بالقدرة على مكافحة الفساد والتخطيط الاقتصادي السليم وإحداث تحول كبير في السياسات التعليمية من خلال الاهتمام بالتدريب المهني وإدخال التكنولوجيا بشكل مكثف في برامج التعليم من أجل للاستفادة من الأعداد الضخمة من الشباب في ترويض الموارد الطبيعية وتحقيق الفائدة الاقتصادية القصوى منها؛ بدلا من ترك أكثر من 60 بالمئة من شباب القارة يعملون الآن في قطاعات هامشية غير منتجة.
ويرى هؤلاء أنه في حال نجاح حكومات البلدان الإفريقية في إحداث تغييرات جوهرية في مجالات الحوكمة وتبني خطط مبنية على الاستثمار في مستقبل الأجيال، فإن من شأن ذلك أن يحول القارة إلى قوة عالمية كبرى تنقل اقتصاداتها من التركيز إلى حد كبير على تصدير المواد الخام بأسعار رخيصة إلى مجموعة أكثر تنوعًا تشمل المعلومات واقتصاديات التصنيع ذات القيمة المضافة.
موازنة الاستثمارات
وفقا للخبراء، فإن الوصول إلى استغلال أمثل للموارد الطبيعية في القارة يحتاج إلى موازنة استثمارية جديدة تقوم على تحقيق الأولويات الأساسية التي تقود إلى عائدات تنعكس بشكل مباشر على التنمية البشرية. وفي حين تحتاج بلدان القارة إلى استثمارات أكبر في مجال التعليم والتكتولوجيا وتقنيات آمنة لاستخراج المعادن وتجديد الغابات الخشبية؛ إلا أن الاستثمار في البنية التحتية يعتبر أمرا جوهريا.
وتعاني بلدان القارة الإفريقية من نقص كبير في مجال البنيات التحتية، وهو أمر يعيق أي خطط استثمارية لاستغلال الموارد الطبيعية.
وبسبب نقص البنية التحتية، أصبح نقل البضائع من غرب إفريقيا إلى الصين أرخص من نقلها إلى بلدان شرق القارة. وتقدر تقارير الاستثمارات المطلوبة في مجال البنيات التحتية في دول القارة مجتمعة بأكثر من 500 مليار دولار.
أرقام ومفارقات
30 في المئة من موارد العالم المعدنية تتركز في إفريقيا.
تمتلك إفريقيا 8 بالمئة من احتياطات الوقود الأحفوري و12 بالمئة من احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم؛ وتستحوذ على 65 بالمئة من الأراضي الصالحة للزراعة على كوكب الأرض و10 بالمئة من المياه العذبة المتجددة.
35 دولة إفريقية من بين 46 دولة صنفتها الأمم المتحدة كأقل بلدان العالم نموا.
90 مليار دولار سنويا تفقدها خزائن دول القارة سنويا في شكل تدفقات مالية وتجارية غير مشروعة.
يشكل سكان قارة إفريقيا نحو 20 في المئة من مجمل سكان العالم، البالغ تعدادهم 8 مليار نسمة.
574 مليون من سكان إفريقيا يعيشون في فقر مدقع معتمدين على أقل من دولارين في اليوم.
تستوعب الزراعة 60 بالمئة من إجمالي العمالة في إفريقيا، لكن أكثر من 70 بالمئة من سكان القارة يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي.
رؤية الخبراء
ويؤكد مراقبون أن قضية الاستفادة من موارد القارة ظلت لسنوات طويلة بلا حلول وذلك لأسباب تتعلق بالارتباط العضوي المستمر بين اقتصادات العديد من بلدان القارة والبلدان التي كانت تستعمرها في السابق؛ إضافة إلى طبيعة الأنظمة الحاكمة.
لا يمكن الحديث عن استغلال أمثل للموارد الطبيعية في إفريقيا دون تحقيق ديمقراطية حقيقية تعطي المؤسسات حرية وضع وتنفيذ السياسات المتعلقة بإدارة تلك الموارد وتوجيهها نحو التنمية الشاملة. من المحبط جدا أن تفشل الحكومات الإفريقية بعد عقود من الاستقلال في التخلص من تبعات المستعمر الاقتصادية وفي وضع أسس وطنية صارمة تضع مصلحة شعوبها وتنميتها في مقدمة الأولويات. التشديد على أهمية الاستفادة من تنافسية الموارد الإفريقية التي تشكل جزءا كبيرا من مدخلات الصناعة والإنتاج في البلدان الغربية.
وبحسب الخبراء، فإن معظم بلدان إفريقيا غنية بالموارد لكن ما ينقصها هو كيفية استغلالها والاستفادة منها بالشكل الصحيح وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا في ظل وجود حكم رشيد وإدارة شفافة وفاعلة. الكثير من البلدان الإفريقية الغنية بالموارد لا تفتقد فقط لأنظمة الحكم الرشيد إنما تعاني أيضا من ضعف مؤسسات الدولة وغياب التخطيط السليم الذي يمكن من الاستفادة من الموارد وتحقيق التنمية البشرية والاقتصادية المطلوبة.
يعبر المحلل الاقتصادي الغاني إبراهام لارتي عن اعتقاده بأن الفساد المستشري في القارة يشكل المشكلة الحقيقية التي تحول دون تحقيق الاستفادة اللازمة من الموارد الغنية التي تتمتع بها البلدان الإفريقية، ويضيف: أفريقيا تنعم بوفرة هائلة من الموارد الطبيعية مثل الذهب والبوكسيت والمنغنيز وزيت النخيل والليثيوم والكاكاو والأخشاب والأراضي الصالحة للزراعة وغيرها من الموارد المهمة للأسواق العالمية؛ لكن رغم ذلك لا تزال أكثر من 70 بالمئة من شعوب القارة تعيش تحت خط الفقر وتكابد من أجل الحصول على الغذاء والدواء والخدمات التعليمية.
الجشع والفساد وانعدام الرؤية من أبرز الأسباب التي تؤدي لعدم استفادة إفريقيا من مواردها الطبيعية.