ليبيا تريد رجال دولة

آخر تحديث : الأحد 18 ديسمبر 2022 - 11:16 مساءً
غير معروف

تمر ليبيا اليوم بمرحلة خطير ربما تكون من أخطر مراحلها في العصر الحديث إن لم يكن على مر العصور، فهي تعيش مرحلة مخاض عسيرة من أجل ولادة دولة حديثة بكل معنى الكلمة.

دولة يسودها القانون والعدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وليس القانونية فقط. إن ليبيا اليوم تواجه الكثير من المخاطر التي تحيط بها من كل حدب وصواب وتهدد استقرارها وامنها فبعد معاناة لسنوات وعقود طويلة و المرور الى مرحلة من الفوضى والانقسام وتعدد السلطات والصراعات.

تجد ليبيا نفسها اليوم في فوضى وفراغ أمني ومؤسساتي ولولا فضل الله وبعض مخلصيها لحدث اسوء مما يجري اليوم فليبيا اليوم امام محولات لتقسيمها أكثر مما هي مقسمة وامام محاولات لإفراغها من ثرواتها لتذهب الى من لاحق له بها وأمام تدخلات من كل جانب من اجل اغتنام الفرصة والحصول على اكثر مكاسب على حساب الدولة ومواطنيها.

وهذه المرحلة الخطيرة تحتاج للخروج منها الى رجال دولة بكل معنى الكلمة رجال دولة، لا رجال سلطة وكراسي ومناصب فارغة.. رجال دولة ينكرون ذاتهم ويضعون مصلحة بلادهم ومواطنيها فوق كل الاعتبارات الشخصية او الجهوية او القبلية او المناطقية او حتى الدولية.. لا رجال كراسي يبحثون عن السلطة وانتهاز الفرص للاستفادة من هذه المرحلة للحصول على المكاسب الفردية او المكاسب القبلية حتى يرضى عنهم افراد قبيلتهم او سكان منطقتهم او اعضاء احزابهم وتياراتهم الفكرية.

إن ليبيا في حاجة الى رجال دولة يكون انقاذ البلاد واخراجها من ما تعيشه اليوم هو هدفهم ويكون العمل مع كل من يجدون فيه المقدرة على التعاون معهم والعمل بإخلاص هو مناهجهم وليس رجال كراسي يبحثون عن الاقرباء والاصدقاء والمعارف لكي يكونوا الى جانبهم ويقدموا لهم فرص الاستفادة من مغانم الدولة حتى لو لم يكون لهم القدرة على القيام باي عمل يفيد البلاد والعباد فقط لانهم لهم بهم علاقة.

ليبيا اليوم في حاجة الى رجال دولة يذكرهم التاريخ كما يذكر اليوم الكثيرون من مروا في تاريخها الذين كافحوا وانكروا ذاتهم لخدمة بلادهم ورفع اسمها وشأنها في كل مكان بعيدا عن مصالحهم وان انيتهم حتى اصبحوا يسطر التاريخ اعمالهم ويذكرهم ابناهم واحفادهم بكل فخر.

ليبيا اليوم بحاجة الى مثل اولئك الرجال ممن يبحثون عن تحقيق اهداف شعبهم في العيش بكرامة وحرية وفي حياة كريمة توفر لهم كل احتياجاتهم بحاجة الى رجال دولة يسطرون أسمائهم في تاريخها بإحراف من نور فيفخر بهم ابناءهم واحفادهم على مر العصور وليس رجال كراسي يستغلون كراسيهم لتكديس الأموال وتهريبها الى خارج البلاد رجال ينتهوا الى مزبلة التاريخ كما انتهى الكثير غيرهم من رجال الكراسي الذين يخجل منهم حتى ابناءهم واحفادهم ومن اعمالهم على مر العصور ويروثون لهم الخزي والعار.

ليبيا في حاجة الى من يقود البلاد بكل اخلاص وحتى ان اخطاء وهذه سمة البشر يكون خطاءه عن عمل وعن ظروف وليس خطا مقصودا من اجل الاستفادة الفردية ليبيا تريد رجال يعتبرون كل الليبيين ابناءهم واخواتهم واباءهم وابناء قبيلتهم وابناء مدينتهم وابناء حزبهم وليس رجال كراسي يتعاملون مع الاخرين حسب صلة قربتهم بهم وحسب قبيلتهم او مدينتهم او حزبهم ويبعدون كل مخلص فقط لأنه ليس من مدينته او قبيلته او جماعته.

ليبيا تريد رجال دولة يحافظون على مقدراتها ويبنون مستقبلها لا يتعاملون معه الدولة الأجنبية من أجل ارضى الجميع على حساب الوطن حتى لا يخسر احد وليذهب الوطن الى الجحيم.. فهل لدينا اليوم مثل هؤلاء الرجال الذين يمكن الاعتماد عليهم لإخراج البلاد والعباد من حالة الفوضى التي نعيشها وتعيشها بلادنا بعد ثورة سالت فيها الدماء وقدمت فيها الارواح بالألف ام لا..؟!!

*كاتب المقال: كاتب ليبي وعضو التجمع الوطني للمصالحة.

رابط مختصر
2022-12-18
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر