عند الحديث عن الإعلام وحرية الكلمة في حدودها القصوى اوالدنيا من الضروري تبين السياق السياسي والاجتماعي الذي يدار فيه الحديث وايضا خصوصية المجتمع، والحديث عن الاعلام في المجتمعات الشمولية واستبدادية الحديث فيها إشكال في العمق ، فالحرية الاعلامية تريد مناخ ديمقراطي و انعدام هذا المناخ الديمقراطي يطفئ جذور الكلمة الهادفة الصادقة.
حرية الكلمة أحد حقوق الإنسان التي اقرها المجتمع الدولي، فقد احتفي العالم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 الذي أكد أن حرية نفاذ المعلومة أحد الحقوق الأساسية للإنسان، وللأسف، في ليبيا أصبحت الساحة الإعلامية تعمها الفوضى العارمة؛ بسبب عدم وجود قوانين تحدد وتنظم العمل الإعلامي، وأيضا غياب جسم مهني يحمي الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية من محاولات تكميم الأفواه والاعتداء علي المؤسسات الإعلامية.. لهذا فإن مأزق حرية الكلمة في ليبيا يعكس سقف الحرية لانعدام الديمقراطية التي توفر مناخ ومنابر حرة.
ومن المؤكد أن العلاقة طردية بينهما وهي العلاقة التي على الإعلاميين والمهتمين بالشأن العام والتي تضعهم في خانة المخالفين للتيار وضعها في أولوياتهم. وكما أشار الفيلسوف الألماني كلود ادريان إلى أن تقييد حرية الصحافة هو حرمان الرأي العام من الحقيقة أو مواقف حقيقية في المجتمع.
للأسف، المرأة دفعت ثمن المجاهرة برأيها في تلك المجتمعات نتيجة غياب القانون وتفشي أدوات الفساد ولم يعد الإعلام معول بناء بل معول هدم وخراب وفتن للعقول.
إن المسؤولية جماعية لحماية قنوات ووسائل الاعلام من تشويه وتطرف واسفاف.
ولا يمكن تحقيق إعلام حقيقي الا بإعلام مستقل من الناحية الاقتصادية عن الحكومة، وأن يهتم الإعلام بقضايا المجتمع وتطويره دون إلزام سلطوي أو إيديولوجي ومن خلال قنوات تتسم بالدقة والصدق.. كذلك وجود تعددية ثقافية حقيقية تسمح بنمو تيارات سياسية وثقافية وأن يقوم الإعلام بدور الشريك في مجالات الإصلاح من خلال تعبئة الرأي العام وتحريك الفعاليات المختلفة.
كما يعاني الإعلام من مشكلة خلط بين الإعلان والتحرير، وهي قضية تمتد جذورها إلى الماضي، فقد أصبح الترويج للثقافة إعلان السائد في الإعلام دون تقديم محتوي رسالة إعلامية هادفة ورصينة تخدم المجتمع.
إن مسؤولية الإعلام كبيرة، لكن تقع في مطبات كثيرة وعراقيل، وهذه إشكاليات لا تنتهي إلا بتسخير إمكانيات إلاعلام لصالح قضايا المجتمع وهذه رسالة إلاعلام لن تتحقق في ظل منظومة فساد سياسي في مجتمعات عربية لا تؤمن بالحرية الفكرية؛ بالرغم من أن التطور التقني في الإعلام تجاوز حدود الجغرافيا.. مازال أطر الحرية تهمش ألاقلام التي تطرح قضيتها بكل مسؤلية والتي لا تخدم قضايا صناع القرار
إن المسؤولية الاجتماعية للإعلام كبيرة، وهي رفع مستوي الوعي المجتمعي ومحاكاة قضايا المواطن التي تمس حياته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وعلى الأخص القضايا ذات الشأن الاقتصادي لأن معاناة المواطن تفاقمت في ليبيا بسبب الحروب والوضع الأمني وغلاء الأسعار.. وما لم يتم دعم الإعلام المحلي وتفعيل قوانين تساند العمل الإعلامي وفق ميثاق شرف مهني يحمي حقوق الإعلاميين. كذلك تقع على الإعلام مسؤولية طرح ملف المصالحة واقتحام الشباب والمرأة والعمل علي نسج النسيج المتهالك ونبذ خطاب الكراهية والفتنة ..ومواجهة التحديات الإعلامية الراهنة فهل من مجيب ؟