إن انضمام مصر إلى مجموعة الأكثر الاقتصادات نموا في العالم ( بريكس BRICS) أرى أنها خطوة إيجابية تساعد على خروجنا من عنق الزجاجة لكنه في المقابل يجب أن نتخلى عن مبدأ انتظار المساعدات والهبات والبدء في تطوير الصناعة الوطنية من جديد وعودة الإنتاج الزراعي إلى سابق عهده حتى نقف على أرض ثابته ونتحرر من أسر الدلروه الذي ضيع الاقتصاد المصري !
لاشك أن دول البريكس ارست قواعد إقامة نظام عالمي أكثر عدلا بعد التغول الأمريكي والغربي على دول العالم الثالث والبريكس مجموعة دول انشئت في يونيه ٢٠٠٩ وتضم اربع اعضاء من ثلاث قارات افريقيا وآسيا وامريكا الجنوبية تمثل ٤٠٪ من سكان العالم و وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا وقد اشتق اسمها( بريكس ) من الأحرف الأولى للدول الأربع وتطلق على نفسها انها دول الاقتصادات الناشئة وهو تعبير متواضع لأنها في واقع الأمر تضم أكبر وأغنى اقتصاد في العالم ويكفي أن الصين قوة اقتصادية لا يستهان بها وكونها في مجموعة بريكس جعلها المسيطرة على الناتج الاجمالي العالمي في الحاضر بنسبة تتعدى 31٪ وفي المستقبل ستتجاوز هذه النسبة 50٪ عام 2030!
وتعد روسيا واحدة من القوى العظمى رغم إنهاكها في الحرب مع أوكرانيا وتمثل البرازيل قوة سياسية واقتصادية كبيرة في أمريكا اللاتينية وتعتبر جنوب أفريقيا من أكثر الدول تقدما واستقرارا في قارة أفريقيا أما الهند التي أصبحت أكبر دولة أو شبه قارة في العالم من حيث عدد السكان ويتميز اقتصادها بالتنوع وهناك تشابه بين الاقتصاد المصري والاقتصاد الهندي !
وقررت قمة مجموعة بريكس في اجتماعها السنوي في جوهانسبرج بجنوب افريقيا دعوة 6 دول هي مصر والإمارات والسعودية وإيران الارجنتين وإثيوبيا إلى الانضمام للمجموعة اعتبارا من يناير 2024 !
والسؤال لماذا انضمام مصر إلى مجموعة البريكس يمكن أن يخرجها من عنق الزجاجة وينقذ الاقتصاد المصري ؟
خطت المجموعة خطوات جادة نحو التخطيط لأن تكون لها عملة موحدة لها غطاء ذهبي -وان كان تم ارجاؤها حاليا- إلا أننا نقول إن هذا يعني ببساطة أن مصر يمكن أن تتحرر من ارتباطها بالدولار الامريكي من ناحية وسوف تصبح شروط صندوق النقد الدولي محل مناقشة من ناحية أخرى حيث أن العملة الموحدة ستوجه ضربة قاضية للدولار وعلى مستوى مصر هذا يشير إلى ارتفاع قيمة العملة الوطنية ( الجنيه المصري) وبالتالي ستنحفض معدلات التضخم وهذا يقود إلى ارتفاع في الدخل الحقيقي للمواطن المصري اي سوف تزداد قدرته الشرائية ! أما الحكومة سوف تتعامل بشكل اكثر مرونه مع ضغوط صندوق النقد الدولي الجائرة ولعلها تجد حلولا ناجعة لمشكلة الدين الخارجي الذي ارتفع إلى 165 مليار دولار بنهاية الربع الأول من عام 2023 وذلك ومع وجود بنك التنمية الجديد الذي انشأته بريكس عام 2014 يعتبر بديلا طبيعيا لصندوق النقد الدولي.
لكن في المقابل إن الانضمام إلى عضوية بريكس يلقي على مصر مسئولية كبيرة فلابد أن تعود إلى الإنتاج من جديد معتمدة على تطوير الصناعات الوطنية والنهوض بالزراعة مستغلة مساحات واسعة من أرض مصر غير المستغلة حيث يتركز معظم السكان على طول وادي النيل الضيق والدلتا، بينما يعيش 98٪ منهم على 3٪ فقط من الأراضي ، وهناك امل كبير في أن يمثل مشروع الدلتا الجديدة انفراجه في زيادة الإنتاج الزراعي خاصة من المحاصيل الغذائية!
وفي التحليل الاخير نرى أن أطراف البريكس سيجعلون مصر ضمن مناطق الاستثمار الإنتاجي بما يعود بالفائدة عليهم قبل أن يعود على المصريين!
وهكذا يمكن القول إن خطوة التوسع في عضوية البريكس والتحرك كقوة سياسية واقتصادية مؤثرة في عالم اليوم سيعيد صياغة خريطة العالم على نحو يجبر القوى الغربية التقليدية أمريكا وأوروبا على فتح صفحة جديدة من التعاون والشراكة معها لأن المواجهة بأي صورة من الصور لم تعد مجدية في العلاقات الدولية في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي يشهدها العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه ومن هنا لابد أن تتبنى مصر توجهات تتناغم مع مصالحها وفق هذا النهج سواء على مستوى التعاون الثنائي أو مستوى التعاون الجماعي !
*كاتب المقال رئيس قطاع الأخبار الأسبق بالهيئة الوطنية للإعلام.