عودوا يا سادة إلى التاريخ!

آخر تحديث : الخميس 28 سبتمبر 2023 - 9:54 مساءً
بقلم: إبراهيم الصياد
بقلم: إبراهيم الصياد

حلت في ٢٨ سبتمبر الذكرى ٥٣ لوفاة الزعيم جمال عبد الناصر قبل حوالي نصف قرن واتذكر وانا طالب في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أنني قمت بعمل بحث كان بعنوان … “عبدالناصر الحاكم والزعيم ” و بالرغم من أن كلا المفهومين كانا في شخص واحد ما جعل البعض لا يفرق بينهما فاستعصى فهم القرارات المصيرية واختلطت الاوراق وبالتالي تباينت التقييمات !

وأعتقد كان عبد الناصر زعيما وفق الثقافة الأمريكية بمعنى hero أو البطل على مستوى الدور الذي لعبه عبد الناصر في مصر والعالم العربي وعلى مستوى الدائرتين الإسلامية والأفريقية ولهذا كان من الضروري التمييز بين المفهومين الحاكم والزعيم ! إذن رؤيتنا له كحاكم بمعنى أنها كانت مقصورة على مصر بكل ما في التجربة الناصرية من سلبيات و ايجابيات !

لكن عندما نناقش ما يتعلق بعبد الناصر الزعيم فإن الأمر يختلف حيث يمتد مفهوم الزعامة إلى خارج الحدود و هذا يفسر لنا لماذا ازدادت شعبية عبد الناصر بعد وفاته خارج مصر أكثر من مصر نفسها؟ لأن الآخرين لم يكونوا ينظرون إليه كحاكم بل يقيمونه باعتباره زعيما قوميا!

اكيد كانت هناك أخطاء لجمال عبد الناصر ومن منا لا يخطأ ؟ إن أحد أخطر اخطائه كانت هزيمة ٦٧ لكنه اعترف بمسئوليته عنها ولو لم تكن حرب يونيه وما حدث فيها ما كنا اعدنا بناء مصر على أسس لا تدخل فيها اعتبارات المجاملات والصداقة طبعا اقصد صداقة جمال بالمشير عامر !

وأقول إن عبد الناصر دفع ثمن هذا الخطأ وقرر بعد استراحة محارب أن يعيد بناء القوات المسلحة ولولا هذه الخطوة ما كان انتصار اكتوبر المجيد عام ٧٣ الذي نحتفل بعيده الذهبي هذا العام !

كما وقع عبد الناصر كحاكم في أخطاء أخرى لكن بكل صدق كلها قابله للنقاش وفي المقابل جميعنا وأقصد كل العرب كنا فخورين بعروبتنا بانتمائنا القومي لأن هذا الرجل غرس فينا شعورا لم يكن موجودا من قبل وهو كيف تكون لديك العزة والكرامة؟

وفي تقديري هذه ليست شعارات مرحلة إنما كانت سمة المرحلة في ذلك الوقت وليس غريبا أنه بعد رحيله تنكر الكثيرون لهذا الشعور الذي يعتبر اساسا للبنية السياسية العربية في عالم لا يعترف الا ب الاقوياء ! حتى جامعة العرب أصبحت جامعة حكومات وفي لحظة من اللحظات غاب الانتماء العربي وأصبح الفكر الانعزالي هو المسيطر على العقل والفكر العربيين !

خلاصة القول وكلامي موجه للتاريخ وليس لأشخاص بعينهم عبد الناصر الحاكم يحاسب على أخطائه سواء كانت حقيقية أو مفتعلة! أما عبد الناصر الزعيم هو قصة شعب أراد أن يكون له مكانه بارزه بين الشعوب شعب يعتمد على ذاته لبناء مستقبله ويمتلك قراره بلا رضوخ أو تردد !

إذن عودوا ياساده إلى التاريخ فهو اصدق كتاب يرصد الحقيقة بلارتوش بشرط أن يكون كاتبوه محايدين !

*كاتب المقال: رئيس قطاع الأخبار الأسبق بالهيئة الوطنية للإعلام.

رابط مختصر
2023-09-28
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر