لا شك أن حرب طوفان الاقصى قد رشح عنها الكثير من النتائج ومن بينها أن دور الإعلام في هذه الحرب كان لا يقل اهميه عن دور الآله العسكريه حيث امتزجت القدره العسكريه مع القدره الاعلاميه وشكلا معا عنصر قوه إضافية للاطراف المتحاربه ونرى أن دولة الاحتلال كانت الطرف الاعلى صوتا وظل صوت المقاومة متمثلا فيما يصدر عن كتائب القسام من تقارير مصورة وفي تعاطي الإعلام العربي مع الحدث بدرجات متفاوتة كل على حدا !
(١)
يمكن القول ان الاعلام الصهيوني ومن يسانده من الدول الغربيه وفي مقدمتها الولايات المتحده لم يستطع ان يخفي جرائمه في غزه رغم محاولاته المتكرره استخدام سياسه نشر الفضائع وهي سياسه دعائيه تسمى atrocity propaganda وقد عرفت منذ ايام جوزيف جوبلز وزير الدعايه النازي في الحرب العالمية الثانية هذه السياسه مارستها دولة الاحتلال كما انتهجها الامريكيون اليوم بشكل سافر لخداع العالم وبالتالي نجدهم يلفقون الأكاذيب ويخلطون بين المفاهيم ويتهمون المقاومة الفلسطينية بما ليس فيها سموها النازية الجديدة واعتبروها داعش وأنها ليست سوى حيوانات بشرية وهذا ما وجدناه في لقاء زعيم المعارضة في دولة الاحتلال يائير لبيد بالإعلاميين الصهاينة عندما قال لهم بالنص ( أن الموضوعية تخدم حماس) ودعاهم إلى عدم نقل الحقيقة أو وجهتي النظر وكذب وزير الخارجية الإسرائيلي على أعضاء مجلس الامن بقوله إن عناصر المقاومة اغتصبوا النساء الاسرائيليات ثم تم حرقهن والاطفال يُقتلون ثم تُقطع رؤوسهم ووصفوا عملية إطلاق سراح الحالات الإنسانية من الرهائن لدى حماس سواء الرهينتين الامريكيتين أو السيدتين المسنتين من دولة الاحتلال بانها نوع من الابتزاز . (٢) من هنا نجد أن الإعلام هو الذي يصنع الحرب النفسية ويحدد مداها وتأثيرها ولذلك يعطي الارتكاز إلى الدعاية فقط نتائج قصيرة المدى مثلما حدث بعد خطاب بايدن بعد السابع من اكتوبر الذي سرد فيه أخبارا كاذبة fake news وعندما سأله الصحفيون هل رأيت ماقلته قال لا هذا ما أخبرني به نتنياهو !
(٣) لكن توظيف الإعلام بشكل مهني بنشر الحقائق صوت وصورة يخلق أمرين :
🔹الامر الاول تفنيد ادعاءات دعاية الفظائع ما يؤدي إلى حدوث تغير نوعي في ردود الأفعال feed back لا سيما العالمية منها على الأقل و يشمل التغير احداث توازن في عرض الرأي والاستماع إلى الرأي الآخر وهو أمر لا تحدثه الدعايه انما هو يختص به الإعلام المستند إلى المعايير المهنيه الذي يعرض الحقائق 🔹 الأمر الثاني هو تكوين ما يمكن أن نسميه رد فعل ايجابي لدى الطرف المقاوم لأن هنا يقف الإعلام ظهيرا له ويفوت على الطرف الآخر (دولة الاحتلال ) تحقيق الهدف من حربها النفسيه التي تستهدف معنويات المدنيين في الأراضي المحتله وتحديدا في غزه والضفه الغربيه!
(٤) نلاحظ أنه خلال الحروب تنتشر الشائعات بسبب الدعايات المغرضه ولا يمكن أن يدحضها الا إعلام يطرح الحقائق بشفافيةو يوجهها الى الراي العام في المنطقه والى الأخر في الخارج بلغته اي انه يستهدف الرأي العام اقليميا ودوليا ولهذا من الضروري أن تكون هناك خطه اعلاميه يتم من خلالها نشر جيش من المراسلين المحترفين في مناطق العمليات مسلحين بادواتهم المهنيه واهمها ادوات النقل من المصدر الى غرفه الاخبار في الوسيله الاعلاميه وضروره توفير تصاريح التصوير الخارجي والنقل المباشر من مواقع الاحداث من الجهات المعنيه سواء كانت طرفي الحرب او منظمه الصليب الاحمر وما شابه ذلك!
. (٥) إن الإعلام في حاله الحرب وفي ظل وجود منصات الكترونيه تنقل الحدث لحظه بلحظه عليه مهام يقوم بها لجعل المشاهد او المتلقي يعيش تطورات الحدث وينقله إليه لحظة بلحظة على عكس الحروب السابقه مثلا منذ نحو نصف قرن كانت المواجهات تسجل صورها وتنقل الى المتلقي في وقت لاحق طال او قصر فهذا يتوقف على المسافه بين جبهات القتال ومقر خدمه البث أما اليوم الامر مختلف اذا لم يتمكن فريق العمل من ارسال صور آنيه للعمليات الحربيه سواء قصف غزه او اشتباكات في شمال فلسطين المحتله او قصف جنوب لبنان او تصوير على الهواء لعمليه اطلاق الصواريخ من غزه على مدن العدو التي اصبحت جميعها تُطال بما يمكن قصفها بالصواريخ نقول إذا لم يستطع المراسل فعل ذلك فإن غرفة تحرير الأخبار تتحرك إلى مصادر أخرى لديها مثل اليوتيوب و مايسمى الإعلام الفردي وهو عبارة عن مبادرات من أشخاص يصورون الحدث ويرسلونه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشرط أن يتم التأكد من صحة الصورة المنقولة!
خلاصة القول …….
إن الإعلام رغم أنه قوة ناعمة soft power له دور مهم في حروب القرن الحادي والعشرين بما يمتلكه من إمكانات وتقنيات الثورة الاتصالية ما يجعلنا نؤكد أن هذا الدور لا يقل خطورة عن أي نوع من أنواع القوى الصلبة hard powers التي تمتلكها الدولة ! *كاتب المقال رئيس قطاع الأخبار الأسبق بالهيئة الوطنية للإعلام.