أكثر من خمس حروب سابقه في الشرق الأوسط لم يكن التفاعل مع الحرب بمثل ما حدث في الحرب الأخيرة في غزة التي تسمى طوفان الاقصى والتي تدخل في السابع من يناير القادم شهرها الثالث ! حرب نقول بكل المقاييس طويله ومدى التدمير فيها شديد وكذلك عدد الضحايا كبير بالقياس الى مساحه قطاع غزه المحدوده ! ويمكن القول إن الإعلام على مدار الساعه جعل المتلقي يعيش أجوائها ويتفاعل مع أحداثها بشكل غير مسبوق ما يعني ان الإعلام في الحروب الحديثه اصبح له دور لا يقل أهمية عن دور القوه العسكريه الغاشمة ! واتصور انه لو كانت الحروب السابقه ( افتراضيا) لديها نفس الامكانات الاتصاليه الموجوده الآن لتغيرت أمور كثيره ووثقت احداث ربما الظروف في حينها لم تمكن من توثيقها!
وأرى أن الإعلام في حرب غزه استند الى دور المراسلين في نقل العمليات والتطورات في مختلف المناطق سواء داخل قطاع غزه أو في الجبهه الشماليه لفلسطين المحتله او حتى داخل دوله الكيان نفسها! أن الانتقال من منطقه الى أخرى جعلت المتلقي يرى ويلهث وراء معرفة المزيد من المعلومات و الحقائق المدعومه بالاسانيد المصوره بالاضافه بالطبع الى استضافه المحللين والخبراء في الشان عسكري والسياسي بشكل يقدم الصوره الكامله للمشاهد والمتابع !
وهذا يتعلق بشكل محدد بالإعلام الكلاسيكي او التقليدي المرتبط بقنوات التلفزيون وشبكات الاذاعه ولكن هناك جانبا مهما في التغطيه الاعلاميه للحرب هي وسائل التواصل الإجتماعي وهي امور لم تكن موجوده من قبل حيث يمكن معرفه الأخبار قبل اذاعتها في وسائل الاعلام السمعيه والبصريه حيث يعتبر الإعلام الإلكتروني اكثر سرعه في نقل الحدث من الاعلام الكلاسيكي وتحفظنا الوحيد هو أن منصات الاعلام البديل ليست كلها على درجة مهنية واحدة أو ملتزمة بمعايير مهنة الإعلام ! ولذلك إن المتابع سواء عن طريق هذا النوع من الاعلام او عن طريق الإعلام التقليدي او عن طريقهما معا هو أمام مفهوم جديد لإعلام الحرب يقوم على فكرة المعايشه الآنيه للحدث وهو امر اصبح ضروريا في ظل الثوره الاتصالية الحديثه وهو ما لم يكن متوفرا من قبل خلال الحروب السابقه!
إن اي متابع متخصص يمكنه تحديد اي القنوات او منصات لديه قدره على تقديم الاحداث بشكل موضوعي وطالما توفر لها عناصر النقل الفنيه والمهنية من منطقه العمليات العسكريه!
إذن المعيار الحاكم للاداء المهني للوسيله الاعلاميه في تغطيه الحرب هو النقل على الهواء او ما يسمى بالمباشر او اللايف وهذا هو الاساس في امكانيه الحكم على موضوعية التغطيه الاعلاميه ( الخبريه) لأحداث الحرب وهو ما ناقشناه قبل ذلك في أكثر من مقال !
*كاتب المقال رئيس قطاع الأخبار الأسبق بالهيئة الوطنية للإعلام.