إيران وإسرائيل.. حقيقة الصراع والدور

آخر تحديث : الأحد 8 سبتمبر 2024 - 11:56 مساءً
إيران وإسرائيل.. حقيقة الصراع والدور
فاطمة خليفة:

>> أبو بكر أبو المجد: إسرائيل تشعر بالتهديد الإيراني لأمنها القومي.. وإيران تنظر لإسرائيل كقوة ساعية لتقويض نفوذها الإقليمي

>> إيران وإسرائيل شريكان لصناعة الفوضى التي يسعى الغرب لحدوثها في المنطقة

>> المشروعين “الفارسي” و”العبري” يعملان لصالح الغرب في المنطقة

>> العداء بين إيران وإسرائيل توزيع أدوار وضربات وهمية

>> جورج العاقوري: إيران تتحاشى الدخول في حرب مفتوحة.. وتشاغب عبر وكلائها

>> إسرائيل تعتمد على اغتيال قيادات “حزب الله” في هذه المرحلة

>> عبد الله نعمة: “توحيد الساحات”.. استراتيجية إيرانية لمواجهة الحرب في المنطقة

في خضم تصاعد الحرب في غزة يبرز الصراع بين إسرائيل وإيران كأحد أبرز الصراعات المثيرة للجدل في المنطقة، خاصة بعد تصاعد الضربات المتبادلة، وانتظار الرد تلو الرد من الجانبين.. فهل هو صراع حقيقي أم تبادل أدوار؟

هذا الصراع الذي يختلف حوله المحللون السياسيون والخبراء العسكريون تجاوز حدود الصراعات السياسية والعسكرية بين البلدين، وبات يهدد أكبر وأهم قضية عربية في تاريخ الوطن العربي، وهي القضية الفلسطينية، خاصة بعد مقتل قائد حركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية في هذا التوقيت الحرج من الحرب.

في التحقيق التالي نستعرض أراء الخبراء المختلفة ووجهات نظر المحللون السياسيون حول أحداث الصراع الأخيرة بين إسرائيل وإيران.

على مدى عقود، تطورت العداوة بين البلدين من خلافات أيديولوجية إلى مواجهة متعددة الأبعاد، تشمل التهديدات النووية، والحرب بالوكالة، والهجمات السيبرانية، فهل بالفعل ترى إسرائيل في إيران تهديدًا وجوديًا لأمنها القومي. وبالمقابل، تنظر إيران إلى إسرائيل كقوة معادية تسعى لتقويض نفوذها الإقليمي وتهديد سيادتها؟ ام أن التهديد الحقيقي هو للعالم العربي؟

عن حقيقة هذا الصراع يقول أبوبكر أبو المجد الباحث في الشأن الإيراني: الخطأ هنا أن ننظر إلى الكيان الفارسي الإيراني والكيان العبري الإسرائيلي على أنهما عدوان بل هما شريكان في مشروعٍ أكبر، فهما يصنعان مخرجات الفوضى التي يسعى الغرب لإيجادها، ويمكن القول بأن آية الله الخميني الذي كانت تحتضنه فرنسا ومن ورائها الغرب وأعادته في عام 1979إلى إيران ليقفز فوق الثورة الإيرانية التي ضمت وقتها جميع الشعب الإيراني من اشتراكيين وإسلاميين ومن مثقفين، مازالت هي نفسها ذات الدول الغربية التي استطاعت صنع قاعدتين متقدمتين في الشرق الأوسط لصالحه وهما إيران (الخميني) والكيان الإسرائيلي.

أبوبكر أبو المجد الباحث في الشأن الإيراني

ويظن البعض أن هناك مشروعين إحداهما “فارسي” والآخر “عبري”، ولكن في حقيقة الأمر أن كليهما يعمل لصالح المشروع الغربي وتحقيق حلمه في المنطقة بتفريغها من سكانها، ولكي تخلو هذه المنطقة من سكانها لابد من انتشار أوبئة ووقوع حروب متتالية وخلق صراعات عرقية وطائفية، وهذا أمر لا يخفى على أحد والجميع يعلم الدور الفارسي والعبري في تحقيق هذا الأمر.

ويتابع “أبو المجد”: في الوقت الذي انشغلنا فيه بالكيان الإسرائيلي هناك أربع دول عربية مختطفة من قبل إيران، وهنا تجد الكيان الإسرائيلي مقارنة بالتمدد الفارسي منحصرا ولم يتمدد؛ في الواقع تجد مصر استردت أرضها بالكامل، وكذلك الجنوب اللبناني تحرر إلا مزارع شبعا وبعض المساحات في نهر الليطاني، بينما الفرس أخذوا العراق وسوريا ولبنان كليا واليمن، من خلال بث الصراعات الطائفية التي ليس لها أساس ديني فالتشيع ليس فكر ديني ولكنه أمر سياسي.

واستطرد “أبو المجد”: هنا أريد أن أوضح حقيقة التشيع فكل المتشيعة هم طائفة محسوبة على الإسلام ولكنهم لا يمثلون الإسلام، وعندما تتعمق في طبيعة حياة المتشيع ستكتشف ذلك، ولكن بالطبع يختلف المتشيع العربي الغير موالي للفرس، أما المتشيع العربي الموالي للخميني فهو فارسي الهوية ولا ينتمي لنا ولا إلى الإسلام، والواقع خير شاهد والحوثيين خير دليل، فمن المفترض أنهم عرب ومسلمون ولكن ليس لديهم مانع أن يطلقوا صواريخهم لضرب مكة ولا يتردد الحوثيين أبداً في تهديد أمن وأمان المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين في الوقت الذي يدعي فيه الدفاع عن الحرم في القدس فكيف تضرب حرمين وتدافع عن ثالثهما. ويرى “أبو المجد”: أن النظرة الساذجة هي التي تجعلنا نرى أن هناك عداء بين إيران وإسرائيل؛ المسألة فقط توزيع أدوار وتبادل ضربات وهمية، ولكن مؤخراً كان الكيان الإسرائيلي في وضع حرج جداَ لما لقاه من مواجهة شرسة مع المقاومة الفلسطينية؛ حتى باتت الشعوب العربية تنتقد تقارب حكامها مع الكيان الإسرائيلي فيما يسمى بين قوسين “التطبيع” الذي ليس له ما يبرره خاصة بعد كشف هشاشة هذا الكيان وضعفه على مدى 10 أشهر من الحرب، وبالتالي كان لا بد من تحسين صورة الكيان بهذه الضربات المتبادلة مع إيران لإظهاره بالدور القوي القادر على اصطياد أعدائه في أي مكان من قيادات “حزب الله” وغيرهم وتقديمهم قرابين للكيان؛ ليبقى هذا الكيان في صورة القادر المؤثر، ولكن في الحقيقة أن الكيان الفارسي والعبري في غاية الهشاشة والضعف ولنا في حرب السادس من أكتوبر خير دليل على التزييف وبيع الأوهام من قبل إسرائيل وحديثها الخادع عن الجيش الذي لا يقهر وخط بارليف، وفي النهاية انهزمت وسقطت.

مع تصاعد حدة التصريحات والضربات المتبادلة من الجانبين وخاصة ضرب أهداف حيوية مثل ميناء الحديدة في اليمن ومقتل قيادات كبيرة في حزب الله، يتساءل المراقبون عن حقيقة هذه الضربات ومدى تأثيرها على الحرب في غزة والتي دائما ما تصيب من الجانب الإسرائيلي وتخيب من الجانب الإيراني؟

في هذا الإطار يؤكد المحلل السياسي اللبناني جورج العاقوري، على أن إيران سارعت منذ اللحظة الأولى للسابع من أكتوبر عبر أذرعها في المنطقة لتأسيس ما أسمته بوحدة الساحات، في حين أن هذا الأمر ليس دقيقاً؛ لأنه لو كان هناك وحدة حقيقية لكانت فتحت جميع الجهات في ذات الوقت، ولكن في الحقيقة إيران تريد أن تكون حاضرة دائماً في أي مفاوضات ولاعب رئيس في المنطقة عبر وكلائها في اليمن ولبنان والعراق وسوريا، وفي ذات الوقت الذي تتحاشى الدخول في حرب مفتوحة لأنها تعلم أن فاتورتها ستكون عالية جداً وغير مضمونة وستنعكس سلباً على أذرعها، وبالتالي الرد الإيراني كان رداً صورياً، حيث أبلغت ميعاد الرد وميعاد انطلاق الصواريخ قبلها مما يعني أن الرد منتهي قبل أن يبدأ، في المقابل يعتمد نتنياهو في هذه المرحلة على توجيه غارات يومية تستهدف اغتيال قيادات “حزب الله” بشكل مباشر وتوجيه ضربات موجعة ومتتالية لإيران عبر ضرب قنصليتها في دمشق، ولم نجد غير الرد الكرتوني من قبل إيران التي كانت مرتبكة ومترددة، ثم بعدها صعد من ضرباته فكانت الضربة التالية في قلب طهران عبر اغتيال رئيس حماس إسماعيل هنية، بالإضافة إلى ضرب ميناء الحديدة في اليمن حيث أرادات إسرائيل توجيه رسالة للحوثيين.

المحلل السياسي اللبناني جورج العاقوري

ويختتم “العاقوري” حديثه قائلا: إيران تريد أن تشاغب في المنطقة عبر أذرعها من دون انزلاقها إلى حربٍ مكلفة، في حين أن إسرائيل تخوض الحرب ضد أذرعها، فعلى سبيل المثال يعلن نتنياهو أنه مستعد لخوض حرب ضد لبنان لتأمين حدوده الشمالية حيث تم تهجير عشرات المستوطنات هناك.

في ظل هذا المشهد المعقد، يبقى مستقبل الحرب بين إسرائيل وإيران محاطًا بالغموض والتوتر هل سيكون لدى إيران وأذرعها القدرة على رد التصعيد الإسرائيلي الأخير أم أن الرد سيكون مجرد مسرحية كما يدعي البعض؟

وفي هذا الإطار يتحدث الدكتور عبد الله نعمة أستاذ العلاقات الدولية، طارحا وجهة نظر أخرى حول الرد الإيراني في ظل اختلاف القدرة العسكرية بين “حزب الله” و”الحوثيين” وإسرائيل فيقول: الجميع يعلم أن حزب الله حليف لإيران وينفذ أجندة إيرانية، وقد قامت إيران بعمل ما يسمى توحيد كل الساحات وهذا ضمن الأجندة الإيرانية والسياسة الاستراتيجية لإيران في الحرب بمنطقة الشرق الأوسط، في المقابل فالمجتمع الدولي مع الولايات المتحدة الأمريكية يمثلون مظلة لإسرائيل، وبالتالي أي رد من “حزب الله” على أي اعتداء من إسرائيل على لبنان سيؤدي لتوسع الحرب في المنطقة. وهناك قدرات رادعة لدى “حزب الله”، ولكن الفرق أن “حزب الله” لا يضرب سوى مراكز عسكرية إسرائيلية منذ بدء الحرب على غزة ولا يضرب أهدافا مدنية، بينما تقوم إسرائيل بضرب المدنيين في لبنان وتغتال قياديي “حزب الله”

أما عن المقارنة بين الرد الإسرائيلي ورد “الحوثيين” يوضح “نعمة”: أن الحوثيين يضربون تل أبيب بالمسيرات من مسافة بعيدة وقدرة “الحوثيين” ليست كبيرة ولذلك دائماً يكون الرد من إسرائيل أكبر بكثير، وآخر ضربة على ميناء الحديدة كانت تمثل اعتداء كبير جداً لأن إسرائيل تملك طاقة أكبر وعندها تكنولوجيا عسكرية متطورة بدعم من أمريكا؛ لذلك نرى أن الفارق كبير بحجم الأهداف بين الطرفين.

الدكتور عبد الله نعمة أستاذ العلاقات الدولية

ويتابع “نعمة” كلامه عن الرد الايراني قائلاً: سيكون هناك تكافئ عسكري بين إيران وإسرائيل لأن إيران دولة كبيرة وعندها طاقات كبيرة وتمتلك قوة عسكرية، والرد الإيراني سيكون كبير وعنيف جدا في الايام المقبلة، وأن إسرائيل ستدفع ثمن اغتيالاتها في لبنان وإيران وغزة وهذا ما ستثبته الأيام المقبلة لأن النبرة الإيرانية عالية جدا.

في النهاية يصعب التنبؤ بمسار الأحداث المستقبلية في ظل التصعيد الإسرائيلي ضد أهل غزة والجنوب اللبناني من جانب والتهديد الإيراني لإسرائيل.. فهل ستحسم إيران الجدل وتوجه ضربة عسكرية لإسرائيل أم أنها ستبقى تلعب بالتصريحات والضربات الوهمية فقط، أم أن المجتمع الدولي سيلعب دورًا حاسمًا آخذاً في الاعتبار التكلفة الباهظة لتوسع الحرب وخروج الأمور عن سيطرته. وحتى ذلك الحين، سيظل العالم يراقب عن كثب تطورات هذه المواجهة التي قد تعيد تشكيل خريطته.

رابط مختصر
2024-09-08
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر