يصوت النواب الفرنسيون، اليوم الثلاثاء، على مشروع قانون لمكافحة الارهاب مثير للجدل تقول الحكومة إنه “رد دائم على تهديد دائم” بعد يومين على اعتداء جديد في مرسيليا، والذي يرى محللون أنه سيكون دافعا لإقراره.
ويواجه مشروع القانون معارضة شديدة في أوساط المعارضة حيث يقول معارضوه من اليسار إنه يهدد الحريات الفردية للفرنسيين أو المهاجرين، بينما ينتقده اليمين معتبرا أنه من الواجب أن يكون أكثر حزما.
وكان مجلس الشيوخ الفرنسي قد أقر منتصف يوليو الماضي، بأغلبية كبيرة، مشروع قانون الذي سيحل محل حالة الطوارئ السارية بالبلاد في الأول من نوفمبر المقبل.
وسيتم التصويت بشكل رسمي أمام الجمعية الوطنية (البرلمان) بعد أسبوع من النقاشات الحادة ويومين على مقتل امرأتين بالسلاح الأبيض في محطة القطارات بمرسيليا في اعتداء تبناه تنظيم داعش المتطرف، بينما قتل المهاجم بأيدي عسكريين.
ويتيح مشروع القانون إدراج بعض إجراءات حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة الاشتراكية السابقة بعد اعتداءات نوفمبر 2015 والتي أوقعت 130 قتيلا في باريس، ضمن القانون العام.
وكان من المفترض أن تكون حالة الطوارئ التي تمنح الحكومة سلطات استثنائية مؤقتة، لكن تم تمديد العمل بها ست مرات إثر اعتداءات أو تهديدات.
ومن بين البنود الأكثر إثارة للجدل في مشروع القانون، السماح بفرض الإقامة الجبرية على أشخاص دون أمر مسبق من القضاء، لكن في المقابل تستوجب موافقة القضاء للقيام بـ”الزيارات المنزلية” التي باتت تحل رسميا محل “عمليات التفتيش الإدارية” التي تثير جدلا كبيرا.
كما تم توسيع مجال التدقيق في الهويات بحيث يشمل “مشارف محطات القطارات” وليس فقط داخلها، وأيضا “ضمن شعاع أقصاه 20 كلم حول المرافئ والمطارات” الدولية الأكثر حساسية.
ويعتبر معارضو المشروع أنه يتعرض للحق في الخصوصية ولمبدأ افتراض البراءة. وعلق نائب اليسار المتطرف ألكسيس كوربيير قائلا إن “مشروع القانون يعيد النظر في الحريات العامة”، واصفا موقف الحكومة بـ”الدكتاتورية المقنعة”.
وتؤكد كريستين لازيرج رئيسة اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان في فرنسا أن ما يبرر “غضبنا هو تحول حالة طوارئ إلى وضع دائم يؤدي إلى تراجع حرياتنا”، فيما قالت دومينيك كورتيس من منظمة العفو الدولية إن “الذين سيكونون موضع اشتباه لن يكون بإمكانهم المطالبة بحقوقهم إلا بأثر رجعي”.
وينتقد اليمين واليمين المتطرف القانون. وتقول زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف مارين لوبن إن القانون تضليل مزدوج، فهو لا يشمل الأمن الداخلي وليس القانون الكبير الذي يفترض أن يقضي على “الإرهاب الإسلامي”.
ويرى حزب الجمهوريون اليميني الذي يقوده الرئيس السابق نيكولاس ساركوزي أن القانون يحمل في طياته تعقيدات قانونية يمكن أن تمس من المشبهوين.
ويقول غيوم لاريفيه أحد نواب الحزب، إن مشروع قانون مكافحة الإرهاب يحد من مستوى حماية الفرنسيين، واعتبر أن الحصول على أمر من القضاء قبل إجراء عمليات تفتيش يمكن أن “يعقد الاجراء”.
وأمام هذا السيل الجارف من الانتقادات، دافع وزير الداخلية جيرار كولومب عن “رد دائم على تهديد بات دائما”.
وأشار الوزير إلى أن القانون هو تسوية بين الحاجة للخروج من حالة طوارئ وضرورة عدم العودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل حالة الطوارئ.
وشدد على أن القانون يهدف لـ“حماية حرياتنا الفردية والجماعية، لكنه يعرض اتخاذ الإجراءات لضمان أمن الفرنسيين”.
وكان الرئيس إيمانويل ماكرون تعهد بأن يخضع القانون لـ”تقييم في 2020”، إذ يمكن عندها إلغاء بعض الإجراءات أو استبدالها.