ساعات تفصلنا عن الذكري الـ 66 لموقعة الإسماعيلية، التي راح ضحيتها 50 شهيدًا، ونحو 80 مصابًا من رجال الشرطة المصرية، علي يد الاحتلال الإنجليزي في 25 يناير عام 1952، بعد أن رفض رجال الشرطة تسليم سلاحهم، وإخلاء مبني المحافظة للاحتلال الإنجليزي.
وليس غريبًا علي رجال الشرطة المصرية، أن يتصدروا المشهد مرة أخري خلال الأعوام الأربعة الماضية، بعد أن تصدر ملف الأمن رأس أولويات الحكومة المصرية، والقيادة السياسية، لما يمثله من محور ارتكاز وعمود فقري لقاطرة البناء والتنمية وجذب الاستثمار، وعودة الأمن والأمان إلي المواطنين والمنشآت العامة والخاصة، بالإضافة إلي القضاء علي آفة الإرهاب التي تبنتها جماعة الإخوان الإرهابية عقب ثورة المصريين علي حكم محمد مرسي في 30 يونيو عام 2013.
أصبح الإرهاب الأسود، الذى تتبناه العناصر الإرهابية مدعوما بقوى الشر فى الداخل والخارج، خلال هذه الفترة، من أخطر التحديات الأمنية التى تجنح لمحاولة زعزعة الأمن والاستقرار فى البلاد، ولا يفرق فى ذلك بين دين أو جنس أو سن أو انتماء سياسى أومؤسسى، مستخدماً كافة أساليب القتل والتخريب والترويع.
خاضت مصر حربًا شرسة ضد الإرهاب، وواجهت الأجهزة الأمنية الإرهاب ببسالة، وما زالت تخوض معارك شرسة لدحر منابعها، وقدم خلالها رجال الجيش والشرطة أرواحهم ودماءهم بهدف إحباط العديد من المخططات التي تحاول النيل من استقرار مصر، ودفع عجلة الاقتصاد، وتهديد سلم المواطنين، وذلك بالرغم من ظهور أنماط جديدة ومختلفة من الجريمة.
يعد منصب وزير الداخلية، هو المنصب الأمني الأكثر حساسية بعد وزارة الدفاع، لدوره الكبير في حفظ الأمن داخل البلاد، والقضاء علي كافة صور الجريمة، وتأمين المنشآت العامة والخاصة، ودحر الإرهاب ومنابعه بالتعاون مع رجال القوات المسلحة.
خلال الأربعة أعوام الماضية، تولي هذا المنصب وزيرا داخلية وهما، اللواء محمد إبراهيم، الذي تولي المنصب في 5 يناير 2013، وتعاقب عليه 3 رؤساء حكموا مصر، بدءًا من محمد مرسي الذي عينه، مرورًا بالرئيس المؤقت عدلي منصور، ثم الرئيس عبدالفتاح السيسي، وخلال فترة الرئيس السيسي تعرض إبراهيم لمحاولة اغتيال، ثم تم تعيين اللواء مجدي عبدالغفار في هذا المنصب يوم 5 مارس 2015.
وحرصت وزارة الداخلية خلال الأربعة أعوام الماضية، على وضع إستراتيجية أمنية بالغة الدقة والصعوبة، لما تتسم به تلك الجماعات الإرهابية من خطورة وعنف وتطور، فى الأسلوب الإجرامى وزيادة حدته.
واعتمدت الإستراتيجية الأمنية على محورين أساسيين، هما: محور الأمن الوقائى، وتوجيه الضربات الاستباقية للتنظيمات الإرهابية، وإجهاض مخططاتها، ومحور سرعة ضبط العناصر، عقب ارتكاب الأعمال الإرهابية، اعتماداً على أحدث الأساليب العلمية والتكنولوجية فى البحث والتحرى، بالإضافة إلي اهتمام القطاعات الخدمية بالوزارة، بتقديم الخدمة الأمنية للمواطنين على الوجه الأكمل، والحرص على تفعيل البعد الإنسانى لأجهزة الوزارة، من خلال استحداث آليات للتيسير على المواطنين، خاصة ذوى الاحتياجات الخاصة للحصول على الخدمات بصورة تحترم خصوصياتهم واحتياجاتهم.
ونجحت وزارة الداخلية في إعادة جزء كبير من الأمن والأمان للشارع المصري، وتضييق الخناق، وتقييد سبل الدعم للجماعات الإرهابية، وتوجيه العديد من الضربات الناجحة والاستباقية ضد الأوكار الإرهابية، ومنفذي العمليات التي استهدفت رجال الأمن، أصبح جهاز الشرطة يملك زمام المبادرة فى توجيه ضربات أمنية استباقية خلال معركته الحاسمة والفاصلة ضد الإرهاب لحماية المجتمع من شروره، وتقويض الجريمة بكافة صورها، بما انعكس على حالة الاستقرار الأمنى بصفة عامة.
وتمكنت القوة الأمنية في تتبع وملاحقة العديد من قيادات الجماعة الإرهابية والجماعات التكفيرية وضبطهم، وضبط منفذي الحادث الإرهابي، الذي استهدف كنيسة القديسين بولس وبطرس، بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وضبط منفذي عملية محاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية السابق، وضبط منفذي حوادث استهداف الارتكازات الأمنية في عدة مناطق ومحافظات في مصر، والتصدي لأكثر من هجوم إرهابي مسلح علي ارتكازات أمنية بشمال سيناء، وضبط العديد من الأوكار الإرهابية أثناء التخطيط والإعداد لتنفيذ أعمال عدائية ضد الدولة.
وأشارت التقارير الأخيرة، الصادرة من الهيئة العامة للاستعلامات، أنه قد حدث تراجع حقيقي في ظاهرة الإرهاب، وأفادت التقارير، أن عام 2015 شهد ذروة العمليات الإرهابية، حيث وصلت العمليات الإرهابية إلى ما يزيد عن 500 عملية إرهابية، بينما في 2016 وقعت 200 عملية، أما في 2017 لم يتجاوز عدد العمليات الإرهابية 50 عملية.
وأوضحت التقارير، أن التوزيع الجغرافي للإرهاب تحول تحولاً كبيرًا، وبدأ ينحصر في جزء محدد، كما أن داعش فشلت في مصر تمامًا، ولا يوجد منها سوى اسمها.
وفي سياق متصل، لعب رجال أمن المواني بوزارة الداخلية دورًا هامًا ومحوريًا، في منع تهريب ملايين الأقراص المخدرة إلي داخل البلاد لتدمير صحة شباب مصر، بالإضافة إلي منع انتشار الألعاب النارية التي يستخدمها البعض في المشاجرات أو المناسبات المختلفة، وتتسبب في كوارث، وأيضًا منع التهريب إلي الخارج، طبقًا لاتفاقية الأمن مع دول العالم.
وخلال 4 أعوام، نجح رجال أمن المواني في إحباط العديد من قضايا التهريب داخل كافة المواني، والمنافذ “الجوية، البرية، البحرية”، والتي استخدم خلالها المهربون حيلًا مبتكرة، وأساليب جديدة للنيل من سمعة واقتصاد الوطن، وفي بعض الأحيان، اتباع طرق بدائية قد تمر مرور الكرام أمام أعين العامة، إلا أن يقظة رجال الأمن أجهضت أي أعمال مخالفة للقانون، وضبط مرتكبيها.
ولم يسلم مهربو المخدرات والسموم التي تنال من شباب مصر، من يد القبضة الأمنية، ونجحت أجهزة وزارة الداخلية، في إحباط تهريب آلاف الأطنان من المخدرات وضبط أوكارها، وإبادة آلاف الأفدنة المنزرعة بالنباتات المخدرة.
وانتهت وزارة الداخلية من قانون المرور الجديد، الذي صدق عليه مجلس النواب في العام الماضي، والذي تم إعداده طبقًا لأحدث النظم العالمية، والمطبقة في أكبر الدول، بهدف تنظيم الحركة المرورية، ووضع الأطر والضوابط القانونية لمنع الحوادث وحماية قائدي المركبات.
ونال المواطن نصيبًا كبيرًا من اهتمام وزارة الداخلية، والقطاعات الخدمية بالوزارة، حيث اهتمت بتقديم الخدمة الأمنية للمواطنين على الوجه الأكمل، والحرص على تفعيل البعد والدور الإنسانى لأجهزة الوزارة، من خلال استحداث آليات للتيسير على المواطنين، خاصة ذوى الاحتياجات الخاصة للحصول على الخدمات بصورة تحترم خصوصياتهم واحتياجاتهم، من خلال فتح وتطوير العديد من مقر الأحوال المدنية بكافة المحافظات، وافتتاح وتطوير عدد كبير من إدارات المرور بكافة المحافظات، واستحداث آليات إلكترونية متطورة لخدمة المواطنين عبر الإنترنت.
وأطلقت وزارة الداخلية خلال ذات الفترة، العديد من المبادرات المجتمعية والإنسانية، لتوعية المواطنين، وتقديم الخدمات في سهولة ويسر، بالإضافة إلي إطلاق العديد من القوافل الطبية بكافة المحافظات وأقسام الشرطة والسجون، لتوقيع الكشف الطبي علي المواطنين ونزلاء السجون، وتقديم الدواء اللازم لهم بالمجان.
وأطلقت وزارة الداخلية منظومة “أمان” لتوفير اللحوم والمواد والسلع الغذائية للمواطنين بأسعار مناسبة، من خلال منافذها الثابتة والمتحركة، بهدف تخفيف العبء عن كاهل المواطنين، وتوفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة بمختلف المحافظات على مستوى الجمهورية.
وقامت وزارة الداخلية بتطوير أماكن الاحتجاز، وتحسين الظروف المعيشية للمحبوسين، وتجهيز غرف الاحتجاز بأقسام ومراكز الشرطة علي مستوي الجمهورية بأجهزة تكييف هواء.
وقدمت مبادرات، بالتعاون مع عدد من منظمات المجتمع المدني، لفك كرب الغارمين المحبوسين بالسجون المختلفة، وأقسام ومراكز الشرطة، مع السعي لتوفير فرص عمل للمحتاجين منهم عقب الإفراج عنهم، وتوفير فرص عمل لأسر شهداء الشرطة من جراء العمليات الإرهابية خاصة الأفراد.
قام قطاع مصلحة السجون بإنشاء عدة مصانع، بهدف ضم السجناء المفرج عنهم للعمل بها، لكسب رزقهم والاندماج مرة أخرى في المجتمع، وعدم عودتهم إلي الجريمة، وتضم السجون عددًا من المصانع مثل (مصانع الأخشاب والحلوى ومزارع الدواجن والمواشي)، كما يقوم نزلاء السجون بزراعة 3 آلاف فدان، وهناك تنسيق بين القطاع ووزارة التربية والتعليم بشأن افتتاح مدرستين للتعليم الصناعي داخل السجون.
وشددت وزارة الداخلية علي أجهزتها الرقابية المتمثلة في (قطاع الأمن الوطني – قطاع التفتيش والرقابة – قطاع الأمن العام – قطاع حقوق الإنسان)، لضمان سير العمل وفق القانون والدستور، ومواثيق حقوق الإنسان العالمية، وعدم التستر علي أي شرطي خارج عن القانون، وتقديمه للعدالة والمساءلة القانونية.