على الرغم من أنّ الجيش الإسرائيلي شرع في تركيب 15 بلوكاً اسمنتياً للجدار الفاصل جنوب الخط الأزرق في الناقورة، وهي مناطق غير متحفظ عنها، وسط استنفار الجيشين الإسرائيلي واللبناني، تتجه الأنظار نحو حزب الله، باعتباره “المقاوم” للعدو الإسرائيلي، ومعنّي بأي تعدٍ على الأراضي اللبنانية.
الإنذار الإسرائيلي الذي انطلق منذ فترة، حاول المتحدث باسم قوات “يونيفيل” أندريا تيننتي التخفيف من حدّته، منعاً لأي تحرُّك عسكري من قبل الجهتين، مشيراً إلى أنّهم يعملون على استقرار الوضع بالتواصل مع الطرفين، وفقاً لتوصيات دولية، تجنُّباً لأي تصعيد.
لغاية هذه اللحظة، التأهُّب سيّد الموقف، باعتبار أنه لا يحق للبنان الاعتراض طالما أنّ البناء يجري ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن مراقبة عملية البناء تجري بشكل رسمي، باعتبار أنّ أية عملية خرق، أي في حال وصلت إسرائيل إلى المناطق المتنازع عليها، فاللحظة تحدّد التحرّك، وفقاً لتصريحات السلطات اللبنانية.
لكن هذا التطمين لا يمنع الجهة اللبنانيّة من التأهُّب بتوجيهات المجلس الأعلى للدفاع. هذا على الصعيد العسكري الرسمي، أمّا حزبياً، تؤكد مصادر مقرّبة من حزب الله أنّ الأخير معنيّ بالدرجة الأولى بما يحصل على الحدود، لكنّه يقف خلف الدولة، ولا يستطيع أن يتصرّف وحده، باعتبار أنّ الأولى تتحرّك دبلوماسياً، وإذا طلبت تدخُّل الحزب “نحن جاهزون”.
وتوضح أنه إذا استمرّت التعديات ولم يتوصل الأطراف المعنيون إلى حلّ الوضع سياسياً، الأمر الذي يؤدي إلى مواجهة، حينها يتم التنسيق، ضمنياً، وبشكل غير علني بين الدولة وحزب الله. وتتوقع المصادر ذاتها أنه في حال حدثت تطورات ميدانية، يفرض هذا الوضع تنسيقاً بين الجيش والحزب حتماً. الطرفان موجودان جنوب نهر الليطاني، لكن عملياً لا يمكن التحرُّك في ظلّ انتشار “يونيفل”، مشدداً على أن أي تعثّر لن يمنع “المقاومة” من الوقوف إلى جانب الجيش اللبناني.
وفي ظلّ الجهود الدولية لمنع تدهور الوضع، باعتبار أن لا مصلحة لأميركا بتصعيد الأوضاع، لأنها ذاهبة إلى عقد “صفقة القرن” في المنطقة، وتعمل على التهدئة مع جميع الأطراف، والدليل ما تشهده الساحة من قدوم الوفود الأميركية تدريجياً في مهمات عدّة، يكمن السؤال حول التوقيت الذي تعمد فيه إسرائيل إلى التحرّش براً وبحراً والغاية منه. ويتزامن التحرك مع التطورات في المنطقة، خصوصاً في سوريا، والجنوب السوري تحديداً، ودور حزب الله هناك.
أضف إلى الأزمة الداخلية الإسرائيلية وسط وقوف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المحكمة بتهم فساد، أضف إلى المنافسة بين المسؤولين الإسرائيليين، وظهر ذلك لبنانياً، عبر تصريحات متباينة. وفي حين أكّد نتنياهو أنّ لا حرب مع لبنان، خرج المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بتصريح وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان الذي هدّد بتدمير لبنان وإعادته إلى العصر الحجري.
دولياً، على الرغم من أن القرار 1701 لم يثبّت ترسيم الحدود اللبنانية، أوضحت المحكمة الدولية في لاهاي، سابقاً، أنّ هذا الجدار عنصريّ، وفي الوقت التي تعمل فيه الدول على التخلص من هذه الآفة في ما بينها، والمثل على ذلك ألمانيا الشرقية والغربية، تواصل إسرائيل عنصريتها بقصد عزل مناطق أو دولة عن أخرى، فيما يمكن استبدال هذا الحائط بأشرطة شائكة، مجهّزة كهربائياً، وكاميرات مراقبة للجيش اللبناني، منعاً لأي تعدٍ أو عملية تهريب.