أعلن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أنه سيبحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سبل تحقيق نتائج من العملية السياسية في سوريا. وكشف في مقابلة صحفية مع الإعلامي الروسي ميخائيل غوسمان من وكالة أنباء تاس وتلفزيون روسيا 24، أن اللقاء، الذي ينعقد، غدا الخميس، سيتناول عديد المواضيع المتعلقة بالمنطقة وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خصوصا ما يتصل بالأزمة السورية وعملية السلام، إضافة إلى جهود محاربة الإرهاب والتعاون الروسي الأردني في مجال الاقتصاد والسياحة والتعاون العسكري.
يجتمع الملك عبدالله الثاني بالرئيس فلاديمير بوتين، الخميس، ضمن لقاء يتصدره الملف السوري وعملية السلام في الشرق الأوسط. وكشف الملك عبدالله عن المحاور الرئيسية لزيارته خلال مقابلة صحافية من عمّان مع الإعلامي الروسي ميخائيل غوسمان، الذي أفصحت أسئلته عن اهتمام روسي دقيق بالأردن.
ولا شك في أن أي تطور دولي أو رؤية إقليمية جديدة للصراع في سوريا ولعملية السلام لا بد وأن يكون فيهما للأردن دور وذلك لأبعاد إستراتيجية وجغرافية من ناحية ولعلاقة الأردن بمختلف الأطراف الفاعلة والمؤثرة في الملفين من ناحية أخرى.
أعلن العاهل الأردني، أنه سيبحث مع بوتين، سبل تحقيق نتائج من العملية السياسية في سوريا خصوصا في ما يتعلق بالدستور والانتخابات.
وسيتم تقييم الإنجاز الذي حققه الأردن وروسيا العام الماضي في جنوب سوريا لتحقيق الاستقرار هناك. وأضاف الملك عبدالله الثاني مشيرا إلى أن الأشهر الـ12 الماضية شهدت تعاونا مهمّا بين عمّان وموسكو، وهما تتطلعان قدما لبحث كيفية التحرك إلى الأمام بشكل فعّال وإيجابي في الـ12 شهرا القادمة.
وحول التعاون الروسي- الأردني الذي حقق تطوّرا في عدة مجالات كالتجارة والاقتصاد والعلوم والسياحة، إضافة إلى المجال العسكري، أكد الملك عبدالله الثاني أن هذا التعاون هو نتيجة لعلاقات تمتد إلى ما يقارب عشرين عاما وهي علاقة مبنية على “الثقة والصداقة”، مشيرا إلى أن التحديات والأهداف المشتركة، كمواجهة الجماعات الإرهابية في العالم، تدعم هذه العلاقات وتدفع نحو دعمها في المجالين العسكري والأمني، كما في السياسة والاقتصاد.
في ما يتعلق بالتعاون في مواجهة الإرهاب العالمي والخطوات العملية التي من الممكن لروسيا والأردن والدول الأخرى أن تتخذها في هذا الصدد ولتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، قال الملك عبدالله الثاني إن هذا الموضوع يعتبر قضية طويلة الأمد وقضية عالمية، مشيرا إلى أن الحرب على هؤلاء المتطرفين “الذين نسمّيهم الخوارج” يجب أن تكون ضمن نهج شمولي ويتم التعامل معها من مختلف الزوايا. ولذلك، فالنجاح ضد تنظيم داعش في العراق أو سوريا، لا يعني أنه تم هزيمة المتشددين أو تدميرهم، فهم سينتقلون إلى مكان آخر، وتم رصدهم اليوم في بعض دول جنوب ووسط آسيا، وفي الفلبين وأفريقيا وليبيا، وفي جماعات بوكو حرام والشباب.
ويؤكد بقوله “أعتقد أن النقاش والتنسيق بين الأردن وروسيا، وبين الجميع، يجب أن يركز على كيفية التعاون والعمل معا في المستقبل لضمان اجتثاث المتطرفين والقضاء عليهم أينما كانوا. فلا يمكننا أن نفكر ماذا سنفعل في سوريا هذا العام، وبعد ذلك نفكر بشأن أفريقيا العام المقبل. يجب أن يكون عملنا ضمن نهج شمولي تتوحد فيه جهودنا للقضاء على الإرهابيين في كل أماكن تواجدهم”.
وربط العاهل الأردني بين التصدي للمتطرفين وقضية القدس، وهي قضية لطالما كانت من بين المحفزات التي يعتمد عليها المتشددون في استقطاب الموالين؛ لذلك يرى الملك عبدالله الثاني بضرورة التكاتف والتقارب لحل لتثبيت دعائم السلام في الشرق الأوسط واحترام خصوصية القدس، “فهي مدينة خالدة لدى الجميع”. وأشار إلى أنه سيلتقي بعلماء الدين الإسلامي في موسكو والبطريرك كيريل الأول، وسيتم الحديث عن الروابط بين الإسلام والمسيحية والحوار بين أتباع الأديان والتحديات التي يواجهها الجميع.
اتخذ الحوار في شقه الثاني بعدا وجدانيا أكثر من خلال الحديث عن تطلعات الملك عبدالله الثاني الذي يحتفل العام القادم بالذكرى العشرين لتوليه العرش ملكا للأردن، ليصبح الملك عبدالله، كما قال في حواره، “أبا لعائلة مكوّنة من 4 ملايين شخص، وبطبيعة الحال أصبح عدد السكان أكبر”.
وأشار إلى أن دوره يتمثل في حماية المواطن الأردني والتقدّم إلى الأمام، لافتا إلى أن المجتمع الدولي خيّب آمال الأردنيين الذين يدفعون ثمن الصدمة التي سببتها أزمة اللجوء السوري والحرب في العراق والربيع العربي، وحالة عدم الاستقرار في المنطقة. ويأوي الأردن نحو 650 إلف لاجئ سوري فروا من الحرب في بلدهم منذ مارس 2011، يضاف إليهم، بحسب الحكومة، نحو 700 ألف سوري دخلوا البلاد قبل اندلاع النزاع.
وتقول عمّان إن الكلفة التي تتحملها نتيجة الأزمة السورية تجاوزت عشرة مليارات دولار. ورغم هذا العبء تحدث الملك عبدالله الثاني بتفاؤل عن أمله في أن”يكون المجتمع الدولي أكثر تفهما وتعاطفا مع الصعوبات التي يواجهها الأردنيون، ويساعدهم لبناء مستقبل أفضل”.
استحضر الحديث سيرة العاهل الأردني الراحل الملك حسين. وقال الملك عبدالله الثاني “لوالدي فضل كبير علي، ولن أوفيه حقه مهما عبّرت. لم أكن أعرف أنني سأجد نفسي في هذا الموقع، وأعتقد أنه حرص على ألا تكون حياتي سهلة. لقد بدأت تدريبي كضابط شاب في الجيش البريطاني، قبل أن ألتحق بالجيش العربي. وقد شهدت خدمتي العسكرية أحيانا أياما صعبة، ولكن والدي لم يتدخل لمساعدتي”.
وقال متحدثا عن تجربته في السلطة، “أعتقد أنه إن استطعت توظيف السلطة لما فيه الخير، وإحداث فرق في حياة الناس، سيكون للسلطة أثر جيّد. ولكن، لا بد من التعامل مع السلطة ومسؤولياتها بحذر. وهذا أمر أواجهه كقائد كل يوم”. وأضاف متحدثا عن أن “المشكلة ستكون في حال نظرت في المرآة ووجدت أمامي مجرد ملك ولم أجد الإنسان. وتلك هي اللحظة التي تدعو إلى القلق. هكذا أرى السلطة من منظوري”.
وأوضح أن هناك سوء فهم، على نطاق واسع، لما تعنيه كلمة الجهاد. فالجهاد بالنسبة للمسلمين لا يقتصر على الناحية الحربية، فهذا هو الجهاد الأصغر الذي تم تطبيقه لأسباب تاريخية محددة وللدفاع عن النفس، والجهاد ليس كما تسمع عنه من أولئك الذين يبثون الرعب ويبررون تفجير أنفسهم لقتل الأبرياء. الجهاد بمفهومه الأشمل بالنسبة لأي مسلم، وستجد هذا في جميع الديانات، هو كيف تصبح شخصا أفضل، وكيف تكون متواضعا وكيف تتواصل مع الآخرين، وكيف تطور نفسك. هذا هو التحدي.
واختتم الحوار بالحديث عن المستقبل، وتحديدا على الدور الذي سيلعبه ولي العهد الشاب الأمير الحسين، الذي قال عنه الملك عبدالله الثاني إنه “يتمتع بحب التواصل مع الشباب، الذين يشكلون المستقبل في منطقتنا، ونسبتهم في الأردن نحو 70 بالمئة من السكان، وهم يدركون أكثر منا أين يريدون أن يمضوا في مستقبلهم”.