في الوقت الذي أعلنت فيه دمشق إنهاء وجود تنظيم داعش الإرهابي في الميادين غرب سورية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس أن 91 بالمئة من الأراضي السورية قد تخلصت من مسلحي تنظيم داعش وفق الرسوم البيانية التي نشرتها صحيفة “كراسنايا زفيزدا” للبيان الرسمي لوزارة الدفاع الروسية.
وكانت القوات السورية بدعم جوي روسي، قد دخلت أمس إلى غرب مدينة الميادين، أحد آخر معاقل تنظيم داعش البارزة في سورية، في إطار هجوم يهدف إلى طرده من كامل محافظة دير الزور النفطية الحدودية مع العراق.
وتسعى القوات السورية بدعم روسي إلى توسيع مناطق سيطرتها داخل المحافظة التي يسيطر التنظيم على الجزء الأكبر منها منذ العام 2014، في وقت تقود قوات سورية الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية هجوما منفصلا، لكن وتيرة تقدمها “أبطأ” من القوات السورية.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن “قوات النظام تمكنت من الدخول الجمعة إلى الميادين حيث سيطرت على أبنية عدة في القسم الغربي منها”. وتقدمت قوات النظام إلى غرب المدينة آتية من منطقة البادية، بعد غارات كثيفة شنتها الطائرات الروسية في الأيام الاخيرة، بحسب المرصد.
وأكد مصدر عسكري سوري دخول الجيش إلى الميادين موضحا انه “يعمل على انهاء وجود داعش فيها وصولا الى كامل الريف الشرقي” بهدف “توجيه ضربة قاصمة لداعش تزامنا مع عمليات تأمين (مدينة) دير الزور”.
وشدد على ان “السيطرة على الريف الشرقي لدير الزور تعد اولوية للجيش خصوصا ان التنظيم يتخذ من مدينة الميادين عاصمة أمنية وعسكرية له” في المحافظة.
وتشكل الميادين الى جانب البوكمال الحدودية مع العراق آخر أبرز معاقل التنظيم في محافظة دير الزور، التي ما زال يسيطر على أكثر من نصف مساحتها.
ويقول محللون ان التنظيم نقل تدريجيا الجزء الأكبر من قواته وقادته الى المدينتين مع خسارته معاقل اخرى في البلاد ابرزها الرقة (شمال) التي باتت معركتها محسومة.
وتشكل دير الزور منذ اسابيع مسرحا لهجومين منفصلين، الأول تقوده قوات النظام بدعم روسي في المدينة بشكل خاص حيث تسعى الى طرد الإرهابيين من احيائها الشرقية، وفي الريف الغربي. وتقود الفصائل الكردية والعربية المنضوية في اطار تحالف سورية الديمقراطية الهجوم الثاني في الريف الشرقي.
ويقول عبد الرحمن ان “وتيرة تقدم قوات النظام أسرع بكثير من قوات سورية الديمقراطية نتيجة شن الطائرات الروسية مئات الغارات” على نقاط سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية خلال الاسابيع الثلاثة الاخيرة.
ومع تقدمها إلى الميادين الواقعة في الريف الشرقي، يقول عبد الرحمن ان “قوات النظام وبإيعاز روسي مباشر تسعى للوصول الى حقل العمر النفطي” أحد أكبر حقول النفط السورية الذي وفر للتنظيم عائدات مالية ضخمة. لكن استهدافه مرارا من التحالف الدولي أوقف العمل فيه. ويوضح المصدر العسكري السوري ان “الجيش ومن خلال توجيه عملياته نحو الميادين يهدف الى انهاء وجود داعش في كامل جغرافية المحافظة”.
وتمكنت القوات السورية الشهر الماضي من فك حصار محكم فرضه التنظيم قبل نحو ثلاث سنوات على الاحياء الغربية لمدينة دير الزور والمطار العسكري المجاور.
ويسيطر تنظيم داعش حاليا على أكثر من نصف مساحة المحافظة. وإلى جانب الميادين والبوكمال، يحتفظ بسيطرته على الاحياء الشرقية من المدينة وعلى بلدات ومدن عدة في الريفين الشرقي والجنوبي بالاضافة إلى مناطق صحراوية واسعة.
ودفعت كثافة الغارات المواكبة لهجوم القوات الحكومية عشرات الآلاف من المدنيين إلى النزوح، بحسب المرصد. وقال المرصد إن عشرات المدنيين قتلوا جراء القصف الجوي المكثف للمنطقة. كما حذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الاقليمي التابع للأمم المتحدة في بيان منفصل الخميس من ان استهداف المدنيين والمرافق “يشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وقد يصل إلى حد جرائم الحرب”.
الى ذلك اعتبرت وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورانس بارلي أمس أن معركة استعادة الرقة، أبرز معاقل تنظيم داعش في سورية، ستستمر “عدة أسابيع”.
وقالت بارلي متحدثة لإذاعة “فرانس إنتر” “إنها على الأرجح مسألة أسابيع”.
وأشارت إلى أن آخر الأحياء التي ما يزال تنظيم داعش يسيطر عليها تطرح “بالطبع أكبر قدر من الصعوبة” لاستعادتها مضيفة “من الصعب القيام بتكهنات”. وقالت “إنها معركة بطيئة وصعبة، غير أنها مجدية.