حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من الوضع المالي الصعب للأمانة العامة للجامعة العربية التي يتربع على عرشها، موجها “نداء الأمل” للقادة العرب، قبيل انعقاد قمتهم الأخيرة في منطقة الظهران بالمملكة العربية السعودية، بأن تسارع الدول الأعضاء في سداد حصصها المقررة عليهم تجاه الأمانة العامة.
وقال “أبو الغيط”، نصا، أمام الاجتماع التحضيري للقمة العربية لوزراء الخارجية العرب: إن هذا الموضوع يحتاج إلى تفهم ودعم وزراء الخارجية حتى نستطيع تجاوز مرحلة الخطر الحالية ونصل إلى مرحلة من الاستقرار المالي المطلوب والضروري.
وفي الحقيقة لم تكن هذه هي المرة الأولى التي اشتكى فيها “أبو الغيط” من العجز الذي تعانيه الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، إذ كشف “أبو الغيط” في شهر يناير الماضي، وبالأرقام، عن الوضع المالي الحرج للجامعة العربية أمام المؤتمر الإعلامي الأول للترويج لأنشطة مؤسسات العمل العربي المشترك، إذ بلغت ميزانية الجامعة العربية في عام 2017، بحسب “أبو الغيط”، ما قيمته 48% من الميزانية المفترضة وهي 100 مليون دولار (60 مليون للأمانة العامة و40 مليون للمنظمات التابعة لها)، وعقد “أبو الغيط” مقارنة مع ميزانية منظمة الأمم المتحدة التي تبلغ 5 مليارات و600 مليون دولار (بعد تخفيض قيمته 180 مليون دولار).
كانت “شكوى أبو الغيط” هو الخوف من أن يمثل هذا العجز المالي عائقا كبيرا أمام مسيرة العمل العربي المشترك من خلال المنظمة العربية (الكسيحة)، وكأن “الجامعة العربية” أتت من طموحات شعوبها ما جعلها تصرخ اليوم خوفا من عرقلة “إنجازات بناءة”!!
وفي الوقت الذي اشتكى فيه “الأمين العام” من هذا العجز في يناير الماضي نسي أنه كان في أرقى وأفخم وأغلى فندق مطل على نيل القاهرة والمجاور للأمانة العامة للجامعة العربية، وتسائل الجميع، وقتها، عن النفقات الباهظة لهذا المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام كاملة، وعن أجر الشركة المنظمة، علما بأن المؤسسات والمنظمات التابعة للجامعة العربية تحملت قيمة الاشتراك في الحضور للمؤتمر، كذلك دفع رسوم اشتراك مساحات المعرض المرافق للمؤتمر.
ونسي أيضا الأمين العام أن ميزانية الجامعة هي في كل الأحوال لرواتب وبدلات ومكافآت وتكاليف ندوات ومؤتمرات على مدار العام لا تؤتي ثمارها ولا تعرف الشعوب العربية عنها شيئا، ناهيك عن المجاملات المعروفة في التعيين لأبناء الحظوة داخل الأمانة العامة للجامعة، وبمراجعة الأسماء قديما وحديثا يتضح كل شئ.
لسنا ضد تقوية الوضع المالي للجامعة العربية، ولا نوافق، أبدا، على تلك الدعوات الرامية للقضاء على ما تبقى من أمل الوحدة الممثلة في جامعة الدول العربية، ولكن كنا نأمل أن تكون هناك رؤية جديدة تعبر عن إرادة جديدة للحكام العرب من خلال جامعتهم. وإذا كانت شكوى الأمين العام في محلها، فبنظرة سريعة على أحوال العالم العربي سيجد نصفه فقيرا، وربعه غارقا في حروبه، والربع الآخر غنيا ولكن لا يكترث إلا بالتزاماته وسداد مقرراته للجامعة العربية.
مشكلة الأمانة العامة سيدي الأمين ليست في الوضع المادي الصعب، بل لو كان كذلك لكان هو المحرك والدافع الأقوى لتوحد الحكام على قلب رجل واحد؛ حتى يبدأوا “رحلة وحدة” جديدة.. ولكن ها هي سوريا واليمن وليبيا والعراق وفلسطين والصومال ولبنان، حال اليوم هو حال الأمس، وغدا الأسوأ.
إذا كانت “الجامعة العربية” تشتكي من وضع مادي صعب، وتخشى من إعاقة أنشطتها “التي لا داعٍ لأغلبها”، أتصور أننا بحاجة إلى إعادة نظر لعدد كبير من مؤسسات ومنظمات الجامعة العربية التي لم تعد سوى “سبوبة” لأصحابها، وجمعيات أهلية خارجها، وما أكثر الأمثلة وأوضحها.
ولمفاداة هذا الوضع المادي الصعب، سيدي الأمين العام، فعليكم، على الأقل، تقليل السفريات والرحلات ومقابل البدلات والفعاليات لهذا العدد الكبير من الموظفين وكبار المسؤولين في الأمانة العامة مراعاة للشعوب أصحاب “الأمانة”.