تشكل النساء 53 % من المجتمع اللبناني، أي قوة ناخبة تتخطى الرجل. لكن لا تنعكس هذه الأرقام على الحياة السياسية، إذ يحتل لبنان المرتبة 179 من بين 191 دولة في ما يتعلق بمرتبة تمثيل النساء في الحياة السياسية، ولا تتجاوز نسبة تمثيل النساء في حكومة تصريف الاعمال اللبنانية 3% أي وزيرة واحدة من أصل 30 وزيراً، بينما كان ديدم الحكومات إما وجود وزيرة واحدة أو اثنتين أو من دون أية وزيرة.
“فتلة” استطلاعية بين حصص الكتل النيابية في الحكومات السابقة والحالية، يبدو لافتاً تفوُّق تيار المستقبل على باقي الكتل في تبني النساء بالوزارات، وسبق أن كان له تجارب مميزة مع كل من ريا الحسن في وزارة المالية والنائب بهية الحريري في وزارة التربية. ويطمح رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بحسب ما تنقل عنه أوساط إعلامية لتشكيل حكومة تكون نسبة تمثيل النساء فيها 25 % أي ما يقارب 7 نساء في حكومة ثلاثينية. وسيبدأ من نفسه بتوزير امرأتين من حصته المتوقعة أن تكون 5 أو 6 وزراء.
أما باقي الكتل من حزب الله، والتقدمي الاشتراكي، والتيار الوطني الحر، والقوات اللبنانية، والكتائب، والمردة، لم يسبق لهم أن راعوا التمثيل النسائي في حصصهم، وخالفت حركة أمل القاعدة في الحكومة السابقة للمرة الأولى بتجربة النائب عناية عز الدين الرائدة في وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية.
وبينما كان روتينياً تمسّك الكتل بذكوريتها وعدم توزير النساء في معظم الحكومات، وعادةً ما يحصل توزيرهن من حصة رئيس الجمهورية، ومنهن وزيرة الصناعة في الحكومة الثانية للرئيس الراحل عمر كرامي، ليلى الصلح حمادة، وكانت أول امرأة لبنانية تتولى الوزارة إلى جانب الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة التي عُيّنت وزيرة دولة لشؤون مجلس النواب في الحكومة نفسها العام 2004، في عهد الرئيس الأسبق إيميل لحود.
ومن النساء اللواتي توزّرن أيضاً من حصة الرئيس، وزيرة المهجرين أليس شبطيني في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان في حكومة رئيس الوزراء السابق تمام سلام، ووزيرة الدولة منى عفيش في عهد الرئيس سليمان أيضاً في حكومة الحريري الأولى.
أما الأسماء المتداولة اليوم من النساء، يكثر الحديث عن الوزيرة السابقة ريا الحسن من حصة المستقبل، والإعلامية مي شدياق من حصة القوات اللبنانية، والنائب عناية عز الدين من حصة أمل، وابنة الرئيس ميشال عون ميراي عون الهاشم من حصة رئيس الجمهورية، ومستشارة وزير الطاقة ندى بستاني من حصة الوطني الحر.
تؤكد الوزيرة عز الدين لـ”ليبانون ديبايت” أن التمثيل النسائي في الحكومات لا يزال دون المرجوّ، وتاريخيا لم تمنح النساء وزارات وازنة تثبت فيها كفاءتها التي تساهم بتغيير التفكير النمطي بما يخص المرأة في العمل السياسي.
وتلفت عز الدين إلى أن القناعة حول هذا الموضوع بدأت تتغير لدى الرأي العام وأيضاً عند النساء أنفسهن، لكن لا زال هذا التمثيل بحاجة لتطوير وتدعيم. وترى أن التمثيل النسائي في مواقع القرار يجب أن يبدأ من مجلس النواب، إذ تصل نساء بمشروعية شعبية الأمر الذي ينعكس حتماً على السلطة التنفيذية. وعن توزيرها في الحكومة المقبلة، تؤكد عز الدين أن “هذا القرار عند دولة الرئيس نبيه بري وحركة أمل”.
من جهتها، تصف الوزيرة السابقة ريا الحسن التمثيل النسائي في الحكومات بغير العادل والمجحف بحق النساء، كونه يحرمهن من حقهن بالمساهمة بإدارة الشأن العام. وتؤكد في حديثها لـ”ليبانون ديبايت” أن الدراسات والتجارب أثبتت أنه كلما كان هناك تمثيل نسائي أكبر في مراكز صنع القرار إن كان على المستوى التنفيذي أو المستوى التشريعي كلما تحسّنت الإدارة وزاد النمو الاقتصادي.
ودول العالم التي اتجهت نحو تمثيل أكبر للنساء في إدارة الشأن العام حصلت على مؤشرات اقتصادية تنموية أعلى بكثير نسبةً لسنوات كان تمثيل النساء فيها أقل. فالحل الوحيد لتحقيق تمثيل نسائي أكبر هو إقناع السلطة أن الأمر لا يعني التقدم في التفكير بقدر ما يعني تنمية في إطار الاقتصاد الذكي، الأمر الذي يجب أن يجعلهم أكثر تنبهاً لضرورة حضور المرأة في الحياة السياسية، وفقاً للحسن.
وترى أن تعزيز التمثيل النسائي في الحكومات لا يكون إلا بمبادرة الكتل السياسية نفسها إلى تسمية نساء من حصصها، وأضعف الإيمان أن يكون هناك 5 نساء في حكومة ثلاثينية، ما يضيف على جلسات مجلس الوزراء عامل إيجابي ويقلل من حدة التعاطي بين الوزراء، ويساهم بإذكاء النقاش بنظرة مختلفة للأمور بدل أن يكون التفكير من طرف واحد.
وحول إمكانية توزيرها في الحكومة المقبلة، قالت الحسن “لم يتواصل معي أحد حتى اليوم، ولدي عملي في القطاع العام كرئيسة المنطقة الاقتصادية، وأعتقد أنه لا زال الحديث عن الأسماء مبكراً كون المعركة اليوم على توزيع الحصص بين الكتل، أما الأسماء يتم إسقاطها في ما بعد على المواقع”.