الشهر القادم يبدأ العام الدراسي الجديد (2018/2019) لمراحل التعليم الأساسي، ومع هذا العام تبدأ تجربة جديدة في التعليم المصري وهي تجربة المدارس اليابانية، والتي تصل مصروفاتها إلى عشرة آلاف جنيها للطالب في المرحلة الابتدائية، في تجربة جديدة تهدف إلى تفعيل الأنشطة المهارية والسلوكية للتلاميذ منذ اليوم الأول لالتحاقهم بهذه المدارس.
ولا شك أن أي تجربة تعليمية جديدة تضيف إلى التعليم نحن في أشد الحاجة إليها، خاصة وأن منظومة التعليم برمتها تحتاج إلى إعادة نظر لتحسين مستواها وتحقيق الهدف المنشود من العملية التعليمية.
ومن هذا المنطلق أود توجيه رسالة من خلال هذا المقال إلى السيد عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، بعد أن أصبحت مقتنعا أنه الوحيد في هذا البلد القادر على اتخاذ القرار مهما كانت عواقبه، ورسالتي تكمن في خلق ما يسمى بـ”معسكر التشغيل”، يلتحق به كل من هو في سن العمل، أي كان مؤهله أو حرفته أو صنعته، ويتم ذلك من خلال قاعدة البيانات الخاصة بالمواطنين عن طريق القومي، فيكون الالتحاق بمعسكر التشغيل إلزاميا لكل من حصل على مؤهل تعليمي ما، أو حتى من تسرب من التعليم، كمال الحال في الإلزام بتأدية الخدمة العسكرية لدى القوات المسلحة المصرية.
وفكرة معسكر التشغيل تقوم على أن كل من هو في سن العمل ولم يجد فرصة عمل مناسبة له أو أن ليس له مكانا في سوق العمل، فتلزمه الدولة بالالتحاق بهذا المعسكر إما بأن يسكنه معسكر التشغيل في وظيفته الرئيسية بشكل مباشر، أو أن يتم تدريبه وتأهيله، أو إعادة تأهيله لمهنة أو حرفة أخرى، حسب استعداد كل شخص وميوله وقدراته، ليتم تسكينه فيما بعد في الوظيفة أو المهنة المناسبة، على أن يتقاضى الشاب مكافأة شهرية أثناء مدة تدريبه لحين الانتهاء من التدريب وبدء انخراطه في سوق العمل.
وهنا، من المستحيل أن ترى شبابا في ربيع العمر جالسين على المقاهي، سائرين في الطرقات والشوارع ليل نهار إلا في أيام الأجازات الأسبوعية، وهنا حقه تماما أن يأخذ قسطا من الوقت يستمتع فيه مع أفراد أسرته وأصدقاءه ليجدد نشاطه ويستعيد حيويته، ليذهب إلى العمل في أسبوع جديد شاعرا بقيمته وأهميته كإنسان يعمل لا تكف يده عن الإنتاج.
وأؤكد لكم أن شابا استيقظ في السادسة صباحا ليقضي ما لا يقل عن 10 ساعات من يومه في العمل لن يكون بوسعه إلا أن يخلد لراحته بعض الوقت حتى موعد نومه ليواصل في اليوم التالي ما بدأه في يومه الأول، وهكذا يكون قد دخل في دورة العمل اليومية.
أما أن نرى شبابنا يوميا في كل نواحي مصر ساهرا على المقاهي حتى الساعات الأولى من الصباح، مدخنا لـ”الشيشة” والسجائر، مشاهدا لقنوات تليفزيونية لا قيمة لها ولا هدف منها، منفقا للمال الذي عانى الأب أو الأم (أو الإثنين معا) طيلة 30 يوما بالكد والعرق ليوفروا لأبناءهم مصروفات المقاهي ولوازمها، ليذهب في النهاية إلى سرير نومه “عاطلا”، بينما ساعات ويستيقظ شاب آخر باحثا عن كوب لبن أو إفطار مفيد استعداد لإنجاز يوم عمل من أجل وطنه وأسرته.
لسنا ضد المقاهي ولا الترفيه ولا المرح أو حتى تضييع الوقت ترويحا عن النفس.. كل هذا مباح ومتاح، بل مطلوب ونحتاج إليه، ولكن نبحث عن قيمة العمل وغرسه في عقول أبناءنا وشبابنا.. وكل هذه الأماكن يمكن ذهابها بعد أن ننجز أعمالنا، لكن أن نبقى عاطلين أبدا، فهذا حال يرثى له.
لو وجدنا معسكر التشغيل في كل محافظة وكل مركز وكل مدينة وقرية، ما وجدنا عاطلين في هذا البلد.
أقدم الفكرة للحكومة ليعاونها في تنفيذها رجال الأعمال والصناعة ومؤسسات الدولة وقطاعات الإنتاج المختلفة، ومعهم خبراء التعليم والمسؤولين عن “سوق العمل”، وأناشد الرئيس لاتخاذ القرار.