جميل المغازي في ثلاث ساعات

آخر تحديث : الأحد 16 سبتمبر 2018 - 11:29 مساءً
بقلم: حاتم عبد القادر
بقلم: حاتم عبد القادر

جميل المغازي، واحد من أكبر مخرجي التليفزيون المصري، وله عدد من الأعمال الرائدة والتي تعد من تاريخ التليفزيون المصري، حيث قام بإخراج الكثير من البرامج والسهرات التليفزيونة، كذلك أخرج عددا من المسرحيات للتليفزيون، كما كان يقوم بإخراج الأعمال الخاصة بوزراتي الدفاع والداخلية.

ولأنه بلدياتي، فقد بدأ جميل المغازي مشواره من مدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ إلى أن استقر به الحال ليدرس في المعهد الصناعي في منطقة حلوان في القاهرة، ثم يلتحق بمعهد التمثيل للدراسة في الفترة المسائية، لينتهي به المستقر أن يعمل في الإخراج التليفزيوني في اتحاد الإذاعة والتليفزيون (ماسبيرو).

وقد سافر “المغازي” إلى ألمانيا ودرس الإخراج هناك وعمل لفترة في التليفزيون الألماني، وفي يوم قام وفد مصري برئاسة الدكتور محمد عبد القادر حاتم، وزير الإعلام في ذلك الوقت ورئيس وزراء مصر الأسبق – رحمه الله – والمخرج الراحل نور الدمرداش الذي كان مسؤولا وقتها عن “الدراما” في التليفزيون المصري وسعيد أبو السعد مدير معهد التليفزيون في ذلك التوقيت، وشاهد والوفد عرضا مبهرا من إخراج جميل المغازي، وقالوا المسؤولين الألمان لعبد القادر ستشاهد عرضا لا تصدق من مخرجه، وبعد العرض تعرف “عبد القادر حاتم” على مخرج العرض “جميل المغازي” وعرض عليه العودة إلى مصر ليعمل براتب أعلى مما يأخذه في ألمانيا، وبالفعل عاد “المغازي” إلى مصر، وذهب إلى وزارة الإعلام ليلتقي بعبد القادر حاتم، إلا أن “حاتم” كان قد ترك وزارة الإعلام في ذلك التوقيت.

وبالرغم من ترك عبد القادر حاتم لوزارة الإعلام، فطلب سعيد أبو السعد أن يقوم “المغازي” بالتدريس وإلقاء المحاضرات في معهد التليفزيون، ووافق “المغازي” وبدأ التدريس في المعهد. منذ عدة سنوات وأنا أفكر في التعرف على المخرج الكبير، خاصة وأننا بلديات، وابن شقيقه جار لنا في بلدتنا بيلا حيث يسكن في المنزل المقابل لمنزلنا، وبالفعل حصلت على رقم هاتفه إلا أنني لم أتصل به في وقتها.

ومنذ ما يزيد عن شهرين صادفتني صفحة المخرج الكبير على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وطالعتها ووجدت أصدقاء مشتركين بيني وبينه، وعلى الفور أرسلت له طلب صداقة وقام بقبوله، وأرسلت له رقم هاتفي وإذ بي وأنا أشاهد إحدى مباريات كأس العالم في شهر يونيو الماضي أتلقى اتصالا هاتفيا من المخرج الكبير جميل المغازي، وكنت وقتها في بلدتنا بيلا، وتم التعارف واتفقنا على أن نلتقي في أقرب فرصة حين عودتي إلى القاهرة. وفعلا، وعند عودتي إلى القاهرة اتصلت بالمخرج الكبير وحددنا موعدا للقاء واتفقنا على أن أزوره في بيته في تمام الثامنة مساء في أحد أيام شهر يوليو الماضي.

ولكن لماذا فكرت في لقاء “المغازي” وأنا صحفي متخصص في الشؤون الخارجية وليس لي علاقة بمجال الفن وأهله؟

المخرج الكبير جميل المغازي

بالرغم من ابتعادي عن مجال الفن، إلا أن هناك علاقة وطيدة ومباشرة وغير مباشرة بين عالمي الفن والسياسة، وهناك من الروايات والحكايات الممتعة التي جمعت بيا أهل الإثنين (السياسة والفن)، كما هناك من الأسرار والتي مازالت مدفونة حتى اليوم عن أهل الفن والسياسة.. ومن المؤكد أن مخرجا بحجم جميل المغازي عنده من الحكايا والأسرار التي تصلح لروايتها في هذا التوقيت.

لقد كان هدفي من لقاء جميل المغازي أن أبحث عما يثيره الفضول الصحفي والبحث في دهاليز وكواليس عالم مملوء بالأسرار والمعلومات الحبيسة، فمن خلال اهتمامي بعالم السياسة وهمومها، فكنت على يقين أن أهل الفن لديهم الكثير عن أهل السياسة، وهو ما كنت أبحث عنه كصحفي يلتقي بمخرج كبير عاصر تاريخ مصر الحديث وعايش عهود حكام مصر، جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، وأخيرا أحداث 25 يناير وما بعدها من حكم الإخوان ثم الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وحين ذهبت للمخرج الكبير في الموعد المحدد كان في تصوري أن اللقاء لن يزيد عن ساعة واحدة، فهو لقاء للتعارف، ليس أكثر، خاصة أنها المرة الأولى، وقد تعمدت أن يكون لقاء غير رسمي وأن يكون اللقاء مجرد دردشة عابرة.. ودون أن أطلب منه استغرق جميل المغازي في سرد حكايات وشهادات خلطت بين السياسة والفن، وكان هذا ما أبحث عنه فعلا، واستمر الحديث بيننا لأكثر من ثلاث ساعات متصلة، فقد التقيته في الثامنة مساء وغادرت بعد الحادية عشرة مساء.

حكى لي “المغازي” عن محطات في مشواره الفني والعائلي، وعن برامجه وأعماله النادرة والتي جزء منها مازال في حوزته، حيث يمتلك تسجيلات تتجاوز الـ (500 ساعة) مع نخبة من مشاهير الفن والأدب والسياسة، منهم على سبيل المثال: توفيق الحكيم ونزار قباني ويوسف إدريس، ولم تذاع حتى اليوم.

كما حكى لي “المغازي” عن أسراره مع شخصية نافذة في نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكيف طلب منه تقديم استقالته، وكان السبب أن “المغازي” رفض تصوير الرئيس مبارك في إحدى الحوارات التي كان يجريها الصحفي الكبير مفيد فوزي مع “مبارك” وكان وقتها أفضل مخرج يسجل هذه الأعمال هو جميل المغازي، فرفض “المغازي”، وحين أبلغ مفيد فوزي تلك الشخصية برفض “المغازي” بالتصوير، تم استدعائه وسأله عن السبب ليجيبه “المغازي” بأنه كان مريضا، فأبلغته الشخصية النافذة بأن ينتظر منها اتصالا في مساء ذلك اليوم، وبالفعل اتصلت الشخصية النافذة بجميل المغازي في بيته وطلب منه تقديم استقالته من التليفزيون ودون أن يعلم أي فرد حتى من أفراد أسرته بذلك، وبالفعل توجه بعدها جميل المغازي إلى المخرج الكبير يحيى العلمي، رئيس قطاع الإنتاج بالتليفزيون وقتها، واندهش “العلمي” -الذي كان صديقا حميما للمغازي- وسأله عن السبب، خاصة وأن متبقي له سنة ويخرج إلى التقاعد، فأجابه “المغازي”: “أنا زهقت ومش عاوز اشتغل”، ففهم “العلمي” أن في الأمر شئ واستجاب لطلب “المغازي” وتمت الاستقالة.

وكان سبب رفض “المغازي” لتصوير الرئيس مبارك هو عزله للمشير محمد عبد الحليم أبو غزالة من منصب وزير الدفاع، فكان “المغازي” على علاقة وطيدة بالمشير أبو غزالة وكان يقدره، كما كان يقوم بإخراج بعض الأعمال الخاصة لوزارة الدفاع وكان يرفض أن يتقاضى أجرا عليها، وكذلك كان يفعل في الأعمال التي أخرجها لوزارة الداخلية.

ويؤكد “المغازي” أن سبب الرفض هو احتجاج شخصي بينه وبين نفسه، لشعوره بأن المشير أبو غزالة قد ظُلِم من “مبارك” وكذلك الملحن الكبير الراحل بليغ حمدي، على إثر واقعة انتحار أو قتل المغربية (سميرة مليان) في منزله وهي قصة شهيرة وتم اتهام بليغ حمدي فيها ظلما، فهما أكثر اثنين شعر “المغازي” بظلمهما من نظام “مبارك”.

انتهى اللقاء، واتفقت مع جميل المغازي أن نحضر لعمل صحفي لم نستقر عليه بعد، فهل سأقوم بإجراء سلسلة من الحوارات الصحفية ترتقي لتصبح كتابا يستحق النشر بحسب ما يحتويه من أهمية، أم أقوم بكتابة سيرته الذاتية ومشوار حياته ويقول ما تبقى في جعبته من أسرار لنشرها في كتاب خاص بذلك؟

لم نستقر بعد عما سنقوم به، فالتواصل مستمر حتى يتحدد الأمر وتتجدد اللقاءات.

رابط مختصر
2018-09-16
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر