سوف يتم تنفيذ المرحلة الثانية للعقوبات الأمريكية من منتصف ليلة 4 نوفمبر وهذا الأمر سوف يجر النظام نحو نهاية زقاق المأزق أي نحو الطريق الذي ستكون فيه الظروف أصعب بكثير من الماضي بالنسبة للحكام المستبدين في إيران.
العقوبات الأمريكية المتعلقة بقطاع صناعة السيارات في إيران وتجارة الذهب وبقية المعادن الثمينة الأخرى وتجارة العملة الصعبة قد تم تطبيقها في ٧ أغسطس الماضي ومن تاريخ ٤ نوفمبر سوف يتوقف شراء النفط وبقية المنتجات المرتبطة به أو أن مشتري النفط الإيراني سيتم منعهم من التعامل التجاري مع الولايات المتحدة. وهذا الأمر سيشكل بداية حقبة جديدة كليا.
وفي هذا الخصوص ذكر رئيس مجموعة العمل الأميركية الخاصة بإيران برايان هوك أنه حتى الآن، تشمل القيود قطاع السيارات وتداول الذهب والمعادن الأخرى الثمينة والقسم الثاني من العقوبات سيتم تطبيقه من ٦ نوفمبر. وهذه العقوبات سوف تشمل قسم الطاقة الإيراني وانتقال المال المرتبط بالنفط وايضا البنك المركزي.
الجدير بالذكر أنه قبل فترة قامت وزارة الخزانة الأمريكية بتطبيق عقوبات جديدة على عدة بنوك وشركات إيرانية في نفس هذه الجولة الأخيرة. بنوك مثل ملت ومهر اقتصاد هم من بين المؤسسات المالية التي تم وضعها في القائمة الجديدة للعقوبات الأمريكية.
شركة صناعة الجرارات (تراكتور سازي) في تبريز وشركة مباركة لصناعات الصلب في أصفهان كانتا أيضا من بين الشركات التي تم فرض عقوبات أمريكية عليها.
حول هذا، قال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية: “إن الحرس الثوري متجذر في جميع أنحاء الاقتصاد الإيراني. هذا هو بالضبط نوع النشاط الذي حذرنا الشركات والحكومات الأخرى منه بشكل واسع”.
وزارة الخزانة الأمريكية تقول: “بنك مهر اقتصاد” هو رابط شبكة البسيج وقدم مئات الملايين من الدولارات لـ “مؤسسة البسيج التعاونية” من خلال أرباح الأسهم والخطوط الإئتمانية. المؤسسة الاستثمارية “بنك مهر اقتصاد” هي المالك أو المساهم الأكبر للعديد من الشركات الإيرانية مثل أكبر شركة لصناعة الجرارات في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، تجارة الزنك والرصاص التي تدر مليارات الدولارات، الشركات الهندسية، الاستثمار، الكيماويات وصهر المعادن.
الشركات والبنوك المعاقبة اتهمت بدعم المليشيات التابعة لقوات البسيج. وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أن شركة (بنياد تعاون بسيج) هي المؤسسة المسؤولة عن الدعم المالي لقوات البسيج وأشارت إلى: “هذه الشبكة الواسعة توفر البنية التحتية المالية اللازمة لقوات البسيج لتوظيف الأطفال من خلال تربيتهم بدنيًا وفكريا كجنود في المعارك تحت إشراف قوات الحرس الثوري”.
وفي بيان وزراة الخارجية الأمريكية اتهمت قوات البسيج الإيرانية بالقمع العنيف والوحشي والانتهاك الخطير لحقوق الإنسان.
وصرح مايك بومبيو على صفحته على التويتر حول موضوع انتهاك حقوق الإنسان في إيران ما يلي: النظام الإيراني يتحدى المعايير الدولية وينتهك حقوق الشعب الإيراني وينشر الموت والخراب في جميع أنحاء العالم”.
امريكا كانت قد أعلنت بأن جميع الدول والشركات التي سيبقى متعاونا اقتصاديا مع إيران بعد ٤ نوفمبر سيكون مشمولة ضمن العقوبات الأمريكية.
ومن جهة أخرى قال الملا المخادع روحاني يوم الأحد ١٦ اكتوبر في خطابه الذي ألقاه في جامعة طهران: لسنا قلقين من تنفيذ العقوبات الأمريكية الجديدة!! وسعى أيضا بنفس الأساليب الخادعة الخاصة له والمسماة (علاج الأمل) أن يضع نفسه بمكان الممرضة الأكثر رحمة من الأم وقال: “إذا كنتم ترون الأسعار مرة واحدة في الأسبوع، فنحن نراها كل يوم.. نحن لا نقول ليس لدينا مشكلة. المشكلة موجودة ولكن يجب أن نتجاوز هذه المشاكل من خلال الأمل”!!
في نفس الوقت قال برايان هوك منسق الإجراءات المنفذة ضد نظام الملالي في وزراة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة ١٩ اكتوبر خلال حديثه في بلجيكا: “سيتم تنفيذ عقوباتنا القوية حقا في نوفمبر .. نحن سنحقق هدفنا فقط من خلال الضغط على النظام في إيران”. وأضاف أيضا: “هذا النظام ليس من النوع الذي يمكن التحدث معه حتى يقوم بتغيير سلوكه. هذا النظام عنيف جدا.”
والآن أصبح نظام خامنئي عالقًا في مأزق وطريق مسدود فمن جهة عناصر ومسؤولي هذا النظام يعلمون جيدا إلى أي مدى وصل التسوس الداخلي في هذا النظام وكم تملك هذه الأزمات التي يخوضها هذا النظام من نتائج وعواقب عليه وعلى عملائه المرتبطين به ومن جهة أخرى فهم لا يملكون القدرة والسعة على مواجهة هذا القدر من الضغوطات. أي أن النظام لا يوجد له طريق للأمام أو طريق للوراء.
وال ستريت جورنال أشارت في تقريرها لهذ الموقف الهش وكتبت: “إن الإجراءات الجديدة لواشنطن من خلال معاقبة شبكة الشركات المليونية والبنوك وصناديق التأمين المالي لقوات البسيج تمهد الأرضية لتنفيذ المرحلة القادمة من العقوبات الاقتصادية القاصمة وتقدم تحذيرا للشركات والحكومات التي لا تزال تتعامل مع إيران.
الحقيقة هي أن الظروف الحالية التي يمر فيها النظام الإيراني هو من أصعب الظروف. إن سنوات استغلال الدولارات النفطية وسياسات التماشي الغربية مع هذا النظام الآن انتهت أخيرا لتفسح المجال للعقوبات الشديدة والقاسية، الأمر الذي سيلف حبل المشنقة حول رقبة الحرس الثوري وأجهزته ومؤسساته القمعية. هذه الظروف سوف تؤدي بالطبع إلى المزيد من الاحتجاجات الشعبية الواسعة في الشوارع وستكون خطوة نحو تغيير هذا النظام بشكل كامل. ذاك التغيير الذي سيحققه المبدعون الأساسيون أي الشعب والمقاومة الإيرانية بالدرجة الأولى.
*كاتبة إيرانية