عرّفت “مؤسسة محمد إبراهيم” – الملياردير السوداني البريطاني، الحُكْمَ الرشيد على أنه “توفير السلع والخدمات العامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يَحِقُّ لكل مواطن أن يتوقَّعها من دولته، وتتحمل الدولة مسؤولية تقديمها لمواطنيها”.
ويُعدّ “مؤشر إبراهيم للحوكمة الإفريقية” من المؤشرات المعتمدة وذائعة الصيت لمعرفة مدى تقد القارة الأفريقية من حيث الحوكة. وقد بُنِي المؤشر على قياس السلامة وسيادة القانون في الدول الإفريقية، ومشاركة المواطنين ومستوى التقدُّم في حقوق الإنسان، والفرص الاقتصادية المستدامة والتنمية البشرية كمؤشرات للحكم الرشيد.
وباستخدام أداة المؤشر المتوفرة في موقعه الخاص؛ قارنتُ مؤشرات الحكم الرشيد للعام 2018 بين ثلاث دول أفريقية, وهي: نيجيريا في غرب أفريقيا, جنوب أفريقيا في أفريقيا الجنوبية وسيشل في شرق أفريقيا. وكانت النتيجة كالتالية:
نيجيريا
حصلت نيجيريا على 47.9 نقطة من 100 نقطة للحكم الرشيد, ما يعني أن الحوكمة في البلاد تتحسّن حتى وإن كانت ضعيفة. وبالتفصيل؛ سجّلت البلاد 46.4 نقطة للسلامة وسيادة القانون أي بفقدان 5.4- من نقاطها السابقة (من 2008 إلى 2017) في هذا المجال؛ وسجلتْ 53.2 نقطة للمشاركة وحقوق الإنسان, و 43.5 للفرصة الاقتصادية المستدامة – أي بزيادة 2.7+ لما سجلته في العقد الماضي؛ و 48.7 للتنمية البشرية.. وكل هذه النقاط تؤكد على أن الطريق لا يزال طويلا أمام الحكومة النيجيرية.
جنوب أفريقيا
لقد شهدت جنوب أفريقيا تراجعا طفيفا في مستوى الحكم الرشيد في السنوات العشر الماضية. ففي مؤشر الحوكمة الجديد, سجّلت البلاد 68.0 نقطة – أي بفقدان 0.6- من نقاطها للسنوات السابقة. وبالتفصيل: سجلت جنوب أفريقيا 66.7 للسلامة وسيادة القانون؛ 74.4 للمشاركة وحقوق الإنسان؛ 65.1 للفرصة الاقتصادية المستدامة؛ 65.6 للتنمية البشرية.. وهذه أرقام إيجابية وجيّدة مقارنة بنيجيريا.
سيشل
تواصل جمهورية سيشيل على الحفاظ على مؤشراتها الإيجابية التي تميزت بها منذ السنوات الماضية – وهي دولة جزرية في المحيط الهندي قبالة سواحل شرق أفريقيا. وقد حصلت البلاد على 73.2 نقطة للحكم الرشيد, أي بزيادة 4.0+ لما سجّلته في السنوات العشر الماضية – ما يبيّن مدى التقدم الذي حقّقته البلاد سياسيا واقتصاديا وتنمويا. وبالتفصيل: سجّلت 74.8 للسلامة وسيادة القانون؛ و 70.5 للمشاركة وحقوق الإنسان؛ و 63.5 للفرصة الاقتصادية المستدامة؛ و 83.8 للتنمية البشرية.. وكلها أرقام قوية ومُفرحة – وخاصة إذا ما قارنّاها بما سجّلته نيجيريا أو جنوب إفريقيا.
الحكم الرشيد في الدول الثلاث
من الملاحظ في تقرير “مؤشر إبراهيم للحوكمة الإفريقية” للعام 2018, أن 34 دولة فقط شهدت تحسُّنًا في حوكمتها. وكانت الدول الخمس الأولى حسب نقاطها التراكمية في جميع المؤشرات هي: موريشيوس (79.5 نقطة/ المركز الأول)، سيشيل (73.2/ المركز الثاني), ساحل العاج (71.1/ المركز الثالث), ناميبيا (68.6/ المركز الرابع) وبوتسوانا (68.5/ المركز الخامس).
وإذ تحتلّ سيشل المركز الثاني (بعد موريشيوس) من بين كل الدوّل الأفريقية في مجال الحكم الرشيد, وتحتلّ جنوب أفريقيا المركز السابع, إلا أن نيجيريا تحتلّ المركز الثالث والثلاثين (33) – بحسب مؤشرات 2018.
وبالنظر إلى مؤشرات الدول الأفريقية التي حقَّقَتْ نقاطًا إيجابيَّة وتلك التي شهدت تدهورًا في ترتيبها, يمكن القول بأنّ الحكم الرشيد في أي دولة أفريقية سيكون أفضل عندما يكون هناك سلام وشفافية حكومية، واحترام لسيادة القانون.