»» الانسحاب جاء بتنسيق تركي إسرائيلي
»» زيارة “البشير” قد تحمل رسالة من “إردوغان” لدوره الجديد
»» الدور الأوروبي في الأزمة السورية كان تابعا للدور الأمريكي ولم يتجاوز أكثر من دوره كجمعية خيرية لاستضافة اللاجئين
»» أمريكا أزكت الفتن الطائفية في المنطقة منذ حرب الخليج الأولى بهدف القضاء على المسلمين السنة
»» الدور الكردي في سوريا انتهى للأبد
كشف الباحث المتخصص في الشأن الأسيوية أبو بكر أبو المجد، في حوار خاص ل “العربي الأفريقي” أن الانسحاب الأمريكي من سوريا جاء لمصلحتها في المقام الأول، كما تم بتنسيق مع كل من تركيا وإسرائيل، كما أعرب عن اعتقاده بأن الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس السوداني عمر البشير لسوريا إنما جاءت حملا لرسالة تركية من الرئيس رجب طيب اردوغان إلى الرئيس بشار الأسد في إطار دور جديد لتركيا بعد الانسحاب الأمريكي.
كما أكد ” أبو المجد” أن الدور الكردي سينتهي للأبد في سوريا.
وأوضح “أبو المجد” في حواره أن الدور الأمريكي في المنطقة هو القضاء على المسلمين السنة، بينما يبقى الدور الأوروبي تابعا للدور الأمريكي، أما العرب فظل دورهم غائبا خاصة في الأزمة السورية التي امتدت منذ عام ٢٠١١ لتنتهي باستمرار نظام بشار الأسد والانتصار على التنظيمات الإرهابية التي اختلقت مناخ الثورة على “نظام الأسد” بفعل أنظمة مخابرات عالمية كان أبرزها ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي.
عن آخر التطورات على الساحة السورية ومستجدات الاحداث ننشر تفاصيل الحوار في السطور التالية:
* فى البداية سألنا عن اخر تطور الأحداث وهو الانسحاب الأمريكى من سوريا لماذا الآن ولمصلحة من؟
ابو بكر : الانسحاب الأمريكي جاء رغبة في استمرار مزيد من الفوضى في المنطقة وابتزاز الدول التي ستتأثر بها ماديا، وبالقطع لصالح الولايات المتحدة في المقام الأول، ثم مستفيدون آخرون قبل وبعد الوجود الأمريكي من الأساس.
* ما هى مصلحة امريكا فى الانسحاب؟
ابو بكر : أمريكا في عهد ترامب لا هم لا غير المادة الأموال والمكاسب السريعة لدعم اقتصادها وتخفيف العجز على ميزانيتها؛ لأن ترامب يفكر بعقلية رجل الأعمال الذي لا يقدم أعمالًا خيرية وتبرعات باسم الصداقة والحب.
سحب الجنود توفيرًا للنفقات.. ثم حماية للجنود، فسعادة أسر الجنود بعودة أبنائهم تصنع حالة كبيرة من السعادة في الوسط الأمريكي.. وصدًا إيجابيًا كبيرًا للرئيس الأمريكي.. كما أن وجود الجنود على الأرض السورية لا طائل منه الآن في ظل هذا الوجود الكثيف لجنود وعملاء روسيا وإيران وتركيا ورجالات حزب الله بل والأحزاب الشيعية العراقية أيضا.
* هل معنى ذلك أن أمريكا طوال هذه السنوات لم تستفيد من وجودها فى سوريا ، وتواجدت فقط للمساعدة المجانية؟
أبو بكر: الانسحاب تم بعد عقد تنسيق كامل مع تركيا وإسرائيل من دون شك، فتركيا بالجنود ستكون حاضرة، فضلًا عن الحلول السياسية فهي ستكون مندوب أمركا وإسرائيل معًا في أي حل سياسي مقبل في سوريا، وإسرائيل تم إطلاق يدها عسكريًا دون مراجعة، والدليل إطلاق غاراتها قبل ساعات على سوريا عابرة الأجواء اللبنانية، مرتكزة لدعم عربي واضح بعد زيارة نتنياهو لسلطنة عمان.
* هل معنى ذلك أن أمريكا وتركيا وإسرائيل تجمعهم مصلحة واحدة وهل هى ضد المصلحة التى تجمع كل من إيران وحزب الله وروسيا والنظام السوري ، واى المعسكرين اقوى بنظرك؟
أبو بكر: في السياسة الدولية ليس هناك ما يسمى بمصلحة واحدة أو متطابقة..أنا أؤمن بتقاطع المصالح.. بمعنى إن كل من ذكرتيهم لهم مصالح مختلفة؛ غير أن بعضها متقاطع.
ولا يوجد معسكرين من الأصل.. بل معسكرات.. فمعسكر تركيا يختلف عن إسرائيل يختلف عن أمريكا يختلف عن روسيا، ولكن إيران والمليشيات الشيعية بما فيهم رجالات حزب الله معسكر واحد يأتمرون بأمر المرشد الإيراني علي خامنئي.
* هل تتوقع حدوث عملية عسكرية ضد النظام أو إيران أو حزب الله من قبل امريكا وإسرائيل، خاصة وان البعض فسر الموقف الأمريكى بالتصعيد تجاه إيران وحلفائها؟
أبو بكر: أمريكا قالت مثل هذا الكلام من قبل، منذ أزمة اختطاف الرهائن الـ104 في 1982، ولم تضرب بل تركت حزب الله يستفحل وتهرب له الأسلحة والصواريخ الإيرانية عبر سوريا.. وقالت ذلك على إيران وكانت ظاهريًا تدعم صدام حسين في حربه ضدها وترسل لها السلاح في حرب الثمان سنوات، أو حرب الخليج الأولى، ثم أظهرت فضيحة إيران-كونترا الخبث والكذب الأمريكي الساعي إلى ابتزاز واستنفاذ طاقات وثروات وأرواح العرب.. وقالت ذلك على كوريا الشمالية وجعلتها أحد محاور الشر، وها هي اليوم تسعى للصلح معها بعد أن تمكنت من صنع قنبلة نووية وصواريخ باليستية عابرة للقارات حاملة لرؤوس نووية، وإن لم يثبت ذلك حتى الآن؛ لكنها ملكت من غير شك أسلحة تهدد أمن واستقرار وسلامة الولايات المتحدة نفسها فضلًا عن قواعدها في المحيط الهادي وحلفائها الكبار وعلى رأسهم كوريا الجنوبية، واليابان. أمركا سياساتها لا تتغير، وإن كان لها هدف فهو القضاء على المسلمين السنة تحديدًا وهذا سر هجومها غير المبرر على أفغانستان فالعراق ثم توجه دول حليفة لها أخرى في حلف شمال الأطلسي ناتو بالوكالة لتدمير ليبيا والسودان تقترب والهدف هو مصر.
* إذن، هل العداء بين امريكا وحزب الله وإيران ” تمثيلية؟
أبو بكر: هذه قصة طويلة ستأخذنا بعيدًا عن الموضوع، وربما تجعل البعض يتناول تعليقنا عن الأزمة السورية بشكل سطحي وفي ظل نظرية المؤامرة التي يحلو لكثر من النخبة العربية نفيها حتى نجلد أنفسنا دونما نظر للجانب الآخر من الحقيقة.
* ماذا عن الموقف الروسي بسوريا ، أليست تعانى هى الأخرى من خسائر تواجدها العسكرى بسوريا لماذا لم تصر على البقاء؟
أبو بكر: روسيا منذ تفكك الاتحاد السوفيتي أوائل التسعينات فقدت كثيرًا من أوراق اللعبة في منطقة الشرق الأوسط، ومرت بمرحلة هي الأسوأ في تاريخها الاقتصادي والسياسي، ولم تمتلك رؤية للخروج من قمقمها الذي فرض عليه بعد هزيمتها في أفغانستان، وحصارها غربيًا وأمريكيًا.. حصارًا غير معلن، بمحاولة الهيمنة على قراراتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، فلم يكن أي قاعدة لها في المنطقة اللهم إلا قاعدتها المتواجدة منذ العهد السوفيتي بميناء مدينة طرطوس. إضافة لمصالح اقتصادية وعسكرية عميقة مع العراق وإيران وسوريا بطبيعة الحال.
لكن العراق أفلت من يدها بعد التدخل الأمريكي تزامن ذلك مع مساعي غربية حثيثة لنشر ما عرف بالدرع الصاروخي الأمريكي التابع لمنظمة ناتو كما قتل القذافي أحد أبرز حلفاء روسيا، ولم يعد لها أوراق سوى إيران للضغط بها على الغرب الذين ألهوها في حرب ضد المسلحين الإسلاميين في الشيشان، وصنعوا غيرهم في دول أخرى استقلت عنها أوائل التسعينات كأوزبكستان وقرغيزستان وحتى كازاخستان وطاجيكستان.
إذا كان لا بد من التواجد بقوة لدعم الأسد كشخص، وليس كرئيس، أولا للتأكيد أن روسيا تعرف كيف تحمي رجالها، وثانيا لاستعراض الأسلحة الروسية وزيادة بيعها في السوق العالمية للسلاح، وثالثًا لتأكيد نفوذها والحفاظ على مكتسباتها فضلا عن كسب حلفاء جدد في المنطقة إضافة إلى إذكاء روح الوطنية من الجديد في الداخل الروسي خاصة بعد الأزمة الاقتصادية التي مرت بها روسيا من العقوبات الأوروأمريكية عقب ضمها لجزيرة القرم. وبالتالي إلهاء الشعب عن معاناتهم الاقتصادية بسبب القرارات البوتنية.
* هل ايران هى المنتصر الحقيقى فى سوريا وأصبحت سوريا خالصة لها من دون الجميع؟
أبو بكر: سوريا إيرانية قبل وبعد الوجود الأمريكي، فلطالما مهد العلوي بشار الأسد وأبيه الجسور مع نظام الملالي.. واليوم إيران لا تنظر إلى المكاسب المادية بل اللعب في تغيير ديمواغرفيا الأراضي السنية كما فعلت بالعراق.. هي جعبة السهام المطلقة على السنة في العراق منذ 2003، وعلى سوريا منذ 2011، وحتى اليوم. إيران تهدف للسيطرة على العقول، والعقول هي التي ستحارب بالنيابة عنها مستقبلًا وتسلمها مفاتيح حزائن البلاد كلها.. مثلما هو الحال في العراق.. فهو أرض خصبة للهروب من أي عقوبات اقتصادية، وغسل الأموال الخاصة بالحرس الثوري الإيراني.
* هل لحزب الله من موقف خاص به أم أنه فقط يمثل إيران فى سوريا؟
_: حزب الله والحوثيين والأحزاب الشيعية في العراق مجتمعة ما هي إلى ذيل لرأس قابع في طهران.. إنها رأس خامنئي.
* هل للموقف الأوروبى من دور ع الساحة السورية؟
أبو بكر: الموقف الأوروبي موقف تابع للموقف الأمريكي، والأوروبيون لم يكونوا يتخيلوا كل هذا الشطط السياسي في القرار الأمريكي مع ترامب، ومنذ بدايات الثورة حتى الآن لم يكن للاتحاد الأوروبي رؤية واضحة أو قرارًا موحدًا، فقد افتقد بوصلته ولم يعد يعرف أين يتجه؟ والمساعي الفرنسية والألمانية متضاربة ففرنسا تريد أن يكون لها قوة على الأرض في سوريا في ظل مساعي تنسيقية مع روسيا لإنهاء الوضع غير المستقر في سوريا سريعًا، بينما ألمانيا تقريبًا باتت تسلم ببقاء الأسد، وبدأت خطوات فعلية في التشاور معه مباشرة. ويمكن القول أن الدور الأوروبي هو عبارة عن جمعية خيرية تهتم بشؤون اللاجئين وحسب.
* أين الدور العربى إذن؟
أبو بكر: أما الدور العربي فالسؤال عنه الآن ليس له محل من الإعراب، فقد انتهى تمامًا، وكل المحاولات حتى المصرية منها لن تتقدم خطوة أو يكون لها أذن تنصت لها بغير إذن وموافقة وربما صفقة إيرانية.
*هل من بقايا لداعش أو من تأثير للأكراد؟
أرى أن الدور الكردي سينتهي للأبد، وتحليلي أن البشير ذهب للقاء بشار الأسد حاملًا رسالة من أردوغان للتنسيق بينهما من أجل الحد من دور الأكراد وحصارهم مقابل الاعتراف التركي ببشار والحكومة التي سيشكلها والضغط على المعارضة السورية التي تتخد من اسطنبول مقرًا لها في أي مفاوضات مقبلة مع الأسد.، وأما داعش فهي من المبتدى للمنتهى صناعة تدخل فيها اليوم العديد من أجهزة الاستخبارات العالمية، وثمة دواعش وليس داعش واحدة وإن كانت الولاءات معلنة لأمير واحد من باب التمويه والخداع، وكل داعش يختلف في أهدافه وتحركاته وهجماته من بلد لأخرى بحسب الاستخبارات المسيطرة عليه ومصالحها في هذه الدولة.. داعش سوريا كان وسيظل موجودًا كما داعش سيناء؛ لكن تحركاته وظهوره وخفوته يتوقف على الرسائل المرسلة إليه ممن يموله من أجهزة الاستخبارات العالمية.