رغم العداء المعلن بين أمريكا و إيران إلا أن ذلك لم يمنعهما من التعاون فى السر و العلن حتى في أشد اللحظات توترا و عداء بينهما؛ لذا فكثير من المتابعين للسياسة الأمريكية تجاه إيران في حيرة؛ حتى تم وصف هذه العلاقة مرة ( بزواج المتعة المحلل عند الشيعة و مرة بالزواج العرفى و الان وصلت لزواج المسيار ) لعدم احتكامها لقواعد ثابتة.
فأمريكا في علاقتها مع الدول تتبع مبدأ الغاية تبرر الوسيلة فالسياسة الأمريكية لا تعترف بأي ثوابت وأنها على استعداد لتغيير سياستها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مادام ذلك سيحقق مصالحها فامريكا لم تنشأ كوطن وإنما نشأت كموطن.
و على الجانب الاخر تستند ايران في تبرير تعاونها مع أمريكا او الشيطان الأكبر كما تصفها بصفة خاصة و باقى الدول بصفة عامة على بعد عقائدي في المذهب الشيعي الإثني عشري الذي يقوم على مبدأين هما مبدأ ولاية الفقيه والذي يعني (عصمة الإمام) وهذا يعني السمع والطاعة دون مراجعة أو اعتراض والذي أسسه مرشد الثورة الأول آية الله الخميني، و يفهم أن الولي الفقيه سلطته فوق القانون وفوق الدستور لما له من عصمة و الثاني مبدأ المصلحة، والمصلحة و هى أحد مرتكزات التشريع في الفقه الإسلامي عند السنة على ألا تخالف نص محكم في الكتاب أو السنة إلا أنها في المذهب الشيعي تعلو على النص وتتخطى حدوده مادام ذلك يحقق المصلحة العليا للأفراد والمذهب وهذا هو مكمن الخطر لانها مرتبطة برؤية الإمام، و هذا التداخل بين مفهوم ولاية الفقيه ومبدأ المصلحة في الفقه الشيعي نتج عنه مبدأ التــقية الذي يلجأ إليه الشيعة في التعامل مع الآخر فيظهر له غير ما يبطن وهذا هو السر في تغير مواقف الشيعة من الشيء إلى نقيضه.
و هذا يقودنا الى أن نفهم سر عدم وجود ثوابت تحكم العلاقة بين إيران و امريكا لانهم وإن اختلفوا في المنطلقات التي يستندون إليها في علاقاتهم ببعضهم فالنتيجة واحدة وهي أن كل شيء جائز و فى نفس الوقت كلا الطرفين لا ينكر عداوته للطرف الاخر .
لذا فايران بكل تهديداتها و خطورتها التى تعدت مرحلة القول الى الفعل ضرورية لامريكا و اختفاؤها يؤدى الى اختفاء مبررات وجود امريكا في الخليج بكل ما يعنيه ذلك من الابتزاز لثروات تحت مسمى صفقات الأسلحة او تامين الحماية التى لم نجد لها وجود فى الواقع مع كل ما قامت و تقوم به ايران من استهداف سفن بحرية اجنبية لضرب مطارات بطائرات مسيرة ووووووووو … و اخيرا و ليس اخر اسقاط طائرة استطلاع أمريكية جنوب ايران.
كذلك ايران بتهديداتها المتواصلة لاسرائيل ضرورة حتمية لاثبات دور امريكا فى الدفاع عن اسرائيل و أمنها حتى مع إطلاق ايران التهديدات المباشرة بغض النظر عن جدية هذه التهديدات من عدمها فإيران تدرك جيدا الخطوط الحمراء التي لا يسمح بتجاوزها في العلاقة مع أمن اسرائيل و لذلك لم تخرج التهديدات عن نطاق الحروب الكلامية.
الولايات المتحدة الأمريكية حريصة كل الحرص ربما اكثر من ايران على الإبقاء على ايران كقوة اقليمية عسكرية و بكل تهديداتها لكن ضمن حدود مرسومة بدقة متناهية ومن غير المسموح لها تجاوزها فاستخدمت امريكا العقوبات الاقتصادية لتقليم أظافر ايران و لمنعها من الانطلاق نحو تحقيق أحلامها النووية و لكن دون المساس بايران كقوة اقليمية تؤجج الطائفية و الصراع بين الشيعة و الدول السنية.
ايران بالنسبة لامريكا مجرد عدو ظاهرى خلقته الادارات الأمريكية المتعاقبة على مدى تاريخها لتنصبه ذريعة لاشعال الحروب في منطقة الشرق الاوسط لمنع اى استقرار و ضمانا لاستمرار بيع المعدات العسكرية و سد العجز بموازنات الخزانة الأمريكية ببليارات الدولارات.. كل هذا يقودنا الى الاعتراف بانه حتى اللحظة.
لم يستوعب العرب أن العلاقة ما بين امريكا و إيران هي علاقة زواج يلتقي بحسبه الطرفان عندما تلتقي مصالحهما و عندما تختلف المصالح يعلنوا الطلاق .. رغم ان العرب هم دائما ما يتحملون تكاليف الزواج و أيضا الطلاق !!!
و ان الزعم بان ايران انتصرت على امريكا وانها تحقق الان ما تريد رغم انف امريكا مجرد وهم و لعبة شطرنج عمرها 33 عام لم تنتصر فيها لا امريكا ولا ايران و الخاسر الوحيد هم العرب الذين لن تبرد دولهم من حرارة الأزمة المشتعلة في المنطقة و القابلة للاشتعال بكل لحظة !!!