سلطت مقاطعة نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس لاجتماع عقدته الرئاسات العراقية الثلاث، أمس الاثنين، مع قادة فصائل الحشد الشعبي، الضوء عن خلافات حول كيفية التعامل مع الغارات التي نفذتها طائرات مسيرة مؤخرا على مقار لقوات الحشد واتهمت الأخيرة إسرائيل بتنفيذها.
ويأتي الاجتماع في ظل مخاوف من تحول البلاد إلى ساحة حرب بالوكالة عن دول أخرى، مع توسيع إسرائيل دائرة استهداف إيران لتشمل الفصائل الموالية لها في سوريا ولبنان والعراق.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد لمّح في الأيام القليلة الماضية إلى دور إسرائيلي في قصف أهداف إيرانية في العراق.
وشنت طائرتان مسيرتان الأحد ضربة جوية على نقطة تابعة للواء 45 من قوات الحشد الشعبي في الأنبار قرب الحدود العراقية السورية غربا وأسفرت عن مقتل قيادي في كتائب حزب الله العراقي وإصابة آخر بجروح بالغة، وفقا للحشد.
والتقى الرئيس العراقي برهم صالح في قصر السلام ببغداد الاثنين برئيس الوزراء عادل عبدالمهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وقادة الصف الأول من الحشد الشعبي، للوقوف على التطور الأمني الأخير في البلاد.
ونددت الرئاسيات الثلاث بالاعتداءات على مقار الحشد، فيما أعلنت الرئاسة العراقية في بيان أن “الاعتداءات التي تعرض لها الحشد مؤخرا عمل عدائي سافر يستهدف العراق”، مؤكدة أن “سيادة العراق وسلامة أبنائه خط أحمر”.
وشدد البيان على أن الحكومة ستتخذ كافة الإجراءات “التي من شأنها ردع المعتدين والدفاع عن العراق”، من دون الإشارة إلى أي خطوة عسكرية.
وبين الحاضرين رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وقائد منظمة بدر هادي العامري. وكان لافتا غياب نائب رئيس هيئة الحشد أبومهدي المهندس الذي أصدر بيانا مؤخرا اتهم فيه الولايات المتحدة بقصف مقار للحشد، لكن رئيس الهيئة الفياض ناقض نائبه.
ومساء الأحد، أعلن الحشد في بيان أن طائرة مسيرة جديدة حلقت فوق أحد مواقعه في محافظة نينوى بشمال البلاد.
وأضاف أنه “تمت معالجتها فورا بسلاح مقاومة الطائرات والطائرة ابتعدت خارج القاطع”.
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول الاثنين، إن “تحقيقا يجري حاليا لتحديد طبيعة الضربة”، من دون أن يقدم المزيد من التفاصيل.
وكان الحشد الشعبي الذي يضم فصائل غالبيتها شيعية، سارع إلى اتهام إسرائيل بالوقوف وراء الهجوم، بحسب بيان صدر الأحد.
وتابع البيان “ضمن سلسلة الاستهدافات الصهيونية للعراق،عاودت غربان الشر الإسرائيلية استهداف الحشد الشعبي وهذه المرة من خلال طائرتين مسيرتين في عمق الأراضي العراقية بمحافظة الأنبار”، مشيرا إلى “سقوط قتيل وجريح” جراء الضربة.
وأضاف “هذا الاعتداء السافر جاء مع وجود تغطية جوية من الطيران الأميركي للمنطقة فضلا عن بالون كبير للمراقبة قرب مكان الحادث”.
وشيعت قوات الحشد الشعبي صباح الاثنين في بغداد كاظم محسن، أحد قادتها الذي قضى في ضربة الأحد، مشيرة إلى أن محسن واسمه العسكري “أبوعلي الدبي”، كان “مسؤول الدعم اللوجستي للواء 45 بالحشد الشعبي”.
واللواء 45 تابع بين عدة ألوية لكتائب حزب الله العراقي الذي تصنفه الولايات المتحدة في لائحة “المنظمات الإرهابية الأجنبية”.
وخلال التشييع، قال أحمد الأسدي المتحدث باسم كتلة ‘الفتح’ البرلمانية التي تضم غالبية ممثلي الفصائل الشيعية “سنعقد في الأيام القادمة اجتماعا برلمانيا طارئا، لمناقشة هذه المسألة واتخاذ القرارات المناسبة”، بحسب مقطع فيديو نشره الحشد.
وتأتي الضربة بعد أسابيع من غموض أحاط بانفجارات وقعت في مخازن صواريخ تابعة للحشد الشعبي وحمل الأخير الولايات المتحدة مسؤوليتها، ملمحا في الوقت نفسه إلى ضلوع إسرائيل فيها.
وتعرضت أربع قواعد يستخدمها الحشد الشعبي إلى انفجارات غامضة خلال الشهر الماضي، كان آخرها الثلاثاء في مقر قرب قاعدة بلد الجوية حيث تتمركز قوة أميركية شمال بغداد.
وأجرت الحكومة العراقية تحقيقات في بعض تلك الحوادث. وقالت إن طائرة مسيرة مجهولة كانت سببا في أحدها. ولم تصدر أي اتهامات محددة أو نتائج كاملة للتحقيقات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف، إن الوزارة تنتظر نتائج لجنة التحقيق التي شكلها رئيس الوزراء، مضيفا “إذا تم إثبات دور أي طرف خارجي في هذه العمليات، سنتخذ كافة الإجراءات وفي مقدمتها اللجوء إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة”.
وكان أبومهدي المهندس المدرج اسمه على القائمة السوداء الأميركية، حمّل الولايات المتحدة مسؤولية الاعتداءات الأسبوع الماضي، لكن اتهام إسرائيل مساء الأحد، كان الأول من نوعه.
وتقاتل فصائل الحشد الشعبي التي تأسست بفتوى المرجعية الشيعية الأعلى في العام 2014، تحت قيادة القوات المسلحة العراقية، لكن الولايات المتحدة وإسرائيل تعتبران أن بعض هذه الفصائل تمثل امتدادا لعدوتهما اللدود إيران.
إسرائيل توسع خارطة ضرب الأهداف الإيرانية في المنطقة متهمة طهران بنقل صواريخ إلى حلفائها في العراق وسوريا ولبنان يمكن استخدامها في ضرب أهداف إسرائيلية
وتواصل الولايات المتحدة تنفيذ حملة الضغوط القصوى على إيران منذ انسحابها من الاتفاق النووي التاريخي بين طهران والدول العظمى العام الماضي.
وأدى ذلك إلى الضغط إلى إحراج بغداد التي لطالما سعت إلى تحقيق التوازن بين حليفتها السياسية واشنطن وجارتها الشرقية طهران.
وقال مصدر حكومي، إن الهجمات ضد الحشد وضعت بغداد في موقف أكثر صعوبة، مضيفا “إذا بقينا صامتين، سوف نعتبر ضعفاء. وإذا تحدثنا، ستفسر بعض عناصر الحشد ذلك على أنه ضوء أخضر لبدء حرب”.
ونفى البنتاغون تورطه في الهجمات الأخيرة. ولم تؤكد إسرائيل حتى الآن أي مسؤولية رغم تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه “سيتحرك ضد إيران كلما دعت الضرورة”.
وتقول إسرائيل أن إيران تنقل صواريخ إلى حلفائها في العراق وسوريا ولبنان يمكن استخدامها في استهداف إسرائيل.
ونفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية ضد القوات الإيرانية وحلفائها في سوريا التي تمزقها الحرب، منذ 2011، بما فيها تلك التي وقعت نهاية الأسبوع الماضي بالقرب من دمشق.
في لبنان أعلن حزب الله والجيش اللبناني الأحد أن طائرتين مسيرتين إسرائيليتين استهدفتا ضاحية بيروت الجنوبية وألحقت إحداها بعد انفجارها أضرارا بالمركز الإعلامي للحزب.
واتهم فصيل فلسطيني موال لدمشق الاثنين إسرائيل بضرب مواقعه في شرق لبنان قرب الحدود السورية.