> الدعم الشعبي الليبي ساعد “حفتر” على إعلانه إسقاط الاتفاق
>> هجوم متزايد من “إخوان ليبيا” على دولة الإمارات العربية
غموض وأسئلة كثيرة بدأت تلوح في أفق المشهد الليبي بعد إعلان المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي في الثامن والعشرين من أبريل المنصرم إسقاطه “اتفاق الصخيرات” والموقع بمدينة الصخيرات في المملكة المغربية بين أطراف الصراع الليبي في 17 ديسمبر لعام 2015، واستجابته لنداء الشعب الليبي لتولي حكم البلاد؛ ليعلن “حفتر” مؤكدا أن الاتفاق أصبح جزءا من الماضي، معتبرًا أن “الاتفاق السياسي دمر البلاد وقادها إلى منزلقات خطيرة”.
وما يزيد من غموض المشهد هو مصير البرلمان الليبي الذي يترأسه عقيلة صالح والذي يستمد شرعيته من اتفاق الصخيرات، فمن المعروف أن ارتباطا وثيقا تم بين القيادة العامة للجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر والبرلمان الليبي بقيادة عقيلة صالح منذ عام 2014.
ومن توابع قرار “حفتر” إرباك حسابات النظام التركي، وتدخله السافر في الشأن الليبي، ما دفع بعدد من كبار المسؤولين الأتراك، إلى محاولة التقليل من شأن الخطوة، أو اعتبارها استغلالاً من قبل القوات المسلحة الليبية لوضع بلادهم الداخلي المتأزم، خصوصاً بعد اتساع انتشار فيروس «كورونا».
حاول المبعوث الخاص للرئيس التركي إلى ليبيا، أمر الله ايشلر، التنصل من تهمة توجيه دعم بلاده لفائدة جماعة الإخوان الليبية على حساب الشعب: «إننا لا ندعم أي حزب سياسي بعينه، ونرفض استغلال حزب العدالة للتدخل التركي، للترويج لمشروعه السياسي، على حد زعمه.
كما دخل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، على الخط، ليعلن من خلال تصريحات المتحدث باسمه، عمر جليك، عن استمرار نظام أردوغان في تقديم الدعم للميليشيات الإرهابية، في تحدٍ معلن لإرادة الشعب الليبي. ويرى المراقبون أن حسابات النظام التركي في ليبيا، تواجه ارتباكاً واضحاً، خصوصاً أن خطوة الجيش الوطني، جاءت بالاعتماد على أسس عدة، من بينها الدعم الشعبي الكبير، واستمرار الفعاليات الاجتماعية في غلق الحقول والموانئ النفطية، ما أدى إلى شح واضح في الموارد المالية لحكومة الوفاق، وكذلك استناد القيادة العامة إلى التدخل التركي، كأحد أسباب موقفها من اتفاق الصخيرات، وإلى طبيعة الجرائم المرتكبة ضد المدنيين من قبل ميليشيات السراج ومرتزقة أردوغان.
ويعزي المراقبون حالة الارتباك في تركيا، إلى أن حلفاء أردوغان معزولون في العاصمة، وبعض المدن المجاورة، بينما يسيطر الجيش والقبائل الداعمة له، على أغلب مناطق البلاد، بما فيها الغنية بالثروات.
من جهة أخرى، صعّد إخوان ليبيا الهجوم الإعلامي على دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال اتهامها، دون أي أدلة، بالتدخل العسكري في ليبيا لدعم الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، في خطوة تهدف إلى تبرير العبث التركي الذي توثقه فيديوهات المتطرفين والمرتزقة السوريين الذين أرسلهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إضافة إلى الأسلحة والمدرعات والطائرات التركية المسيرة التي صار ظهورها أمرا مألوفا في ليبيا.
وزعم رئيس مجلس الدولة والقيادي في حزب العدالة والبناء الإخواني خالد المشري في تصريحات لقناة الجزيرة القطرية أن الإمارات تتدخل في ليبيا منذ 2013، في حين نقلت وكالة الأناضول التركية تصريحات للناطق باسم عملية بركان الغضب تتهم عددا من الدول بالسيطرة على قواعد جوية ليبية، لكنه لم يذكر من بين هذه الدول إلا الإمارات.
وقبل ذلك بثت قناة الجزيرة تقريرا مفتعلا بنته على تصريحات مجهولة تفيد بوصول طائرتين إماراتيتين إلى السودان على متنهما مسؤولون إماراتيون “لبحث إرسال مرتزقة سودانيين إلى ليبيا”.
وانطلقت الحملة الإخوانية على الإمارات منذ بدء مهمة “إيريني” الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة المفروض على ليبيا والتي أثارت غضب حكومة الوفاق باعتبارها ستحد من تدفق الأسلحة التركية إلى ميليشياتها، حيث لم تتوقف وسائل الإعلام التركية والقطرية عن افتعال أخبار عن رصد طائرات إماراتية محملة بالأسلحة ومتجهة نحو شرق ليبيا.
ويهدف اختلاق تلك الأخبار إلى تشكيل رأي عام يبرر تجاهل تركيا لعملية إيريني، حيث تواترت أنباء بشأن استمرار أنقرة في إرسال الأسلحة إلى ليبيا بالاستعانة بفرقاطتين عسكريتين، وهو ما يثبت مخاوف الكثير من المراقبين الذين اعتبروا أنّ من الضروري تسليح مهمة إيريني تحسبا لتحد تركي متوقع.
ويحاول المجتمع الدولي منذ دخول شهر رمضان فرض هدنة وسط دعوات إلى استئناف العملية السياسية، وهو ما يعيقه استقواء حكومة الوفاق بالدعم التركي والتي تناور للقبول بوقف إطلاق النار رغم إعلان الجيش موافقته، ما يؤكد أن ترحيبها السابق بالهدنة لم يكن سوى محاولة لاستغلالها في ترتيب أوضاعها العسكرية.
وقال خالد المشري: إن حكومة الوفاق الوطني نظمت صفوفها أكثر بعد توقيع الاتفاقية العسكرية مع تركيا، في نوفمبر الماضي، لكن مراقبين يرون أن أنقرة عززت وجودها في ليبيا فقط بعد الهدنة التي فرضتها بالاتفاق مع موسكو في 11 يناير الماضي، حيث نجحت في تثبيت أجهزة تشويش ونظام دفاع جوي ما تسبب في شل حركة سلاح الجو الليبي الذي كان يستهدف أي شحنة من الأسلحة القادمة إلى حكومة الوفاق.
كما أرسلت تركيا خلال تلك الفترة الآلاف من المرتزقة السوريين من بينهم متطرفون من جبهة النصرة وتنظيم داعش الإرهابي، وتداول نشطاء مقطع فيديو يظهر عناصر تتحدث وتقدم نفسها بأسماء دأب تنظيم داعش والقاعدة على إطلاقها على عناصرهما.
وظهر في الفيديو عدد من المقاتلين الذين يضعون شارات حمراء فيما يرتدي بعضهم بدلات تحمل على الكتف العلم التركي، من بينهم اثنان قدما أنفسهم باسم أبوداود وأبوالزهراء الحلبي.
وقال أبوداود في مطلع الفيديو “الله أكبر اليوم الأول من الاقتحامات باتجاه مطار طرابلس الله أكبر والعزة لله” قبل أن يقاطعه أبوالزهراء قائلا “نسأل الله السلامة والحفظ لنا ولكل الإخوة المجاهدين” ليظهر في ما بعد مقاتلان اثنان عرفهما أبوداود بـ”أبوهاجر التونسي” و”أبوعبيدة المقدسي”.