تسببت الأزمة التي تمر بها تونس، في نهاية المطاف، باستقالة الحكومة بعد أقل من 5 أشهر على تشكيلها، ما ادخل البلاد في مرحلة عصيبة، خصوصا في ظل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المترافقة مع انتشار فيروس كورونا المستجد.
الأزمة التي تمر بها الحكومة التونسية والأجواء السياسية في تونس ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة لتراكمات بدأت منذ أشهر، لتسبب الأحداث والمستجدات الأخيرة بتفاقمها، ونشرت وكالة “رويترز” مقالا مفصلا لتسلسل الأحداث الذي أدخل البلاد في الأزمة الحالية.
بداية الأزمة
بدأت الأزمة الحالية بالظهور، بحسب “رويترز” منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة، في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي نتج عنها “برلمان متشرذم”، حصد فيه أكبر أحزاب البلاد “حركة النهضة الإسلامي المعتدل”، ربع المقاعد فقط.
وأدت نتائج هذه الانتخابات إلى صعوبات جمّه في تشكيل حكومة متفق عليها “تتبع أغلبية برلمانية بسيطة”، حتى تشكلت حكومة، بعد مخاض عسير، تشوبها الانقسامات الأيديولوجية “العميقة”، خصوصا مع وجود مشكلات كبيرة في مواجهتها، مثل مشكلة الديون والمالية العامة.
وأتت التقارير التي تتحدث عن شركات يملك فهيا رئيس الوزراء السابق، إلياس الفخاخ، أسهما تقلت ميزات وفوائد حكومية، كالشعرة التي قصمت ظهر البعير، ليطالب حزب “النهضة” باستقالته، وتبعها طلب من رئيس البلاد، قيس سعيد، بالتنحي على خليفة اجتماع مغلق قبل أيام.
الخطة القادمة
الخطوة القادمة التي ستشهدها البلاد بعد الأزمة السياسية والحكومية اليت شهدتها، تبدأ من الرئيس، حيث سيرشح خلال أسبوع، شخصية جديدة ستعمل على تشكيل الحكومة.
المشكلة الأكبر التي ستواجه المرشح الجديد، خلال شهر، هي الحصول على موافقة البرلمان على اتلاف حكومي جديد، يراعي خصوصية الأحزاب المختلفة والوضع الراهن. لكن الموقف سيزداد تعقيدا، في حال لم يستطع المرشح الجديد، الحصول على الموافقة البرلمانية، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف، لانتخابات برلمانية جديدة هذا العام.
المشكلة في تونس لا تقتصر على الحكومة، حيث يشهد البرلمان، من جهة أخرى، أزمة برلمانية تواجه رئيسه، راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، اقتراعا على الثقة، هو الآخر. ونوهت “رويترز” إلى أن الحل الأفضل لهذه الأزمة، هو إجراء انتخابات برلمانية جديدة للخروج ببرلمان أكثر تجانسا، يستطيع الإقرار بالتشريعات والقبول بحكومة مستقرة.
الحكومات ابتعدت عن المشاكل الجوهرية
أشارت “رويترز” في تقريرها إلى أن أغلب الائتلافات الحكومية المشكلة في تونس، ابتعدت عن مواجهة القضايا الكبرى و “لجأت إلى حلول وسط أرضت القليل من التونسيين”، وأجلت حل هذه المشكلات الكبرى، أو القرارات المهمة، خصوصا القرارات المتعلقة بالاقتصاد.
نظام رئاسي أم برلماني
اتبرت الوكالة أن البلاد، منذ عام 2014، تشهد صراعا بين الأحزاب حول الدستور الذي جمع بين النظامين الرئاسي والبرلماني، حيث كان من المقرر أن تبت محكمة خاصة في هذا النزاع، لكن البرلمان “لم يشكلها بعد”.
ومن جهة أخرى، يحاول الرئيس التونسي، قيس سعيد، تبني تصويتا منفصلا عن الانتخابات البرلمانية، بهدف منح الرئاسة “المزيد من السلطات”، لكنه لم يحظ بالدعم الكافي لهذه الخطوة.
موقف الأحزاب من الأزمة
حاول حزب “النهضة” وهو أهم قوة في البلاد، منح المزيد من النفوذ لحكومة الفخاخ، ما أدخله في صراع مع رئيس البلاد، الذي من المرجح أن يحصل على أكبر دعم من حزبين آخرين “التيار الوطني” و “حركة الشعب”.
أما الاتحاد العام للشغل، وهو قوة سياسة في البلاد، يشكل أكبر عقبة أمام الحكومات التي تحاول تقليل العجز عن طريق تقليل حجم القطاع العام، خصوصا أنه “قادر على حشد احتجاجات واضرابات”.
وفي ظل هذه الأزمات، ظهر من جديد، الحزب “الدستوري الحر”، برئاسة عبير موسى، كأكثر شعبية للمرة الأولى بحسب استطلاعات الرأي، أما حزب “قلب تونس”، بزعامة نبيل القروي، يحاول البحث عن فرصة للوصول إلى السلطة.