انطلقت، اليوم الجمعة، الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وسط أفضلية صريحة للمحافظ المتشدّد ابراهيم رئيسي وتوقعات بتدني نسبة المشاركة وسط استياء من الوضع الاقتصادي الصعب وحكم غلاة المحافظين.
ومع الضبابية المحيطة بمساعي إيران لإحياء اتفاقها النووي المبرم عام 2015 وتزايد الفقر في الداخل بعد سنوات من العقوبات الأميركية، يرى محللون إيرانيون أن المشاركة في الانتخاب بمثابة استفتاء على أسلوب تعامل النظام في إيران مع سلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
ويحق لنحو 59 مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات ومن المتوقع ظهور النتائج الأولية الأحد.
وأعرب حوالي 40 بالمئة من الناخبين المؤهلين عن رغبتهم في المشاركة في الانتخابات وهي نسبة أقل بنحو 30 بالمئة من الانتخابات الأخيرة التي جرت في عام 2017، وفقا لما أظهرته استطلاعات الرأي.
وتنتشر بين المواطنين حالة من اللامبالاة، حيث يتردد العديد من الإيرانيين في الإدلاء بأصواتهم في اقتراع يرون أنه معد سلفا ويفتقد إلى الديمقراطية.
وبحسب تقرير نشره اليوم موقع صحيفة “العرب” اللندنية، يمكن أن تؤدي نسبة الإقبال المنخفضة بشكل لافت على التصويت إلى اضطراب سياسي أكثر من نتيجة الانتخابات التي يمكن التنبؤ بها في الوقت الذي ينظر إليها على إنها إشارة إلى انعدام الثقة في النظام ككل.
ودعا المرشد الأعلى علي خامنئي إلى المشاركة القوية في الانتخابات وقال بعدما أدلى بصوته في طهران “كل صوت له وزنه… تعالوا وشاركوا واختاروا رئيسكم… هذا أمر مهم لمستقبل بلدكم”.
ويشارك أربعة مرشحين فقط في السباق، بعد أن كان عددهم سبعة في بداية الأمر، وذلك بعد أن أقصت اللجنة الانتخابية العديد من المرشحين دون إبداء المزيد من التوضيح، مما أثار احتجاجات عنيفة.
وتشير التوقعات إلى أن رئيس الهيئة القضائية المتشدد إبراهيم رئيسي (60 عاما) الحليف المقرب من خامنئي سيخلف الرئيس حسن روحاني الذي يمنعه الدستور من الترشح لفترة رئاسة ثالثة مدتها أربع سنوات.
خامنئي: كل صوت له وزنه. تعالوا وشاركوا واختاروا رئيسكم خامنئي: كل صوت له وزنه. تعالوا وشاركوا واختاروا رئيسكم ومن شأن فوز رجل الدين والقاضي المتشدد أن يؤكد أفول نجم ساسة براغماتيين من أمثال روحاني الذي أضعفه قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة فرض عقوبات في خطوة قوضت التقارب مع الغرب.
إلا أن مسؤولين إيرانيين يقولون إن هذا لن يفسد مسعى إيران لإحياء الاتفاق والتخلص من عبء العقوبات النفطية والمالية القاسية إذ أن المؤسسة الدينية الحاكمة تدرك أن مستقبلها السياسي يعتمد على معالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
وقال مسؤول حكومي “التحدي الأساسي أمام رئيسي هو الاقتصاد. ستندلع احتجاجات حتما إن هو أخفق في علاج الأزمة الاقتصادية”.
وتشير استطلاعات الرأي الرسمية إلى أن نسبة المشاركة قد لا تتجاوز 41 بالمئة، وهي نسبة تقل كثيرا عن الانتخابات السابقة.
وتحتاج الزعامة الدينية لنسبة مشاركة عالية لدعم شرعيتها التي تضررت بعد سلسلة احتجاجات على استشراء الفقر والقيود السياسية منذ 2017 تحت وطأة التضخم المتصاعد والبطالة المتزايدة.
ويعتبر محافظ البنك المركزي السابق البراغماتي عبد الناصر همتي المنافس الأبرز لرئيسي ويعتبر أن فوز أي متشدد سيؤدي إلى مزيد من عقوبات القوى الخارجية.
وقال همتي في الحملة الانتخابية إن إيران يمكنها إجراء محادثات مع الولايات المتحدة إن التزمت واشنطن “بتعايش إيجابي” مع طهران.
ويحظى رئيسي بدعم الحرس الثوري، وهو مؤسسة قوية عارضت على مر السنوات المبادرات الإصلاحية وأشرفت على قمع الاحتجاجات واستخدمت قوى بالوكالة لإبراز نفوذ إيران الإقليمي.
ويقول رئيسي إنه يدعم المحادثات مع القوى الست الكبرى لإحياء الاتفاق النووي الذي وافقت إيران بمقتضاه على تقييد برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات.
ألا أن رئيسي، الذي يشارك خامنئي شكوكه في الوفاق مع الغرب، يقول إن أي إحياء للاتفاق لن يتسنى إلا من خلال حكومة قوية.
ورئيسي الذي عينه خامنئي رئيسا للسلطة القضائية عام 2019 يتهمه معارضوه بانتهاك حقوق الإنسان على مدى عقود، وهو ما ينفيه مناصروه. وبعد بضعة أشهر من تعيينه، فرضت الولايات المتحدة عليه عقوبات بتهمة انتهاك حقوق الإنسان بما يشمل إعدام معتقلين سياسيين في الثمانينات وقمع اضطرابات في 2009، وهي أحداث لعب فيها دورا حسبما تقول جماعات حقوقية.
ولم تقر إيران قط بتنفيذ أحكام إعدام جماعية، ولم يتحدث رئيسي علنا عما يتردد عن لعبه دورا في مثل هذه الأحداث.