بعد أن دخلت حركة طالبان من الباب الذي خرجت منه القوات الأميركية ستكون أفغانستان ساحة صراع طويل الأمد بين مختلف القوى الإقليمية حيث تتداخل مصالح الحلفاء، لكن الحرب الأخطر التي يتوقع الخبراء اندلاعها فهي تلك بين حركة طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية.
بعد حوالي أسبوعين من سيطرة حركة طالبان على كابول وهدوء عاصفة “المباركات” الجهادية، عبّر تنظيم داعش عن موقفه مما حصل في افتتاحية صحيفته النبأ، واصفا إياه بأنه ” عملية انتقال سلمي للحكم من طاغوت إلى آخر”.
واعتبر داعش أن ما حدث خطة أميركية قطرية، مضيفا “ورفعت لنا “الملا برادلي” أخيرا”. والملا برادلي جاء ذكره في حديث للقيادي في تنظيم القاعدة أنور العولقي، حيث قال العولقي إن مسؤول في المخابرات الأميركية أخبره بصناعة أميركا لـ”ملا، لكن ليس مثل الملا عمر زعيم طالبان، بل ملا ينفذ مصالح أميركا وأطلق عليه اسم الملا برادلي”.
اعتبر داعش أن ما حدث في أفغانستان صفقة بين “طالبان الجديدة” والحكومة الأميركية معلنا الحرب لـ”نصرة الإسلام” التي “لا تمر عبر فنادق قطر ولا سفارات روسيا والصني وإيران!! وإن النصر الذي توقع عليه أميركا وترعاه قطر وإعلامها، وتباركه السرورية والإخوان لهو نصر موهوم”.
بناء على هذه الافتتاحية، يبدو أن ما ينتظر الأفغان سيكون أكثر من حكم طالبان وأكثر من حرب أهلية طالبان والمقاومة، البلد سيون ساحة مفتوحة للصراع من نوع آخر، حرب نفوذ بين تنظيم الدولة الإسلامية وحركة طالبان، ومن ورائها التنظيمات الموالية للقاعدة والتي باركت فوز طالبان.
ويؤكد ذلك مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان الذي قال لشبكة (إن بي سي نيوز) إن الحكومة الأميركية “تركز بشدة” على احتمال شن جماعة مثل ولاية خراسان، التابعة لتنظيم داعش هجوما إرهابيا في أفغانستان.
ويضيف سوليفان “إحدى الحالات الطارئة التي نركز عليها تركيزا شديداًً هي احتمال هجوم إرهابي من جانب مجموعة مثل تنظيم داعش-ولاية خراسان، وهي بالطبع عدو لدود لطالبان، لذلك سنواصل العمل لتقليل المخاطر وزيادة عدد المغادرين لأقصى حد”.
ويعتبر تنظيم ولاية خراسان من أكثر أفرع تنظيم داعش صمودا بعد انهيار التنظيم الرئيسي في العراق. وقد تأسس من قبل مجموعة من المسلحين والمنشقين عن حركة طالبان باكستان (يُعرفون أيضاً باسم طالبان البنجاب) وطالبان أفغانستان في عام 2015.
ونجح هذا التنظيم، الذي يُعرف باسم داعش في أفغانستان، في استقطاب الكثير من الموالين والسلفيين المختلفين مع عقيدة طالبان التي يعتبرون أنها صنيعة المخابرات الباكستانية. ومنذ ظهوره، في فترة استقواء تنظيم الدولة الإسلامية، أعلن تنظيم ولاية خراسان محاربة جميع الحركات المسلحة مثل طالبان والقاعدة إلى جانب حكومات المنطقة. وقد تبنى عدة عمليات عسكرية استهدفت مدنيين في أفغانستان وباكستان.
وقال المحلل الأردني أبو رمان وهو خبير في الجماعات الإسلامية إن استيلاء طالبان على كابول قد يسرع من وتيرة توجه متشددين وجهاديين لأفغانستان.
لكن في المقابل، هذا قد يزيد من خطوة الوضع حيث سيعمل كل طرف، داعش من جهة، وحركة طالبان، من جهة أخرى على تحشيد الموالين لها ما يعني تحول أفغانستان لا فقط إلى ساحة استقطاب للجهاديين بل إلى ساحة حرب وفرض وصاية على الحركات الجهادية، ومثلما يتطلع داعش إلى السيطرة على مناطق نفوذ القاعدة في أفريقيا سيكون لحضوره القومي في أفغانستان دور هام في ظهور من جديد “كقوة جهادية”.