تستمر معركة السيطرة على كييف الأحد بينما يعزز الغرب ضغوطه على موسكو عبر استبعاد مصارف روسية من نظام سويفت المالي ويستعد لتسليم المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا، فيما يعقد مجلس الأمن جلسة نادرة بعد الفيتو الروسي.
وفي اليوم الرابع من هجوم القوات الروسية، أطلقت صفارات الإنذار المضادة للطائرات في كييف ليل السبت – الأحد، حسبما ذكرت خدمة الاتصال الرسمية الخاصة، داعية السكان إلى اللجوء إلى الملاجئ في العاصمة.
وذكرت وكالة الأنباء الأوكرانية إنترفاكس نقلا عن فرق الإنقاذ أن قصفا أصاب سياجا لمركز لتخزين نفايات مشعة هناك.
وأكد الجيش الأوكراني مساء السبت أن القوات الروسية “تواصل هجومها لتحصين كييف”، بعد أن “أكملت إعادة تجميع وحداتها” على الجبهة الشمالية.
وعلى بعد نحو ثلاثين كيلومترا جنوب غرب كييف، تتواصل المعارك للسيطرة على قاعدة فاسيلكيف الجوية، مما يمنع رجال الإطفاء من التدخل لإخماد حريق كبير في مستودع للنفط أصابه صاروخ روسي ليل السبت – الأحد بالقرب من هذه المدينة، حسب رئيس إدارة منطقة كييف أليكسي كوليبا.
وقال مسؤولون الأحد إن القوات الروسية هاجمت منشآت نفط وغاز في أوكرانيا، مما أدى إلى وقوع انفجارات ضخمة.
وقالت رئيس بلدية فاسيلكيف بجنوب غربي كييف إن الصواريخ الروسية أدت إلى إشعال النار في محطة نفطية في البلدة. وأظهرت منشورات على الإنترنت تسبب الانفجارات في تصاعد ألسنة اللهب والدخان الأسود في سماء الليل.
وأعلنت سلطات خاركيف (شمال شرق)، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، الأحد أن الجيش الروسي وصل إلى وسط المدينة في اليوم الرابع من غزو موسكو للبلاد.
وقال المسؤول المحلي أوليغ سينيغوبوف عبر فيسبوك “اقتحمت مركبات خفيفة للعدو الروسي مدينة خاركيف”، مؤكدا أن “القوات المسلحة الأوكرانية تقوم بالقضاء على العدو”، ودعا السكان (1.4 مليون نسمة تقريبا) إلى عدم مغادرة منازلهم.
وكان الجيش الروسي تلقى بعد ظهر السبت أوامر بتوسيع الهجوم على أوكرانيا، مشيرا إلى أن كييف رفضت إجراء مفاوضات. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إن “أوامر صدرت إلى جميع الوحدات بتوسيع الهجوم في جميع الاتجاهات وفقا للخطة الهجومية”.
ودفع عنف التدخل الروسي القوى الغربية السبت إلى تبني مجموعة جديدة من العقوبات القاسية. وقالت الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون إنهم سيفرضون أيضا قيودا على البنك المركزي الروسي، للحد من قدرته على دعم الروبل وتمويل جهود الرئيس فلاديمير بوتين الحربية.
وقال بيان صادر عن الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وكندا وإيطاليا وبريطانيا والمفوضية الأوروبية، “نحن مصممون على مواصلة فرض تكاليف على روسيا من شأنها أن تزيد من عزلتها عن النظام المالي الدولي واقتصاداتنا”.
وأكد الحلفاء أنهم ملتزمون “بضمان استبعاد بعض البنوك الروسية من نظام سويفت للمراسلات”. ولم يذكروا أسماء البنوك التي سيتم استبعادها، لكن دبلوماسيا من الاتحاد الأوروبي قال إن حوالي 70 في المئة من السوق المصرفية الروسية ستتأثر. وكان الحلفاء تجنبوا في بادئ الأمر مثل هذه الخطوة إلى حد كبير بسبب مخاوف من التأثير على اقتصاداتهم.
وفي وقت سابق وصف وزير المالية الفرنسي القرار بأنه “سلاح نووي مالي” بسبب الضرر الذي سيلحقه بالاقتصاد الروسي، حيث سيوجه ضربة للتجارة الروسية ويجعل من الصعب على شركاتها القيام بتعاملات تجارية.
ويمكن للعقوبات المفروضة على البنك المركزي الروسي أن تحد من استخدام بوتين احتياطاته الدولية، التي تزيد عن 630 مليار دولار ويُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تحمي روسيا من بعض الأضرار الاقتصادية.
وقالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، إن الإجراءات الجديدة ستمنع روسيا من “استخدام صندوق تمويل الحرب”.
ولكن نظرا لأن البنوك الروسية الكبيرة مندمجة بعمق في النظام المالي العالمي فقد يكون لمثل هذه العقوبات تأثير غير مباشر، مما يلحق الضرر بالشركاء التجاريين في أوروبا وأماكن أخرى.
وقال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميجال على تويتر اليوم الأحد “شكرا لأصدقائنا… لالتزامهم باستبعاد عدة بنوك روسية من نظام سويفت”.
وبعد فشله في إصدار قرار بسبب استخدام روسيا حق النقض بصفتها عضوا دائما، يعقد مجلس الأمن الدولي الأحد اجتماعا الساعة 20:00 بتوقيت غرينيتش، لتبني مشروع قرار يطالب بـ”دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عقد دورة خاصّة” الاثنين تُخصّص للنزاع بين روسيا وأوكرانيا، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية.
ونادرا ما يتمّ اللجوء إلى هذه الآليّة التي نصّت عليها نُظم الأمم المتحدة، علما بأنها لا تشمل إمكان لجوء أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن إلى حق النقض “فيتو”.
والهدف من هذه “الدورة الاستثنائية للجمعية العامة” هو “جعل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 تتخذ موقفا” حيال النزاع وحيال “انتهاك ميثاق الأمم المتحدة”، وبالطبع إدانة الحرب كما قال دبلوماسي طالبا عدم كشف هويته.
وسيكون هذا الاجتماع هو الرابع لمجلس الأمن منذ الاثنين بشأن النزاع بين روسيا وأوكرانيا.
وإذا تمت الموافقة على مشروع القرار المقترح، فإن القاعدة الأممية نفسها تنص على أن “الدورة الاستثنائية” للجمعية العامة يجب أن تعقد في غضون 24 ساعة من تبنيه.
أوكرانيا
ويتوقّع دبلوماسيون متابعون لتلك الأزمة، أن يحصل النص على أغلبية تزيد عن مئة من أعضاء الأمم المتحدة.
ويأتي هذا الحراك الدولي، فيما تواصل العديد من الدول الغربية إمداد كييف بالأسلحة لصد الهجوم الروسي، حيث أعلنت ألمانيا السبت إرسال ألف قاذفة صواريخ مضادة للدبابات و500 صاروخ أرض جو، في خرق لسياستها التقليدية المتمثلة في رفض تصدير الأسلحة الفتاكة إلى مناطق تشهد نزاعات.
وأعلنت واشنطن السبت إرسال مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا تصل قيمتها إلى 350 مليون دولار. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” إنه يرى “بوادر مقاومة أوكرانية قابلة للحياة”.
وأضاف “نعتقد أن الروس يشعرون بإحباط متزايد بسبب فقدانهم للزخم خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، خصوصا في شمال أوكرانيا”.
وأعلنت هولندا تسليم أوكرانيا مئتي صاروخ ستينغر مضاد للطائرات، بينما قالت جمهورية التشيك إنها أرسلت أسلحة بقيمة 7.6 مليون يورو. كما أكدت بلجيكا أنها زودت كييف بألفي مدفع رشاش و3800 طن من الوقود.
وأعلنت فرنسا بدورها مساء السبت أنها “قررت تسليم السلطات الأوكرانية معدات دفاعية إضافية”.
وأعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون الأحد أن حكومته ستقدم لأوكرانيا “كل الدعم الممكن”.
وقتل 198 مدنيا على الأقل بينهم ثلاثة أطفال، وأصيب 1115 آخرين منذ الخميس، حسب وزير الصحة الأوكراني فيكتور لياشكو.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية صباح الأحد أن الجيش الروسي تمكن منذ بداية عملياته في أوكرانيا من تدمير 975 منشأة للبنية التحتية العسكرية الأوكرانية، فيما يواصل تقدمه على عدة محاور.
ونقلت قناة “آر.تي عربية” الروسية عن الوزارة القول في بيان إن بين المنشآت المستهدفة 23 نقطة تحكم ومركز اتصالات للقوات الأوكرانية و48 محطة رادار.
كما تم تدمير 223 دبابة ومركبات قتالية مصفحة أخرى، و28 طائرة عسكرية على أرض مطاراتها، و39 قاذفة صواريخ متعددة، و86 قطعة من المدفعية والهاون، و143 وحدة من المركبات العسكرية الخاصة.