>> “المرأة، الحياة، الحرية”.. “الموت للديكتاتور.. شعارات المتظاهرين
>> 122 قتيلا نتيجة المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين
>>المحتجون يعتمدون تكتيكات جديدة لمواجهة النظام بعد تجريمه بيع شبكات (في بي إن) بديلة شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت
>> المتظاهرون صبغوا نوافير المياه باللون الأحمر تعبيرا عن القمع المميت
>> الغرب يتعهد بمزيد من العقوبات ضد مسؤولين إيرانيين ردا على قمعهم للاحتجاجات
>> أوروبا تحظر دخول 11 مسؤولا إيرانيا بينهم وزير الإعلام عيسى زاربور
يبذل الشباب الإيرانيون المحتجون جهودا كبيرة للاستمرار في التظاهر معتمدين على تكتيكات جديدة يبدو أنها أثبتت فاعليتها على الميدان في مواجهة قمع النظام.
واحتجاجًا على موت مهسا أميني تبنى شباب إيرانيون ما بيدهم من وسيلة غير هواتفهم، واعتمدوا تكتيكات مختلفة للإبقاء على جذوة التظاهرات متقدة.
وتطورت هذه الخطوات بعد سعي السلطات الإيرانية للتعتيم، خاصة قرارها الأخير الذي يقضي بتجريم بيع الشبكات الافتراضية الخاصة “في بي أن” التي تتيح للمستخدمين تخطي القيود المفروضة على الاتصالات بالإنترنت بعد فرض قيود على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وتتمثل الوسائل التي اعتمدها الشباب الإيرانيون في تنظيم احتجاجات خاطفة ضمن مجموعات صغيرة، واعتماد صور تعرض على جدران الأبراج السكنية ونوافير صُبغت مياهها باللون الأحمر. وبرهنت الحركة الاحتجاجية أنها قادرة على الاستمرار أكثر من شهر منذ اندلاعها، على الرغم من حملة القمع التي شنتها قوات الأمن وأودت بحياة ما لا يقل عن 122 شخصًا.
واندلعت الاحتجاجات ردا على وفاة مهسا أميني عن 22 عاما بعد أن اعتقلتها شرطة الآداب في طهران بدعوى عدم تقيدها بقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
وقادت النساء التحرك حتى أنهن خلعن الحجاب وأشعلن النار فيه وسرن هاتفات “المرأة، الحياة، الحرية” و”الموت للدكتاتور”، وهي تحركات وشعارات رُددت وتكررت في مختلف أنحاء العالم.
وعلى الرغم من القيود المفروضة على شبكة الإنترنت وحجب الوصول إلى تطبيقات رائجة مثل “إنستجرام” و”واتساب”، إلا أن الشباب ظلوا بفطنتهم قادرين على إخراج مقاطع فيديو تصور احتجاجاتهم.
وأظهرت لقطات مصورة، في ما يشبه لعبة مطاردة، سائقين يطلقون أبواق سياراتهم دعمًا للمتظاهرين ويغلقون الطرق بالسيارات لإبطاء حركة قوات الأمن.
كذلك عرقل حركةَ السير في الشوارع قلبُ صناديق القمامة وإشعال النار فيها، وفي بعض الحالات تجد سيارات شرطة منقلبة.
وردت قوات الأمن من خلال ركوب الدراجات النارية للمرور وشوهدت وهي تنزع لوحات السيارات للتعرف على السائقين لاحقًا وتوقيفهم.
كما شوهد شرطيون على دراجات نارية وهم يطلقون النار على المتظاهرين من بنادق خرطوش أو يلقون الغاز المسيل للدموع أو حتى كرات الطلاء لتعقبهم.
ولجأ الشباب إلى التلثم وضبط هواتفهم على “وضع الطيران” لتجنب تحديد مكانهم وحمل ملابس إضافية لاستبدال تلك الملطخة بالطلاء. وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لمتظاهرين ينزعون كاميرا مراقبة فوق طريق في مدينة سنندج بمحافظة كردستان، مسقط رأس مهسا أميني.
وشوهد آخرون في لقطات أخرى ينظمون عددًا أكبر من التجمعات الصغيرة الخاطفة بعيدًا عن ساحات المدينة التي تُستخدم عادةً للتجمعات السياسية.
وكتبت شادي صدر، مديرة جمعية العدالة لإيران ومقرها في لندن، على تويتر “الأمر يتطلب شجاعة منقطعة النظير للنزول إلى الشوارع عندما تعرف قوات الأمن الجميع. الانتفاضة مستمرة لكننا نشاهد عددًا أقل من مقاطع الفيديو بسبب القيود الصارمة المفروضة على الإنترنت”.
وانتشرت صور نساء وهن يقمن بقص شعورهن أثناء الاحتجاجات تعبيرًا عن الحزن الذي تحول إلى رمز للمقاومة مستمد من الفولكلور الفارسي. أما أولئك الذين خافوا من النزول إلى الشوارع وأرادوا المشاركة فقد لجأوا إلى طرق أخرى أكثر تكتمًا.
وظهر قبل أسبوعين شكل للاحتجاج تحولت خلاله مياه النوافير في طهران إلى لون الدم بعدما صبغها فنانون باللون الأحمر لتعكس القمع المميت.
وعلى المنوال نفسه صور طلاب الفنون في إحدى جامعات طهران مقطع فيديو يظهر أيديهم مرفوعة في الهواء ومغطاة بطلاء أحمر. وفي اليوم نفسه اخترق نشطاء من مجموعة عدالة علي بثًا إخباريًا مباشرًا للتلفزيون الحكومي وركّبوا صورة هدف وألسنة لهب فوق صورة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وفي مقطع فيديو تم التقاطه في الليل عُرض وجه أميني على جدار برج سكني في حي إكباتان بطهران، حيث ردد محتجون هتافات من النوافذ أو أسطح المباني.
وقامت طالبات المدارس بمبادرات لافتة وأدرن ظهورهن للكاميرا وخلعن أحجبتهن قبل أن يرفعن أصابعهن الوسطى باتجاه صور لخامنئي في الفصل الدراسي فيما يشبه ثورة على الثقافة التي أرساها نظام الجمهورية الأسلامية.
وقال الباحث المستقل مارك بيروز إن تحليله للأدلة المرئية على وسائل التواصل الاجتماعي أظهر أن ذروة الاحتجاجات كانت يوم 21 سبتمبر وأن المشاركة انخفضت خلال الشهر الجاري.
وفي المقابل أوضح أنه في حين تشهد الاحتجاجات “فترات ذروة وانخفاض، مازال هناك مستوى من الاستدامة لم نشهده في فترات الاحتجاج السابقة” مثل تظاهرات 2019 التي اندلعت بسبب الارتفاع المفاجئ في أسعار الوقود.
وقال هنري رومي، المتخصص في الشؤون الإيرانية بمعهد واشنطن، إنه يتوقع استمرار الاحتجاجات لبعض الوقت. وصرح بأنه “كلما تحسنت قدرة المحتجين على التنظيم والتنسيق، زادت فرصة توسيع قاعدة دعمهم وشكلوا تحديا واضحا للنظام على المدى القريب”.
وأضاف “لكن جهاز أمن الدولة يتفوق على وجه التحديد في تعطيل هذا النوع من المعارضة المنظمة، بفضل مجموعة من الأدوات المتقنة مثل العنف والاعتقالات وتعطيل الإنترنت والترهيب”، هذا ما يجعل “الدولة والمتظاهرين في حالة توازن غير مستقر حاليّا، حيث لا يتمكن أي منهما من التغلب على التحدي الذي يمثله الآخر، الأمر الذي يشير إلى أن حركة الاحتجاج والعنف الحالي قد يستمران لفترة طويلة”.
وعبرت عواصم غربية عن تنديدها بقمع السلطات الإيرانية للاحتجاجات السلمية وسط تعهد بفرض المزيد من العقوبات على المتورطين في ارتكاب جرائم قتل بحق المتظاهرين.
وكان الاتحاد الأوروبي قد صادق، مؤخرا، على قرار يقضي بفرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين من بينهم قيادات في شرطة الأخلاق.
وشملت القائمة الأوروبية 11 مسؤولا إيرانيا -من ضمنهم وزير الإعلام عيسى زاربور- سيخضعون لحظر تأشيرات الاتحاد الأوروبي وتجميد الأصول.
وقُتل العشرات من المواطنين الإيرانيين خلال الاحتجاجات، من بينهم عناصر من قوات الأمن، في حين أعلنت السلطات توقيف المئات من المحتجين على خلفية ضلوعهم في ما وصفته بـ”أعمال شغب وتخريب”.