وسط تأكيد رئيس «بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد في مالي (مينوسما)»، القاسم واين، أن هذا البلد من غرب أفريقيا يواجه «وضعاً أمنياً وإنسانياً وحقوقياً بالغ الصعوبة»، عدّ وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب أن فرنسا تقوم بـ«أعمال مراوغة» من «التجسس وزعزعة الاستقرار» في بلاده، في اتهامات سارع المندوب الفرنسي، نيكولا دو ريفيير، إلى نفيها بوصفها «كاذبة» و«لا أساس لها».
جاء ذلك خلال جلسة عقدها مجلس الأمن، الثلاثاء، واستمع فيها إلى إحاطة من واين غداة مقتل 4 جنود جدد من «مينوسما»، الاثنين، بعبوة ناسفة. ودعا المبعوث الأممي مجلس الأمن إلى تزويد البعثة بالوسائل اللازمة للقيام بمهمتها في بلد لا يزال الوضع الأمني فيه «غير مستقر» في مناطق عدة وحيث تخضع عملياته لـ«قيود»، مضيفاً أن «الوضع الأمني والإنساني ولحقوق الإنسان صعب للغاية». وأوضح أن «الوضع الأمني لا يزال مضطرباً في وسط مالي وفي المثلث الحدودي بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر»، مشيراً إلى «أننا نستخدم مواردنا بأكثر الطرق ابتكاراً ومرونة»، لكن «تصميم» قوات حفظ السلام على الأرض «لا يمكن أن يحل مكان الوسائل التي نحن في أمسّ الحاجة إليها». وكرر الإشارة إلى البيئة «الصعبة» التي تعمل فيها الأمم المتحدة.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، سلط الضوء في تقريره الأخير على «القيود المفروضة على التنقل والدخول إلى مناطق»، التي تواجهها البعثة والتي فرضت السلطات المالية معظمها، فضلاً عن «حملات التضليل» ضد البعثة. ويتعين على غوتيريش تقديم مقترحات بحلول يناير (كانون الثاني) المقبل حول مستقبل البعثة، علماً بأنه أشار في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى الحاجة لإيجاد «حلول جديدة».
وقال المندوب الفرنسي، نيكولا دو ريفيير، إن «(مينوسما) في خطر»، مشيراً إلى نشاطات الجماعات الإرهابية و«عرقلة نشاطات البعثة». وأضاف: «نعتمد على حس المسؤولية لدى السلطات الانتقالية بعدم تسريع رحيل للبعثة يكون الماليون أول ضحاياه»، داعياً المجلس العسكري إلى «التعاون الكامل والتام».
وكان مجلس الأمن مدد تفويضه للبعثة حتى 30 يونيو (حزيران) 2023، ولكن للمرة الأولى من دون دعم جوي من فرنسا التي انسحبت من مالي كلياً. في هذه المرحلة يخطط للإبقاء على القوة، التي يبلغ عددها الحالي 13289 جندياً و1920 شرطياً.
وكرر وزير الخارجية المالي الاتهامات التي وجهتها الحكومة الانتقالية في أغسطس (آب) الماضي بأن الطائرات الفرنسية «غزت» مجالها الجوي، مدعياً أن باريس كانت تقدم مواد «لجماعات إجرامية» تعمل على زعزعة استقرار السكان المدنيين. ودعا إلى عقد اجتماع خاص لمجلس الأمن «من أجل الكشف عن الأدلة المتعلقة بالأعمال المراوغة وأعمال التجسس وأعمال زعزعة الاستقرار التي تشنها فرنسا ضد مالي». وقال: «تحتفظ مالي بحقها في ممارسة حقها في الدفاع عن النفس، إذا استمرت فرنسا في تقويض سيادة بلدنا وتقويض سلامتها الإقليمية وأمنها القومي». كما دعا إلى عقد جلسة خاصة لمجلس الأمن بشأن تدخل فرنسا في مالي.
ورد المندوب الفرنسي بأنه يريد «إعادة تأكيد الحقيقة بعد الاتهامات الكاذبة والاتهامات التشهيرية من الحكومة الانتقالية المالية»، مؤكداً أن «فرنسا لم تنتهك قط المجال الجوي المالي». وذكر بأن القوات الفرنسية أعادت انتشارها في منطقة الساحل «بناءً على ملاحظة أن الظروف السياسية والظروف العملياتية لم تعد موجودة لتظل منخرطة في مالي». كما ذكر بأن 59 جندياً فرنسياً دفعوا أرواحهم خلال 9 سنين من القتال إلى جانب الجنود الماليين ضد «الجماعات الإرهابية المسلحة». ووصف ادعاءات مالي بأنها «خطيرة ولا أساس لها من الصحة»، بل هي «كاذبة».
وتكافح مالي لاحتواء تمرد متطرف منذ عام 2012. وأجبر المتمردون المتطرفون على ترك السلطة في المدن الشمالية بمساعدة العملية العسكرية بقيادة فرنسا، لكنهم أعادوا تنظيم صفوفهم وشنوا هجمات في وسط مالي واستهدفوا الجيش المالي وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والمدنيين. وشارك العقيد عاصمي غويتا في انقلاب أغسطس (آب) 2020، وفي يونيو (حزيران) 2021، أدى اليمين الدستورية رئيساً للحكومة الانتقالية بعدما نفذ انقلابه الثاني في 9 أشهر. وقرر غويتا أواخر العام الماضي السماح بنشر مجموعة «فاغنر» الروسية، التي يُعتقد منذ فترة طويلة أن لها علاقات قوية مع الحكومة الروسية.
وقالت المندوبة الأميركية، ليندا توماس غرينفيلد: «لقد روعتنا التقارير المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي يُزعم ارتكابها من قبل الجماعات المتطرفة العنيفة ومن قبل القوات المسلحة المالية بالشراكة مع مجموعة (فاغنر) المدعومة من الكرملين». أما نائبة المندوب الروسي، آنا إيفستينييفا، فوضعت اللوم على «الانسحاب غير المبرر» لوحدات الاتحاد الأوروبي والفرنسية من مالي، مما أدى إلى «تصاعد النشاطات المتطرفة».