حرب فلسطين الثانيه او السابع من اكتوبر هي تحول نوعي في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي واعتقد ان المحللين والباحثين سيتوقفون طويلا امام يوم ٧ اكتوبر ٢٠٢٣ وما بعدها لفهم أبعادها والدروس المستفاده منها على كافة الأصعدة سياسيا وعسكريا واقتصاديا وإعلاميا بل يمكن القول ان الحرب صاغت ملامح جديده للعلاقات الدوليه عندما ضربت اسرائيل بعرض الحائط كل المعاهدات والمواثيق الدولية والإنسانية عندما دمرت قطاع غزة ردا على حالة الإذلال السياسي التي أنجزها المقاومون في ساعات قليلة !
نقول مازالت الحرب مستمره ويبدو انها ستاخذ وقتا ابعد مما قد يتوقع البعض لماذا ؟ لأن هذه الحرب بين جيش ومقاومين وهذا يذكرنا بحرب فيتنام التي دفع فيها الجيش الامريكي ثمنا باهظا لانه لم يكن يحارب جيشا نظاميا مقابل له إنما كان يحارب مسلحين وميليشيات او فدائيين حسب الادبيات التي يتفق عليها الباحثون والمهتمون بالشان السياسي العربي !
إن استشهاد اكثر من 3000 شهيد فلسطيني في غزه وجرح اكثر من 10000 والمحصله تزداد بين ساعه واخرى يؤكد ان هناك ردود فعل اسرائيلية غير محسوبه من جانب قوات الاحتلال مما يثبت ان المقاومه الفلسطينيه قد نجحت في أن تكون هي الفعل ذاته ! كما نعلم ان الحرب بين جيشين نظاميين يعني ان هناك تطبيقا لقواعد القانون الدولي من المفترض أن يلتزم بها الجانبان لاسيما اتفاقيات جنيف فيما يتعلق بموضوع الاسرى و الامم المتحده نفسها تستطيع ان تعالج المساله بوجود ممثلين للطرفين المتحاربين سواء في مجلس الامن او في الجمعيه العامة.
إذن هناك معايير تطبق على الدول المتحاربه ولدينا الوضع في الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا مثال صحيح إن الحرب طالت ودخلت عامها الثاني لكن تحكمها قواعد الاشتباك الى حد كبير! اما فيما يتعلق بحرب السابع من اكتوبر التي بدأت بهجوم واسع النطاق من كتائب القسام لا توجد لها قواعد اشتباك ! ورد جيش الاحتلال باتباع سياسة الأرض المحروقة واحزمة النار في قطاع غزة!
وحتى يبرروا جرائم الحرب التي ارتكبوها بحق المدنيين العزل روجوا لاكاذيب ونجحوا في نشرها من خلال مايسمى دعاية الفظائع أو atrocity propaganda وكان الرئيس الأمريكي بايدن اول من كذب وسار على نهجه قادة الاتحاد الأوروبي وغضوا الطرف عما هو واقع على الأرض من تطهير عرقي وإبادة جماعية للشعب الفلسطيني ! وللأسف الرأي العام العالمي من كثرة ترديد أكاذيب حرق الاطفال وقطع رءوس النساء الاسرائيليين من قبل كتائب القسام وقالوا إن حماس هي داعش وللاسف صدق العالم الغربي هذه الدعاية المغرضة!
لكن الكذب نهايته أقرب والحقيقة هي التي تفرض نفسها واضطر هؤلاء أن يغيروا النبرة إلى البحث عن الحلول السياسية والتمييز بين حماس وشعب غزة الذي لا ذنب له فيما يحدث ودعوا إلى ضرورة فتح معبر رفح لدخول المعونات المكدسة في الجانب المصري من المعبر ! كيف يمكن فتح معبر رفح لدخول المعونات والقوات الاسرائيليه تكون بدك بوابة الجانب الفلسطيني من هذا المعبر ؟
كيف يمكن ان تدخل المعونات لشعب يتعرض لمجازر يوميه هي هولوكوست جديد ولكن ليس لليهود إنما للفلسطينيين؟
إن العالم قد وقع في خطيئه كبرى عندما انساق وراء الدعايه الصهيونيه التي صورت المقاومه الفلسطينيه على انها مجموعات من الحيوانات البشريه لانهم قاوموا ودافعوا عن حقهم في الحياه! إن حرب السابع من اكتوبر كما قلنا هي متغير جديد في الصراع العربي الاسرائيلي حيث انه للمرة الأولى تضرب الدوله العبريه في عقر دارها عندما طالت الصواريخ الفلسطينيه مطار بن غوريون وتل أبيب وعسقلان واسدود ومستوطنات سديروت والجليل الاعلى !
ويبقى تحليل مضمون المواقف العربية وتفسير ردود فعلها تجاه ماحدث في غزة ومحاولة استشراف المستقبل للمدى المنظور لاي فعل عربي اقول للحديث بقية !
*كاتب المقال رئيس قطاع الأخبار الأسبق بالهيئة الوطنية للإعلام.
