قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان الأحد إن الولايات المتحدة تعتزم شن مزيد من الضربات على جماعات تدعمها إيران في الشرق الأوسط بعد توجيهها بالفعل ضربات لفصائل متحالفة مع طهران في العراق وسوريا واليمن خلال اليومين الماضيين.
وشنت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات على 36 هدفا للحوثيين في اليمن في ثاني يوم من العمليات الأميركية الكبرى ضد جماعات على صلة بإيران بعد هجوم مميت على جنود أميركيين الأسبوع الماضي.
وقال سوليفان في تصريحات لشبكة (إن.بي.سي) “نعتزم شن مزيد من الضربات واتخاذ إجراءات إضافية لمواصلة إرسال رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة سترد عندما تتعرض قواتنا لهجوم وعندما يتعرض أفراد من شعبنا للقتل”.
وهذه أحدث ضربات في صراع تتسع رقعته في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر حين شنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) هجوما على إسرائيل من قطاع غزة مما أشعل فتيل حرب اجتذبت عددا من الجماعات المسلحة المتحالفة مع طهران لشن هجمات على عدة جبهات.
وتتواصل جهود إدارة بايدن للحيلولة دون اتساع نطاق الحرب، إذ غادر وزير الخارجية أنتوني بلينكن في زيارة للمنطقة مساء الأحد.
وأطلقت جماعة حزب الله اللبنانية النار على أهداف إسرائيلية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية في حين استهدفت فصائل عراقية القوات الأميركية في العراق وسوريا بينما تهاجم حركة الحوثي اليمنية السفن في البحر الأحمر وإسرائيل ذاتها.
وتتجنب إيران حتى الآن الضلوع بأي دور مباشر في هذا الصراع رغم دعمها لتلك الجماعات. وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنها لا ترغب في خوض حرب مع إيران ولا يعتقد أن طهران تريد الحرب أيضا.
وأحجم سوليفان عن التعليق على ما إن كانت الولايات المتحدة ستهاجم مواقع داخل إيران، وهو الأمر الذي يحرص الجيش الأمريكي بشدة على تجنبه.
وقال سوليفان في وقت سابق اليوم “ما حدث الجمعة كان بداية ردنا وليس نهايته، وسيكون هناك مزيد من الخطوات بعضها مرئي وبعضها ربما غير مرئي”. وأضاف “لن أصفها بأنها حملة عسكرية مفتوحة”.
وأعلن الجيش الأمريكي أنه شن ضربات جوية ضد خمسة صواريخ في اليمن الأحد، أحدها مصمم للهجوم البري والأربعة الآخرون لاستهداف السفن، وذلك بعد ساعات من إعلانه استهداف 13 موقعا في أنحاء المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون شملت مخازن أسلحة وأنظمة ومنصات إطلاق صواريخ وغيرها من المعدات التي يستخدمها الحوثيون لمهاجمة السفن في البحر الأحمر. وقال يحيى سريع المتحدث باسم حركة الحوثي إن الضربات الأمريكية “لن تمر دون رد وعواقب”.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم” على وسائل التواصل الاجتماعي إن القوات الأميركية “نفذت ضربة دفاعا عن النفس ضد (…) صاروخ كروز حوثي للهجوم البري”، ثم قصفت في وقت لاحق “أربعة صواريخ كروز مضادة للسفن، جميعها كانت معدة للإطلاق ضد سفن في البحر الأحمر”.
وأضافت أن القوات الأمريكية “حددت الصواريخ في مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن وقررت أنها تمثل تهديدا وشيكا على سفن البحرية الأميركية والسفن التجارية في المنطقة”.
وفي وقت سابق الأحد، قال محمد عبدالسلام المتحدث باسم الحركة في بيان “استمرار العدوان الأميركي البريطاني على بلدنا لن يحقق للمعتدين أي هدف، بل يزيد من مآزقهم ومشاكلهم على مستوى المنطقة، وقرار اليمن بمساندة غزة ثابت ومبدئي ولن يتأثر بأي اعتداء”.
وأضاف “بشأن القدرات اليمنية العسكرية، نحب أن نؤكد أنها ليس من السهل تدميرها وقد أعيد بناؤها في ظل سنوات حرب قاسية”.
وسيزور بلينكن السعودية مصر وقطر وإسرائيل في الأيام المقبلة في خامس جولة له بالمنطقة منذ أكتوبر تشرين الأول والتي ستركز على دفع المحادثات بشأن عودة الرهائن الذين تحتجزهم حماس في قطاع غزة مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة.
كما سيسعى لدفع إبرام اتفاق ضخم بين السعودية وإسرائيل لتطبيع العلاقات، والذي يتوقف على إنهاء الحرب في غزة واتخاذ خطوات من أجل إقامة دولة فلسطينية في المستقبل.
وتتزامن الضربات في اليمن مع حملة انتقامية أمريكية تتكشف بعد مقتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم بطائرة مسيرة شنه مسلحون مدعومون من إيران على موقع في الأردن قبل أسبوع.
ونفذت الولايات المتحدة الجمعة الموجة الأولى من هذا الانتقام، إذ استهدفت أكثر من 85 هدفا في العراق وسوريا على صلة بالحرس الثوري الإيراني والفصائل التي يدعمها، مما أسفر عن مقتل نحو 40 شخصا.
واستبعد محجوب الزويري، مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر، أي تغيير في النهج الإيراني حتى بعد أحدث ضربات أميركية.
وقال لرويترز “إنهم يبقون العدو خلف الحدود بعيدا. لا يرغبون في أي مواجهة عسكرية مباشرة قد تؤدي إلى هجمات على مدنهم أو وطنهم. سيحافظون على هذا الوضع الراهن”.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الهجمات الأحدث على اليمن هي “انتهاك صارخ للقانون الدولي من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا”، محذرة من أن استمرار مثل هذه الهجمات يشكل “تهديدا مقلقا للسلم والأمن الدوليين”.
وأشار أندرياس كريج، الأستاذ المشارك في كلية كينغز كوليدج بلندن، إلى أنه في حين أن الضربات الأمريكية في العراق وسوريا مثلت تصعيدا من حيث اتساعها وكمية العتاد الذي تم إسقاطه، إلا أنها لم تضرب أهدافا في إيران أو الإيرانيين.
وأضاف “الولايات المتحدة تراجعت عن ذلك لأنه كان سيؤدي إلى مزيد من التصعيد… أعتقد أننا سنرى ردا من هذه الميليشيات أو من إيران على القواعد الأميركية في سوريا والعراق، لكن هذا الرد سيكون محسوبا أيضا”.
ويمارس الجمهوريون الأمريكيون ضغوطا على الرئيس الديمقراطي جو بايدن لتوجيه ضربة مباشرة لإيران.
ويقول الحوثيون، الذين يسيطرون على مناطق كبيرة من اليمن، إن هجماتهم تأتي تضامنا مع الفلسطينيين في وقت تقصف فيه إسرائيل قطاع غزة. لكن الولايات المتحدة وحلفاءها يصفونها بأنها عشوائية وتشكل تهديدا للتجارة العالمية.
وهجرت شركات شحن رئيسية ممرات الشحن في البحر الأحمر بشكل كبير واتجهت إلى طرق أطول حول أفريقيا مما أدى إلى زيادة التكاليف وأجج المخاوف بشأن التضخم العالمي مع حرمان مصر في الوقت نفسه من عائدات قناة السويس بالعملة الأجنبية التي تشتد الحاجة لها.
والهجمات الأمريكية في العراق هي الأكثر فتكا منذ سنوات.
وشارك المئات في مراسم جنازة ببغداد لنحو 17 من أفراد الحشد الشعبي الذين قتلوا في الضربات. وتنضوي تحت لواء قوات الحشد الشعبي العديد من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.
وقال هادي العامري، وهو سياسي عراقي كبير مقرب من إيران، إن الوقت حان لإخراج القوات الأميركية، وهناك 2500 جندي أميركي في العراق في مهمة للمساعدة في منع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية. وعبر العامري عن اعتقاده أن وجودهم الآن شر محض بالنسبة للشعب العراقي.
وبدأ العراق والولايات المتحدة الشهر الماضي محادثات بخصوص إنهاء وجود التحالف بقيادة الولايات المتحدة في البلاد.