مع العشرين من تموز 2024 من المهمّ أنْ نلتقـطَ اللحظة التاريخية لنستذكر ما جاء في الخطاب الشهير للرئيس حافظ الأسد في 20 تموز 1976.
لمَـنْ تجاهلوهُ في حينِـهِ ، ولمَـنْ لم يقرأوه في حينِنـا ، ولمَـنْ لا يريدون أنْ يتذكروه في حينِـه وحينِنا ، رأيتُ من المفيد أنْ أستعيد بعضَ ما تناوله هذا الخطاب ، وكأنّنا معه نـدور على أنفسنا في ما يدور حولنا من أحداث على مـدى ما يقارب الخمسين من السنين.
نـزوح لبناني إلى سوريـا
يقول الرئيس الأسد : “نتيجةَ الأحداث في لبنان دخل سوريا حوالي مليون نسمة منهم نصف مليون لبناني و150 ألف فلسطيني من المقيمين في لبنان ، نستطيع أن نتصوّر حجم المشكلة التي يسبّبها مليون إنسان إلى بلـدٍ عـددُ سكانه تسعة ملايين ، إنَّ الهند – والكلام للرئيس الأسد – لم تستطع تحمُّلَ ضغط عشرة ملايين لاجيء من بنغلادش وقد كانوا سبب الحرب الهندية الباكستانية ، ومـع أنّ عـدد سكان الهند 500 مليون لم تستطع تحمل عـبْء واحد على ستين من عدد سكانها ، ويتابع الأسد : في حالتنا نحن في سوريا النسبة عندنا واحد على تسعة، فلنتصوّر حجم المشكلة …؟”
*** لو أنَّ الريس الأسد لا يزال حيّـاً ، فكيف كان يتصوّر حجم المشكلة في لبنان ونسبة النزوح السوري فيه تقارب الخمسين على مئـة ، وكيف كان يتصوّر نـزوح الملايين من السوريين إلى دول الجوار ، والنزوح الإرهابي إلى سوريا والنزوح الدولي إليها بما يتسبّب بعزلـةِ النظام.
الأهـداف الصهيونيـة
وعن الأهداف الصهيونية في المنطقة ولبنان ، يقول الرئيس الأسد : “إنّ إسرائيل ترغب في إقامـة دويلات طائفية في المنطقة لتكون هي الدولة الأقوى ، وإنّ تقسيم لبنان هـدف تاريخي للصهيونية العالمية ، لأنـه يسقط عنها تهمـة العنصرية ويسقط شعار الدولة الديمقراطية العلمانية …”
مواجهـة المسيحيين
وعن مواجهة المسيحيين بالحسم العسكري في لبنان يقول الرئيس الأسد : “لو تحقّق ذلك سينتج عنه بـروز مشكلة جديدة في لبنان ، مشكلة شعبٍ ما ، مشكلة دين ما ، وستكون دولـةٌ يتوارث أبناؤها الحقد نتيجة القهـر الذي عانوه ، وسيكفرون بكلِّ القِيمِ العربية وبكلِّ قِيـمِ الإسلام .. إذا كنتُ انطلقت من كوني مسلماً فلا بـدّ من أن أكون ضـدّ الثأر والإنتقام ، لأنّ الإسلام ضـدّ الظلم فهو محّبـة وعدل وليس كراهية وبغضاء ..”
إخرجـوا من لبنـان
وعن الخروج السوري من لبنان يؤكّـد الرئيس الأسد : “نحن في سوريا نقبل بأن يقول لنا لبناني أخرجوا من لبنان ، رئيسُ لبنان أو رئيس الوزراء أو رئيس نواب لبنان ، ويمكن أن نقبل ذلك من أيِّ مواطن لبناني ، ولا يمكن أن نقبل بأن يقول لنا أيُّ مواطن فلسطيني : أخرجوا من لبنان ..”
***
أما أنا ، وقد عرفت الرئيس خافظ الأسد في لقاءات عن قُـرب ، فإنني أعتقد أنـه لو بقي حيّـاً وشهد ما حـلّ عنده وعندنا لكان كـرّر هذا الخطاب نفسه حيال ما يـدور حولنا من خطوب .
*كاتب المقال: وزير لبناني سابق.