ما زالت تداعيات المشهد السوري متتالية بعد السقوط السريع لنظام بشار الأسد الذي صمد 13 عاما في وجه الانتفاضات الشعبية التي انطلقت مع طوفان ما عرف بثورات “الربيع العربي” في عام 2011، وظل الرئيس العربي الوحيد الذي نجا من هذا “الربيع” لحين سقوطه المدوي في الثامن من ديسمبر 2024 بع أن تخلت عنه كل من روسيا وإيران.
وحول تفسير ما يحدث في سوريا وانعكاساته على المشهد اللبناني أدلى ساسين ساسين المستشار السياسي لحزب الكتائب في لبنان بتصريحات خاصة لـ”العربي الأفريقي” قائلا: بعض الأمور غير واضحة في الوضع الجديد لسوريا، ولكن بحسب مراقبة الوضع يظهر ما حصل لسوريا فقد تم بتوافق إقليمي دولي لتحقيق عدة أهداف استراتيجية في ظل إنهاء “الأذرع الإيرانية” وتحديدا سوريا.
والتوجه الجديد في سوريا أ تتجه إلى نظام ديمقراطي، عادلا، يراعي حقوق الإنسان، يختلف عن النظام القمعي الذي سقط.. ففي هذه الحالة ينعكس الأمر إيجابا على لبنان.. فقد عانى لبنسان كثيرا من التدخل السوري في شؤونه، آملا سيطرة الدولة في الفترة المقبلة وأن ينحصر السلاح بيد الدولة.
وعن التأييد لما يحدث في سوريا، قال “ساسين”: لست مؤيدا أو غير مؤيد لما يجري في سوريا، ولكن نراقب الواقع الجديد لسوريا ونتعامل معه، فالبيانات الصادرة من المجموعة المسيطرة تقول أنها مع قيام المؤسسات، آملين عدم تفلت الأوضاع وإجراء انتخابات في أقري وقت ممكن.
وعن وجود تشابه كبير لما حدث في سوريا وما حدث للدول العربية التي سقطت أنظمتها في العام 2011 بفضل ما عرف بـ”الربيع العربي” قال “ساسين”: نعم، نفس السيناريو، لكن هناك قناعات أخرى في دول أخرى، فقد تم حل الجيش في العراق وصار تفلتا أمنيا، لكن في سوريا من الواضح أنه ليس هناك حل للجيش السوري، ولكن هناك نظام جديد، ولا اعتقد أن هناك حل للقوى السورية، ولكن حكم جديد.
وعن رأيه في مخطط التقسيم المنتظر لسوريا ضمن المخططات القديمة والتي يتم تحديثها من وقت لآخر، يرى “ساسين” أن الحديث عن مخططات التقسيم لا يخرج عن كونه أكثر من مجرد كلام بكلام، وليس حقيقة أو يمثل واقعا ملموسا، فسوريا على سبيل المثال هناك مجموعات وعرقيات مختلفة تعيش في مساحة ١٨٠ ألف كيلو متر مربع، وممكن أن تصل كل منطقة إلى مرحلة الفيدرالية، ويصير حكما فيدراليا. وخرائط التقسيم التي نراها ونسمع عنها تختلف عن بعضها البعض، ومن المبكر جدا أن نتخيل مستقبل سوريا خلال سنة أو سنتين.
وعن تداعيات الأحداث في سوريا على المشهد اللبناني وخصوصا “حزب الله” يقول “ساسين”: على “حزب الله” أن يتعلم مما حدث له من غزة ومن سوريا وفي الداخل أيضا، وفي النهاية لا شئ يحيي حزب الله سوى مؤسسات الدولة وتطبيق القانون، فأي خروج عن النظام وعن القانون لا يخدم “حزب الله”.
ففي المرحلة الجديدة على “حزب الله” أن يكون عمله في إطار خضوعه إلى المؤسسات والقانون اللبناني والدستور اللبناني، وأن يكون السلاح حصريا بيد الدولة والجيش.
وعن المحور الإيراني، قال “ساسين”: لا شك أن ما يحدث اليوم، برأيي، أن إيران ذاهبة إلى تسوية دولية، خاصة في ظل حالة الضعف التي شهدته خلال الأشهر الماضية بعد اغتيال رئيسها إبراهيم رئيسي، وإعادة فرض العقوبات الدولية والإتيان بالرئيس الحالي مسعود بزشكيان (المتحرر بعض ما)، وإزاحة زعيم حركة حماس إسماعيل هنية، وإزاحة يحيى السنوار، كذلك التخلص من الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وهاشم صفي الدين، و في نهاية المطاف إزاحة نظام سوريا وخروج الإيرانيين وعلى رأسهم حزب الله، وهذا يبرهن أن إيران وافقت على خروجها من المشهد السوري بموجب تسوية دولية.
وعن طموح إيران في استعادة الامبراطورية الفارسية، والتي بدأت رحلته منذ عقود بالسيطرة على ما يعرف بالهلال الشيعي يقول “ساسين”: لا أعتقد أن إيران كانت ستنجح في تحقيق هذا الطموح، واليوم، تم طي أذرع إيران في المنطقة العربية، والتجربة أثبتت أنها لن تتمكن من تحقيق حلمها من إيران إلى الخليج العربي.
فبالرغم من أن إيران تمكنت من السيطرة على خمس عواصم عربية، إلا أن تلك السيطرة فقدت اليوم في ظل هذا المشهد الجديد.
فأنا على قناعة بأن الدولة الإيرانية تراجعت عن حلمها عن الامبراطورية الفارسية، ومحاولتها زعزعة أمن الخليج العربي.