يقدم العدد الجديد من دورية “بدائل” التي تصدر عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، رؤية إستراتيجية للدول العربية من أجل تحقيق المواجهة الفكرية لأفكار الإرهابيين العائدين من تنظيم داعش بعد هزيمته في العراق وسوريا.
وتوضح الدكتورة إيمان رجب رئيس تحرير الدورية فى افتتاحية العدد التى تحمل عنوان “أهمية المواجهة الفكرية للتطرف” أن تزايد تأثير أفكار داعش في العديد من دول العالم أى إلى انشغال الدوائر الأكاديمية والسياسة خلال الفترة الحالية بسؤال محدد مرتبط بمدى فاعلية السياسات التي تبنتها العديد من الدول لمواجهة التهديدات التي يطرحها هذا التنظيم، وتقصد بالفاعلية هنا، قدرة تلك السياسات على تقليص أو الحد من جاذبية أفكار التنظيم.
كما تشير إلى دور وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى فى انتشار هذه الأفكار، ومساهمة تلك الوسائل فى تحويل المدة اللازمة لتجنيد أتباع جدد من فترة لا تقل عن ستة أشهر إلى مدة لا تتطلب أكثر من أسبوع.
كما توضح الدكتورة إيمان رجب أن هذا الوضع يجعل مواجهة تنظيم داعش تتطلب صياغة حملات فكرية قادرة على تفنيد أفكار التنظيم وأيضا طرح أفكار بديلة لها، وهو ما يؤدي إلى تزايد أهمية تبني المدخل الفكري في التعامل مع الأفكار المتطرفة والمنحرفة لتنظيم داعش، وذلك مع استمرار المواجهات العسكرية معه في العراق وسوريا والتي يقودها التحالف الدولي.
فى الدراسة الرئيسية لهذا العدد والتى تحمل عنوان “رؤية إستراتيجية لتحقيق الأمن الفكري في مرحلة ما بعد هزيمة داعش”، يجادل الدكتور عبد الغفار الدويك الأستاذ المشارك للعلوم الإستراتيجية والأمنية بجامعة نايف للعلوم الأمنية، أن أفكار تنظيم داعش هي تعبير عن الفكر المنحرف الديني، والذي يعد أحد درجات وصور التطرف.
ويرى الدكتور الدويك أن أشكال ومظاهر الانحراف الفكري السائدة بين الشباب في المجتمعات العربية تعبر عن حالة من الاقتناع بكون العنف هو الوسيلة الوحيدة التي تحقق الأهداف، وهو ما ينتج عنه القيام بالعمليات الإرهابية، وأن الانحراف الفكري الذي يعبر عنه داعش هو نتاج مجموعة من العوامل، منها ضعف الانتماء الوطني، وتغيب الهوية الفكرية والثقافية، والتغير في أنماط السلوك، مما أضعف قناعات المواطنين الدينية والوطنية والأيديولوجية.
ويتبنى دكتور الدويك مفهوم الأمن الفكري باعتباره المفهوم الرئيسي الذي ترتكز عليه الرؤية التي يقترحها في هذه الدراسة. ويرى أن أي مواجهة فكرية لأفكار داعش والعائدين منه تتطلب شراكة حقيقية بين مؤسسات الدولة الأمنية والمؤسسات الثقافية والدينية في المجتمع، فضلا عن منظمات المجتمع المدني، بحيث تستهدف في جوهرها بث أفكار دينية تعكس التعاليم السمحة للدين الإسلامي من خلال مؤسسات التنشئة المختلفة.