لم تهنأ السلطات القطرية بإسقاط مشروط من منظمة العمل الدولية لشكوى ضد الدوحة حول أوضاع العمالة حتى تجدد الملف ثانية في ظل اتهامات في بريطانيا للقضاء القطري بالتستر حول الظروف الغامضة لوفاة عامل بريطاني في يناير الماضي.
وحذر المجلس الاستشاري للجنة حقوق الإنسان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) من عواقب نظام الكفالة القطري على العمال الذين يتولّون بناء ملعب، وحث الفيفا بالضغط على الحكومة القطرية للتخفيف من المأساة التي يعيشها الآلاف من العمال هناك والذين يعملون في تشييد الملاعب الخاصة بكأس العالم 2022، واصفا حالتهم المزرية بالاستعباد المعاصر.
وجلبت قطر عمالة يقدر عددها بـ12 ألف عامل من دول فقيرة منها الهند ونيبال وبنغلادش للعمل في تشييد 8 ملاعب، ويتوقع أن يزيد هذا العدد إلى 36 ألف عامل العام المقبل.
ونقلت صحيفة الجارديان البريطانية عن أقارب العامل البريطاني زاك كوكس بأنهم مصابون بالذهول والغضب بسبب صمت السلطات القطرية وعدم الكشف عن ملابسات وفاته طيلة الأشهر الماضية، ما أصاب أقاربه بالذهول والغضب.
وتوفي كوكس فى يناير الماضي بعدما سقط من ارتفاع 40 مترًا بسبب فشل معدات السلامة، وأبلغت السلطات أسرته بأن هناك تقريرًا يتضمن معلومات هامة عن ظروف وفاته، ولكنه لم يرسل إليهم أو للطبيب الشرعي البريطاني الذي يحقق في وفاته.
وخلال هذا الأسبوع انتقد الطبيب الشرعي الأمر، مما يثير تساؤلات حول ما فعلته وزارة الخارجية البريطانية لدفع السلطات القطرية إلى شرح أسباب وفاة كوكس.
وقالت الغارديان إن الهيئة التي تشرف على كأس العالم لم تتول الاتصال مع العائلة حول الحادث، كما فشلت شركة البناء التي تم التعاقد معها لبناء ممرات سقف في الملعب، والتي كان يعمل كوكس عليها، في نقل المعلومات والرد على رسائل البريد الإلكتروني العائلية التي تبين مخاوفهم.
ولم تتمكن الشرطة البريطانية من استخراج معلومات من النظام القضائي القطري غير الواضح، أو مجموعة من الشركات المشاركة في العمل.
وتوفيت زوجة كوكس في عام 2015، وحاولت شقيقتاه إيلا جوزيف وهازل مايز، اكتشاف الحقيقة وراء وفاته.
وقالت جوزيف للصحيفة “بعد عشرة أشهر ما زلنا لا نملك توضيحًا رسميًا عن سبب وفاة شقيقنا، ولم يكن لدينا أيّ ضمان بأن هذا الحادث المروّع لن يحدث مرة أخرى”.
واتفق الطبيب الشرعي، يوم الخميس الماضي، على طلب الأسرة بتأجيل إغلاق التحقيق على أمل أن يتم الإفراج عن المزيد من المعلومات وتحسين مستويات التعاون، وأكدت شقيقتا كوكس أن أهم شيء بالنسبة إليهما هو معرفة كيف توفي شقيقهما.
وأعلن عدد من المنظمات والمؤسسات الحقوقية تأسيس لجنة “الإنصاف الدولية” لضحايا بطولة كأس العالم 2022 في قطر من العاملين في تشييد المنشآت الخاصة بالمونديال، وذلك في اجتماع أقيم الخميس في فيينا.
وتأتي هذا الخطوة لترفد تقارير حقوقية سابقة كشفت عن الأوضاع المتردية للعمالة وتدني الأجور والساعات الطويلة للعمل والإقامة في غرف لا تصلح غالبيتها للعيش الآدمي، فضلا عن غياب أيّ ضمانات قانونية بالرغم من التخلي عن نظام الكفالة.
وقال متابعون لمراحل تقدم المنشآت إن أوضاع العمالة في قطر من الصعب أن تتحسن، وعلى العكس فهناك مؤشرات على أنها تسير نحو الأسوأ بالرغم من الالتزام الذي قدمته الدوحة لمنظمة العمل الدولية، واصفين هذا الالتزام بأنه حيلة لربح الوقت والاستمرار بتشييد المنشآت.
وأعلنت قطر، الأسبوع الماضي، عن اتفاقية تعاون لـ3 سنوات مع منظمة العمل الدولية بهدف إصلاح وتحسين ظروف العمّال المهاجرين بما في ذلك نظام الكفالة، وهي إجراءات لا تزال غير كافية بالنسبة إلى الحقوقيين بالنظر إلى سجل قطر في المراوغة والالتفاف حول الاتفاقيات.
وقالت فابيان غوا المتخصصة في شؤون الوافدين في الخليج لدى منظمة العفو الدولية “إذا رغبت قطر في إظهار جديتها بشأن وعود الإصلاح ينبغي عليها أن تؤكد على إلغاء تصاريح الخروج على نحو لا لبس فيه بما يمكّن جميع العمالة الوافدة من العودة إلى بلدانها دون الحاجة إلى إذن أرباب العمل”.