ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح اليوم كلمة في مقر البرلمان القبرصي عقب انتهاء مباحثاته مع الرئيس القبرصي.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام البرلمان القبرصي:
فخامة الرئيس نيكوس أنستاسيادس رئيس جمهورية قبرص السيد ديميترس سيلوريس رئيس برلمان دولة قبرص السادة نواب البرلمان.. السادة الحضور..
“أشعر بالفخر لتواجدي بينكم اليوم في مجلسكم الموقر، وأود بدايةً أن أتقدم لكم بالتحية لتمسككم بدورية انعقاد جلسات المجلس، بما يعكسه ذلك من ترسيخ لمبادئ الديمقراطية رغم استمرار القضية القبرصية دون تسوية حتى الآن، حيث كنت أتمنى أن أتواجد بينكم اليوم بكامل الهيئة للمجلس، وبحضور الأعضاء المتغيبين عن جلساته منذ ديسمبر 1963.
“وإنني على ثقة أن إصراركم وجهودكم الصادقة الدؤوبة، تحت قيادة الرئيس أنستاسيادس ستسفر يوماً عن تسوية هذه القضية المصيرية والحيوية ليس لكم ولشعب قبرص فقط؛ ولكن لمنطقة شرق المتوسط بأسرها.
“إن حرصي على التواجد بينكم اليوم يأتي استمراراً للموقف المصرى المؤيد لجهود قبرص السلمية لمحاولة إعادة توحيد الجزيرة، وتأكيداً على مساندتنا لتلك الجهود بالشكل الذي يتطلع إليه الشعب القبرصى.
السيدات والسادة، “إن روابط الصداقة والمودة بين شعبينا تضرب بجذورها عبر التاريخ إلى وقتنا هذا ، وإنني لأشعر اليوم باعتزاز لأنقل لكم رسالة تقدير من الشعب المصري على مواقف شعبكم النبيلة في دعم التطورات السياسية المهمة التي شهدتها مصر خلال السنوات القليلة الماضية بعد ثورة 30 يونيو عام 2013، والتي أكد خلالها الشعب المصري على هويته التاريخية العريقة، وتطلعه إلى الدولة المدنية الحديثة، من خلال مشاركته الكبيرة فى مختلف مراحل التحول الديمقراطي في مصر التي بدأت بالاستفتاء على الدستور الجديد فى يناير 2014 ثم الانتخابات الرئاسية فى مايو 2014 وصولا إلى الانتخابات التشريعية وتأسيس مجلس النواب الحالى في ديسمبر 2015، والذي يضم 596 نائباً ويشهد أكبر نسبة تمثيل للمرأة والشباب علاوة على تمثيل ذوى الاحتياجات الخاصة.
السيد رئيس البرلمان ، السادة النواب ، “لقد كانت مصر وطناً ثانياً للمواطنين القبارصة الذين عاشوا فيها لفترات طويلة وما زالوا مرتبطين بها وبشعبها، كما ساندت مصر حركة التحرر الوطنى وكفاح الشعب القبرصي من أجل الحصول على الاستقلال عام 1960، يُضاف إلى ذلك علاقات الصداقة بين الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس مكاريوس والتي ساهمت في تعزيز أواصر الصداقة بين شعبي البلدين. “من جانب آخر ساند الرئيس مكاريوس جهود مصر في تأسيس حركة عدم الانحياز ، كما شارك كذلك في القمة الثانية للدول الأعضاء التي عقدت في القاهرة عام 1964، والتي أعربت عن شواغل الحركة حيال التهديدات التى تعرضت لها قبرص آنذاك، ودعت الدول الأعضاء إلى الالتزام بميثاق الأمم المتحدة من خلال تأكيد دعم استقلال قبرص وسيادتها ضد أية تدخلات خارجية.
“وفى إطار هذا التاريخ الكبير من العلاقات المتميزة بين الشعبين المصرى والقبرصي، أود أن أعرب اليوم عن تطلعنا إلى تعزيز العلاقات بين برلمانى البلدين، وتفعيل جمعية الصداقة البرلمانية بين بلدينا للارتقاء بالبعد الشعبي للعلاقات المتميزة بين مصر وقبرص، وهو الأمر الذي لمست اهتمام مجلسكم الموقر به خلال لقائى مع الرئيس السابق لمجلس النواب القبرصى أثناء زيارته إلى مصر فى أبريل 2016.
السيدات والسادة ، “تمر منطقة شرق المتوسط بفترة من عدم الاستقرار نتيجة مجموعة أزمات متلاحقة ومتشابكة، حيث تسببت الأوضاع في سوريا وليبيا في موجات غير مسبوقة من الهجرة غير الشرعية، كما نتج عن هذه الأزمات تزايد قدرات وأنشطة العناصر الإرهابية، بما يضع علينا جميعاً مسئولية كبيرة للتأكد من تحقيق الحماية اللازمة والواجبة لشعوبنا من هذه الأخطار، باعتبار الحق في مقاومة الإرهاب أحد أهم حقوق الإنسان، حيث لا يمكن تحقيق تطلعات الشعوب نحو المستقبل الأفضل، دون تأمين حقهم في الحياة الآمنة أولاً.
“وأود أن أنتهز تلك المناسبة لأعرب للشعب القبرصى عن تقديرنا العميق لدعمه لمصر في حربها ضد الإرهاب، الذي يهدف إلى زعزعة استقرار الشعب المصري وأمنه، وإحداث تمزق في النسيج الاجتماعي لشعبٍ عظيم أثبت على مدار التاريخ وحدتَه غير القابلة للانقسام، ونبذه للأفكار المتطرفة، وحرصه على التعايش السلمي بين كافة أبنائه. “كما أؤكد أيضاً التزامنا بالتعاون مع الحكومة القبرصية لتوفير الأمن لشعبينا ولكافة شعوب المنطقة، التي تُساند مؤسساتها الوطنية في حربها ضد الإرهاب الآثم، بما يمثله من أخطار على حياة الشعوب.
“إننا نؤمن أن التصدي للإرهاب باعتباره أحد أهم المخاطر التى يتعرض لها العالم، لن يتأتَّى إلا من خلال تضافر جهود المجتمع الدولي على عدة مستويات يتم العمل فيها بالتوازي: سياسياً من خلال التصدي بحسم للدول الداعمة والممولة للإرهاب؛ وأمنياً من خلال تبادل المعلومات والخبرات؛ وتنموياً من خلال توفير الظروف المعيشية الكريمة للمواطنين؛ وثقافياً من خلال تعزيز الحوار بين الحضارات وتطوير الخطاب الديني والفكري بهدف قطع الإرهاب من جذوره..وهي كلها جهودٌ نعمل على تبنيها في مصر لتصبح نموذجاً للمنطقة التي نأمل أن تستعيد هدوءها واستقرارها.
“وفى هذا السياق، فقد كان طبيعياً ان تسعى مصر لتعزيز التنسيق السياسي مع قبرص لمواجهة التحديات التى تمر بها المنطقة، بشكلٍ يعكس العلاقات التاريخية والثقافية القوية بين البلدين، ويسهم في الارتقاء بقدرتنا على التصدي للمشكلات التي تواجهنا.
فخامة الرئيس نيكوس أنستاسيادس رئيس جمهورية قبرص السيد ديميترس سيلوريس رئيس برلمان دولة قبرص السيدات والسادة ، “لقد أتيت لقبرص اليوم، وكلي ثقة أننا سننجح في التغلب على التحديات التي تفرضها علينا الأوضاع في شرق المتوسط، وأن حكومتى البلدين ستظلان تحظيان بدعم مجلسي النواب في الدولتين في هذا الصدد ، وآمل أن تنجح تلك الزيارة فى فتح مجالات جديدة للتعاون بين مصر وقبرص وتدفع أُطُر التعاون القائمة بالفعل بين البلدين إلى آفاق أرحب وأوسع. مرة أخرى، أتوجه بالشكر لكم جميعاً على استضافتي بينكم اليوم، متمنياً لكم دوام التوفيق والنجاح لتحقيق مصالح الشعب القبرصي الصديق..(والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). وكان الرئيس السيسي قد قام ظهر اليوم بزيارة البرلمان القبرصي في إطار زيارة سيادته لقبرص والتي تمتد لمدة يومين.
وصرح السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس عقد جلسة مباحثات ثنائية مع ديمترس سيلوريس رئيس البرلمان القبرصي، حيث أعرب سيادته عن سعادته بزيارة البرلمان القبرصي والالتقاء برئيسه وإلقاء كلمة أمام نواب المجلس مؤكداً اعتزازه بما يمثله ذلك من تقدير وما يعكسه من عمق العلاقات بين مصر وقبرص على مختلف المستويات.
وقال المتحدث : تم التأكيد خلال اللقاء على الحرص المتبادل بين الدولتين على دفع العلاقات المتميزة بين الشعبين المصري والقبرصي، خاصة على صعيد العلاقات البرلمانية من خلال تفعيل جمعية الصداقة البرلمانية للارتقاء بالبعد الشعبي لهذه العلاقات. كما تناول اللقاء عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأضاف : إن الرئيس شارك بعد ذلك في جلسة خاصة للبرلمان القبرصي حيث ألقى رئيس البرلمان القبرصي كلمة أشار فيها إلى أن هذه الجلسة الخاصة بحضور سيادته تعد حدثاً تاريخياً في قبرص، مشدداً على قوة العلاقات بين البلدين ووقوف مصر إلى جانب استقلال قبرص ودعمها لقضيتها.
كما أكد رئيس البرلمان القبرصي خلال كلمته حرص بلاده على تعزيز علاقات الشراكة القوية التي تجمعها مع مصر، ودفعها للأمام على كافة الأصعدة.